برنامج مقالب رامز جلال 2023 قد صار المقلب اثنين، والضيوف أكثر من واحد في الحلقة الواحدة، حتى الإيذاء، توسع فيه بشدة، حتى إنه أصبح يطال المشاهدين أنفسهم في منازلهم، خلف الشاشات، ولكن كيف؟ إليك الإجابة.
لعل المختلف في برنامج رامز جلال 2023، بخلاف التوسع في المقالب، ليشمل مقلبين وليس مقلباً واحداً، هو التوسع في رمزية الإهانة، التي لم تعد تلحق بـ"الشخص" الضيف وحده، ولكنها صارت تطاله وعائلته، والجماعة التي ينتمي إليها.
إهانات عائلية وسخرية جماعية
هذا العام بالذات، هو الأكثر قسوة برأيي، بدأ الأمر مع الثنائي "بسنت شوقي ومحمد فراج" اللذين تم وصفهما بأنهما عصابة، ولكن تلك كانت خفيفة وغير مهينة بقدر ما جرى لاحقاً مع "هنادي مهنا"، ابنة الموسيقار المصري، هاني مهنا، والتي نالت قدراً من الإهانة المركزة في بداية الحلقة عبر وصفها بأنها "بِلطة ومتدلعة ومتسهوكة" مع تأكيد عميق أنها لا تستحق ما وصلت إليه من شهرة، وأنها صعدت السلم مرة واحدة، مع السخرية من ملابسها، وحذائها "لابسة جزمة أبوها".
حسناً ربما أكون متجنية، ولكن المسألة ذهبت لأبعد من إهانة زوجين معاً، أو فتاة ووالدها، وطالت الابن وأمه، ما زلت لا أستوعب كيف تقبلت عضو مجلس نقابة المهن التمثيلية كم الإهانة التي تلقتها وابنها في الحلقة، نهال عنبر، السيدة التي كانت تشفق على ضيوف رامز، خاصة كبار السن منهم، صارت واحدة من الضحايا لاحقاً.
فيما استخدمها رامز ليدلل على أن "طموحاته ليس لها سقف" وأن وجودها وابنها في الحلقة معه "تحدّ جديد في السجل الإجرامي" مباهياً أنه لأول مرة في تاريخه، يستضيف "أماً وابنها".
المريب أنه وعقب انتهاء المقلب المعروف سلفاً، راح الابن حسام الحسيني يردد: "أمي لأ"، فيما واصل رامز إهانتها، فحين تساءلت نهال إن كان ابنها قد تعرض للجرح أخبرها رامز "لأ هو جاي بها كده إنتي هاتستهبلي" لينطلق ابنها في الضحك"!
من الإهانة العائلية إلى الإهانة الجماعية، يبدو أن الإهانات العنيفة التي تلقاها نقيب الموسيقيين في مصر، مصطفى كامل، انسحبت على أعضاء النقابة جميعاً.
فالنقيب الذي اعترف أنه كان يعلم أنه ذاهب إلى برنامج رامز ، تم وصفه بأنه "منافق" وأنه "بتاع كله" وأنه "شاعر على قده"، وأن "الكل بيستقل به".
الأكبر من هذا قال عنه: "زهقوا منه وقالوا واد زنان، وأكيد هيقول أي بتنجان ولما سمعوه جالهم هبل وجنان وكتب أغاني عملت قلبان، وقال هيغني ويعمل ألحان واتجنن وقال همثل كمان وإشطا يابا جابلنا حالة غثيان ورجعلنا بخبر انفجر زي البركان، واترشح لمنصب نقيب الموسيقيين ونجح وأدى لـ هاني شاكر كتف ونطره من المكان، مطرب الدموع والآهات مصطفى كامل، وقائد الأغنية الشعبية وعامل زي سواق الميكروباص، واللي يعرفوه بس حلمي عبد الباقي وأمين الصندوق".
ووصفه بأنه "فارد شعره بمكوة رجل" الأمر الذي استفز الكثيرين، ودفع الموسيقار المصري منير الوسيمي، إلى إصدار بيان يستنكر فيه ما جرى، ويعرب في عن غضبه الشديد مما حدث مع مصطفى كامل في الحلقة، باعتباره لا يمثل نفسه وحسب، ولكنه يمثل آلاف الموسيقيين.
إلا أن رد النقابة أضحكني، حيث أصدر الدكتور محمد عبد الله المتحدث الرسمي لنقابة المهن الموسيقية بياناً، رد فيه بأن عضو نقابة المهن التمثيلية نهال عنبر ظهرت، وهي تمثل جموع الممثلين، فلم يهاجمها أحد، كما حدث مع مصطفى كامل، وأن الغضب من كامل ليس بسبب ما جرى في البرنامج، ولكن بسبب أغنيته "تسلم الأيادي" التي لا تزال تثير زوبعة!
رامز جلال وإهانة المشاهدين
إن كنت تعمل في واحدة من المهن التالية "كهربائي سلسيون، ميكانيكي، سباك، فطاطري، نقاش، نجار مسلح، سائق ميكروباص"، فسوف تشعر حتماً بالإهانة أثناء مشاهدتك لهذا البرنامج، الذي يستخدم تلك المهن للسخرية من ملابس الضيوف وهيئاتهم.
فأحمد عبد القادر مثلاً كهربائي سلسيون، وإمام عاشور "خلص الورشة وقفل وجه"، ووفاء عامر، ترتدي قميص "نقاشين"، ومحمد رمضان "كان نفسه يطلع ميكانيكي بس بقى فنان"، وحسام الحسيني "سواق توك توك".
المشكلة في الواقع ليست في أي من تلك المهن المهمة والحيوية، ولكن في الطريقة التي يتم بها إلصاق المهنة بالضيف، وكأن هذا تقليل من شأنه، هكذا تمتد الإهانة من وراء الشاشة إلى الجالسين أمامها، ليتم وصم المزيد من المهن بطريقة مهينة وكأنها أمر يدعو للاحتقار وتقليل الشأن.
لكن المبهر أن السخرية في بعض الأحيان تطال بعض من لا ناقة لهم ولا جمل في المسألة، كما حدث في العام قبل الماضي، حين قام رامز بتشبيه حمو بيكا بالمطرب السوري أركان فؤاد، والذي شعر وقتها بالإهانة نظراً لزج اسمه في الحلقة كنموذج للطراز القديم!
رامز جلال والإهانة بالتراضي
يتردد حديث محمد صبحي في ذهني وأنا أتابع مسلسل الإهانات اليومي، حين قال إنه لا يرتضي بأن يركب طائرة ويتوجه لأي مكان أي كان، كي يحاوره أحدهم، فالعبرة في الحوار الشخص لا المكان، وأن سفر الضيف لوجهة من أجل حوار يعد "إهانة" لا يرتضيها لنفسه.
أتأمل كل تلك الوجوه التي سافرت، ليس من أجل حوار ولكن من أجل "مقلب" يعلمون جميعاً، جيداً، أن مضيفهم هو رامز، حيث تتواصل السخرية طوال الحلقة، ولا أدري حقاً ما المضحك في السخرية من شخص ما.
تطلق عليها منصة شاهد "وصلة قلش" ويطلق عليها رامز جلال عبر قنواته "مقدمة نارية"، أما هي في الواقع فوصلة إهانة، تبدأ منذ إعلان اسم الضيف، وتمتد حتى يبدأ المقلب، لا أحد من ضيوف رامز يجهل المقدمة المهينة التي تنتظره، ولكنهم جميعاً يقبلون، لأن كل شيء يحدث بـ"التراضي" وتحكمه عقود واتفاقات، لهذا لا يجرؤ أحد على الاعتراض أو الهجوم.
يتلقى الجميع الإهانات في صمت، مع ابتسامة غامرة، ويؤكدون أن الإهانات ليست جيدة، لكن الأموال جيدة جداً، ربما لهذا أكد رضا عبد العال: "رامز لو كلمني 100 مرة هاروحله". رغم اعترافه بالإهانة في البداية مؤكداً "نتغاضى عنها، المهم الناس تتبسط".
لكن الحدث الأكثر إهانة برأيي، كان ذلك الذي حدث بحق الفنان محمد فؤاد، والذي وصفته بي بي سي في تقرير لها بـ"الجريمة الشنعاء"، على المستوى الشخصي، تقلصت معدتي، وشعرت بألم في جرح قديم في بطني، وأنا أشاهد محمد فؤاد يصرخ، ويتحسس معدته، ليرى هل نزف الجرح أم لا.
أحاول أن أتخيل شخصاً يعرف أن ضيفه أجرى لتوه عملية جراحية، فيعرضه لتجربة مماثلة، صحيح أن فؤاد قد اعترف بعلمه أنه ذاهب إلى رامز، وتلقى عن هذا تقريعاً شديداً في برنامج العرافة، حيث أكد أنه لم يكن يعرف طبيعة المقلب نفسه، ولكنه يدرك أن ضيف لدى رامز.
اتفاق رامز جلال مع فؤاد وصل إلى مرحلة أن الأخير لم يرغب في الحديث عن المضاعفات التي حدثت له، رغم غضب طبيبه المعالج مما جرى، خوفا من أن يتم اتهامه بانه يفتعل ذلك طمعا في مزيد من المال، هكذا ابتلع كل شيء وتوقف عن الحديث عقب انقضاء واحدة من اسوأ الحلقات التي رأيتها في حياتي على الإطلاق، لشخص جريح يتم سحله بغرض الإمتاع!
رامز جلال والتنمر على "خلقة الله" !
لعل كل ما قام به رامز جلال 2023 في كفة، وسخريته من "خلق الله" في كفة أخرى، الممثل غير الموهوب، و عقب المقدمة المملة والمكررة يوميا، يتعمد التنمر على ضيوفه، فلا يتوقف الأمر عند حدود انتقاد الملابس والسخرية منها كوصف أمير عيد بأنه "لابس جاكت من الموسكي"، ولكن الأمر يمتد للاعتراض على الملامح، والوزن.
توقفت كثيرا أمام سخريته من لاعب كرة القدم، أحمد عبد القادر، حيث سخر، ليس فقط من ملابسه التي وصفها بـ "المهرهرة" ولكن أيضا من ملامحه التي خلقها الله فقال: ""إيه الودان دي؟ الداية شدته من ودنه، ودقنه شبه دقن صنقر الكلبي، وعينيه جاحظة شبه عيون السمك المرجان".
الفجاجة ذاتها تكررت بطريقة غير مفهومة مع الفنانة وفاء عامر، والتي تم التنمر على وزنها، رغم أنها بدت لي طبيعية، وحتى وإن لم تكن، لم أستوعب لحظة جمل من عينة: "الجسم، جسم درفيل أعزب، تايه في بحر البلطيق.. يجب عمل دايت قاسي، لمدة 3 سنين، مع ضرب زيت خروع على الريق.. تعالي يا هجمة التمثيل، انزل يا ديناصور الإبداع".
السخرية من الوزن شملت محمد فؤاد أيضا حيث قال له: "لسان حال جمهور كبير ليك، ملايين كلها بتناديك بتقولك سيب الرز انسى المكرونة ابعد عن الفريك".
المزيد من الضيوف نالهم نصيب من السخرية على ملامحهم، فقيل لـ نسرين أمين "يا نهار اسود على الضب يا جدعان لما شوفت ضبك قلبي حبك".
كما قيل لأمينة شلباية أن أسنانها تشبه السنجاب، لكن المثير في هذا كله، أن أي من هؤلاء جميعا، لن يجروء على ملاحقة رامز، يوما ما، فثمن الإهانة مدفوع، والغضب مرفوع، وعلى المتضرر تغيير القناة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.