كشف الفنان محمد عساف، ابن فلسطين، في أول لقاء مصور له منذ بداية أحداث الحرب على غزة، عن كل ما عاشه خلال الفترة الأخيرة من مشاعر مختلطة، وشعور بالعجز؛ كونه غير قادر على تغيير أي شيء لمساعدة أهالي القطاع.
وتحدث عساف باكياً، خلال استضافته في بودكاست "تخيل"، الذي نُشر عبر اليوتيوب، يوم الثلاثاء 20 فبراير/شباط 2024، عن بعض الذكريات التي جمعته بأهل غزة، والذي قال إنه يشعر بالخجل أمامهم.
محمد عساف: أحداث غزة لم نرَ مثلها حتى في الأفلام
وفي التفاصيل، وصف الفنان محمد عساف الأحداث التي حصلت في قطاع غزة، بأنه لم يرَ مثلها، ولم يشاهدها أحد حتى في الأفلام، مشيراً إلى فظاعة ما يقوم به جيش الاحتلال بحق المدنيين، منذ أكثر من 140 يوماً.
كما أشار إلى أنه، ومع كل ما يحصل، لا يمكن لأي أحد أن يفقد الأمل في التحرير والاستقلال؛ إذ قال: "لا يمكن أن نفقد الأمل، الأمل في الله وفي شعبنا وأهلنا، رغم كل اللي بيصير فيهم، هو أكبر من كل شيء، الغزازوة شعب ولاد، مستحيل يقدروا يتغلبوا عليه، حتى بعد محاولاتهم اللي دامت 76 سنة".
فيما ذكر صاحب أغنية "أنا دمي فلسطيني"، أن السبب الذي جعله يتأخر في الظهور أمام الجمهور من أجل إعلان دعمه لأهل غزة كان لسبب وحيد، وهو جهله الطريقة الصحيحة التي يجب أن يعبر بها، وأضاف: "كتير تغيرت في الفترة الأخيرة، مش عارف اللي أنا بعملو صح أو أوفر".
ثم تحدث عن المشاعر التي تخالجه وعبَّر عنها بالقول: "الواحد جياه غضة من قاع قلبو، إحنا اللي عندنا أهل في الداخل متألمين ومصدومين ومدمرين، وهذه هي الحقيقة".
هكذا كانت الحياة في غزة قبل الحرب
في قسم آخر من اللقاء تحدث نجم برنامج "عرب أيدول" عن حياته في قطاع غزة، وقال إن الناس هناك يمتازون بالجود والكرم والسخاء والقوة والطيبة والصبر.
وأشار إلى أن الغزاوي من الممكن أن يلجأ لأن يستلف من الآخرين من أجل إكرام ضيفه، حتى في أصعب الأوقات، والتي يكون فيها الغذاء قليلاً داخل القطاع.
كما تحدَّث محمد عساف عن طفولته، خصوصاً خلال فترة الدراسة، حيث أشاد بطريقة تدريس الأساتذة، ومهاراتهم الكبيرة في التلقين، مؤكداً أنه مازال يتذكر أسماء أساتذته ولم ينسَ منهم أحداً.
وأشار كذلك إلى أن أهل قطاع غزة هم عائلة واحدة، إذ إن الطبيعي أنَّ مَن هم في الجنوب يعرفون جيداً جميع سكان الشمال والوسط، وغيرها من المناطق الأخرى، وأضاف: "أهلي مش عيلة عساف بس، أهلي كل غزة".
وعن الخروج من غزة عبر معبر رفح، قال إن هذا الأمر شبه مستحيل، وهذا ما عاشه بشكل شخصي، عندما أراد السفر إلى مصر من أجل المشاركة في برنامج "عرب أيدول".
اتصال هاتفي من صديق في غزة.. أصعب لحظة على عساف
أشار محمد عساف في لقائه خلال بودكاست "تخيل" إلى أنه يشعر بأنه عاجز، وقال: "احنا ولاد غزة اللي في الخارج حاسين حالنا مكبلين مهما عملنا".
وقد تحدّث عن واحدة من بين أصعب اللحظات التي عاشها خلال الحرب، والتي جعلته يشعر بألا قيمة له وسط كل هذه الأحداث، وذلك بعد اتصال من صديق مقرب له.
إذ قال الفنان محمد عساف إنه وبعد عناء طويل تمكَّن هذا الصديق من الاتصال به، والحديث معه لدقائق معدودة، إذ كانت أول جملة بينهما هي سؤاله عن أحواله، الشيء الذي جعله يستغرب، وقال: "كيف هو اللي في الحرب قاعد يسألني أنا عن حالي، ما قدرت أستوعب".
وأضاف أن صديقه وبكل ثبات قال له إنه فقد ابنه الوحيد وزوجته في القصف، وكان يردد "الحمد لله" بشكل مستمر، الشيء الذي جعله يشعر بإحساس سيئ جداً، يختلط بين العجز والحيرة والبكاء، وقال: "الواحد بيحس حالو صغير أمام كل ما يحصل".
وقد أشار في بقية اللقاء إلى أحد المشاهد الصعبة التي وصلته عن سكان القطاع، وهو أن البعض من كثرة الجوع يقومون بربط حجارة على بطونهم، من أجل إسكاتها، وذلك لأن لا شيء أمامهم للأكل، خصوصاً مع منع المساعدات من الدخول.
دموع وعجز.. الفنان محمد عساف يكشف تفاصيل جديدة
وفي سياق ذي صلة، قال الفنان محمد عساف إنه حاول الدعم بما يمكن من خلال صوته ومواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما قام به بالفعل، إذ إنه كان ينشر عن القضية بشكل مستمر، وأصدر أغنية تحمل عنوان "غزة العزة"، تحكي عن الواقع المعاش في القطاع.
وعن صعوبة الحديث عن الموضوع في "السوشيال ميديا"، بسبب القوانين التي تمنع ذلك، أشار عساف إلى أنه كان يتعرض للعديد من التضييقات، الشيء الذي كان يمنع محتواه من الوصول بسرعة إلى الجمهور.
ثم أشار إلى أنه منذ بداية الأحداث لم تعد صفته فناناً، وقال: "أنا أتكلم بصفتي إنساناً، ومحمد عساف الفنان لا يعني لي شيئاً، ولا أحد أهم من عائلتي، والقصد هنا كل سكان قطاع غزة".
وأشار وهو يذرف الدموع إلى أنه يشعر بالخجل لأنه جاء للمقابلة، وأنه يبكي لأن الشعور بالعجز الذي يعيشه يجعله يحس بالعار؛ كونه غير قادر على تغيير أي شيء.