بين العيش في الأراضي المحتلة، والعمل متطوعة في مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني، لمساعدة اللاجئين الذين يفتقرون إلى الرعاية الصحية، بسبب الأوضاع الصعبة التي يعيشونها بعد التهجير، هكذا اختارت المخرجة الكندية أناييس باردو لافاليت لفت الأنظار إلى القضية الفلسطينية، وكشف حقائق لا يعرفها العالم عن الوضع الداخلي.
هذا الفيلم، الذي يحمل عنوان "إن شاء الله"، وتم إصداره سنة 2012، حظي بتفاعل كبير من طرف الجمهور، بعد عرضه في عدة مهرجانات عالمية، وحصوله على جوائز مهمة، من بينها جائزتان في مهرجان برلين السينمائي الدولي لسنة 2013، وجائزة الأكاديمية الكندية للسينما والتلفزيون "جيني أورد" للسنة نفسها.
كما أنه حصل على إيرادات مهمة، بعد عرضه في كل من السينمات الكندية وبعض الدول الأوروبية، من بينها بلجيكا.
"إن شاء الله".. الوجه الحقيقي للاحتلال
يحكي فيلم "إن شاء الله" قصة طبيبة كندية تدعى كلوي جاءت من مدينة كيبيك، من أجل العمل بمستشفى للهلال الأحمر في مدينة رام الله الفلسطينية بالضفة الغربية.
إلا أن هذه الطبيبة الشابة ستكون مضطرة إلى العيش في مدينة القدس المحتلة، والتنقل يومياً عبر نقاط التفتيش التي تفرضها سلطات الاحتلال، من أجل العبور والوصول إلى مخيمات اللجوء والمستشفى الذي تعمل به.
ويتمحور عمل الطبيبة كلوي في العناية بالنساء الحوامل بالضفة الغربية، والإشراف على وضعهن إلى أن يحين موعد الولادة.
وخلال فترة عملها ستتعرف على إحدى النساء الحوامل، وهي راندة التي تم اعتقال زوجها، وحبسه في سجون الاحتلال، وتكوّن معها علاقة صداقة قوية، الشيء الذي يجعلها تعرف أكثر عن الأراضي المحتلة، والقصة وراء استيطان اليهود بمناطق الخط الأخضر، في الوقت الذي يعيش فيه الفلسطينيون في مخيمات اللجوء.
وبحكم عيشها في القدس المحتلة، تتعرف كلوي كذلك على فتاة يهودية منخرطة في سلك الدفاع بالجيش الإسرائيلي، وتصبح بدورها صديقة لها.
وبين معرفتها تفاصيل كثيرة عن حياة الفلسطينيين والظلم الذي يعيشونه، بفضل صديقتها راندة وعائلتها التي كانت تستضيفها بشكل مستمر، وتقربها من اليهودية التي تخدم في الجيش الإسرائيلي، تجد كلوي نفسها في حالة تمزق بين الجانبين، وغير قادرة على تحديد موقفها من الوضع الداخلي.
ومن أجل الوصول إلى طريق مشترك، تحاول الطبيبة الكندية خلق جسر رابط بين صديقتيها، الفلسطينية والإسرائيلية، إلا أن الأوضاع التي يغلب عليها الصراع الدائم، جعلتها تعرف أن طريقتها بإيجاد حل بشكل فردي لن يكون مجدية.
كواليس فيلم "إن شاء الله"
تم تصوير الفيلم في كل من مدينة "رام الله" على طول الجدار الفاصل بين الأراضي المحتلة، وفي مخيمات اللجوء الموجودة في الأردن، وقد تم تصوير بعض اللقطات بالهاتف المحمول فقط.
وقد اختارت المخرجة والكاتبة الكندية أناييس باردو لافاليت أن يكون الفيلم ناطقاً بكل من اللغة العربية، والفرنسية، والإنجليزية، والعبرية، وهي اللغات التي تتحدث بها شخصيات الفيلم؛ من أجل خلق واقعية أكبر للأحداث.
إذ إن اللغة الفرنسية تعتبر لغة التواصل الرسمية في مدينة كيبيك التي جاءت منها الطبيبة كلوي، أما العربية فهي لغة سكان فلسطين، والعبرية لغة اليهود في الأراضي الفلسطينية، وتبقى الإنجليزية هي اللغة التي تساعد على التواصل المشترك.
أما بالنسبة لأبطال الفيلم الروائي الطويل، فيشارك فيه كل من إيفلين بروشو، وصابرينا وزاني، وشارلو براندت، وسيفان ليفي، وماري تيريز فورتين، وجيل ديسيانو، ويوسف سويد، وأحمد الزين، وصالح الزين، وفادي باسل كريم، ومحمد وضاح، ثم ريم أيوب.
وقد حاولت المخرجة من خلال هذا الفيلم الابتعاد عن الجوانب السياسية للقضية الفلسطينية، والتركيز على الجانب الإنساني، والمعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في مخيمات اللجوء، والفرق الشاسع بين الحياة في الضفة الغربية والأراضي المحتلة.
إذ قالت في تصريح لها، حسب ما نشرته "الجزيرة"، إنها لا تستهدف طرفاً واحداً فقط في القصة، وإنما تحاول إبراز نقل الصورة الحقيقية لما يحدث في الأراضي الفلسطينية، خصوصاً أن هناك عدداً كبيراً من دول العالم غير المدركة بشكل كامل لما يحدث بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وعن سبب اختيار "إن شاء الله" ليكون عنواناً لفيلمها، قالت المخرجة الكندية إن السبب هو أن هذه الكلمة تبعث في نفوس كثيرين شعوراً بالأمل والثقة، ومبعث لشد الهمم.