المشهد الثقافي والإعلامي في الجزائر شهد موجة جديدة من الجدل بعد بث حلقات من المسلسل الرمضاني "البراني" عبر شاشة قناة الشروق، حيث تميزت بمحتواها الجريء والمثير للجدل. في تحول غير مسبوق، استطاعت حلقة معينة أن تلفت الانتباه بشكل كبير من خلال تصويرها لمشهد يتضمن إشارات محتملة للاستهزاء بالعالم الجليل ابن خلدون، مما أثار عاصفة من الانتقادات والتفاعلات على مختلف الأصعدة الاجتماعية والثقافية في الجزائر.
البراني يثير جدلاً كبيراً في الجزائر
المسلسل، الذي سعى في الأصل لتقديم محتوى كوميدي يناسب أجواء شهر رمضان، وجد نفسه في قلب عاصفة انتقادات بعد تناوله لمواضيع حساسة بأسلوب جريء. الجدل الأبرز كان مركزاً حول مشهد يُظهر الفنانة عايدة عبابسة وهي تقلل من شأن ابن خلدون بطريقة كوميدية، مما اعتبره الكثيرون تجاوزاً للحدود الثقافية والأخلاقية.
الحلقات الأخرى من المسلسل لم تسلم أيضاً من الجدل، حيث تضمنت مشاهد تتناول قضايا مثل تعاطي المخدرات بطريقة قد تُفهم على أنها ترويج أو تساهل مع هذه السلوكيات، مما أثار استياء سلطة الضبط ودعوات لمراجعة المحتوى المقدم.
المجتمع الثقافي والأكاديمي في الجزائر لم يتأخر في التعبير عن رفضه واستيائه من المسلسل، معتبرين أن الطريقة التي تم بها التعاطي مع شخصية بحجم ابن خلدون تنم عن قلة احترام للإرث الثقافي والعلمي للمغرب العربي. على وسائل التواصل الاجتماعي، تفاعل الجمهور بشكل واسع مع المشهد، ما بين مستنكر للتجاوز ومدافع عن حرية التعبير الفني.
في ظل هذه الأجواء المتوترة، شهد الوسط الفني والثقافي في الجزائر مبادرة لافتة من قبل نشطاء ومهتمين بالسينما والتلفزيون، حيث تم إنشاء صفحات ومنصات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي لمراقبة الأعمال التلفزيونية التي تُبث خلال شهر رمضان. الهدف من هذه المبادرات هو نقد الأعمال فنياً وتقنياً، والتأكيد على أهمية الحفاظ على المعايير الثقافية والأخلاقية في الإنتاجات الفنية.
النقاش الذي أثير حول "البراني" يسلط الضوء على التوتر القائم بين الحرية الفنية والمسؤولية الثقافية والاجتماعية في الجزائر. يظهر هذا الجدل الحاجة الماسّة لخلق حوار بناء يجمع بين صناع الأعمال الفنية والجمهور والمؤسسات الثقافية لتحقيق توازن يحترم الإرث الثقافي ويعزز الوعي الاجتماعي، مع الحفاظ على ثراء وتنوع الفن الذي يعكس الواقع الجزائري بكل تعقيداته.