سيكون الجمهور العربي، خلال شهر رمضان 2023، على موعد مع أول مسلسل فلسطيني درامي يحكي قصة مدينة نابلس، في قالب تاريخي، يحمل اسم "أم الياسمين"، ويحكي عن الفترة ما بين 1929 إلى 1935، بداية من ثورة البراق في مدينة القدس، والتي امتدت في كل فلسطين.
ويسلط المسلسل، المكون من 30 حلقة، الضوء على مدينة نابلس من الناحية الثقافية، والعادات والتقاليد التي تمتاز بها، بدءاً من الأكل، وصولاً إلى لكنتهم المميزة، إضافة إلى الأحداث التي عاشتها خلال فترة الانتداب البريطاني.
ومسلسل "أم الياسمين" قصة وإخراج الفلسطيني بشار النجار، الذي بدأ العمل على الفكرة قبل سنتين من الآن، فيما شرع في تنفيذها قبل 8 أشهر من شهر رمضان، وما زال يسابق الزمن من أجل إتمام التصوير، الذي بدأ بإمكانيات بسيطة، بسبب غياب الدعم من طرف وزارة الثقافة الفلسطينية.
بحث في تاريخ مدينة نابلس.. مرحلة ما قبل السيناريو
من أجل تقديم قصة مدينة نابلس التاريخية بالشكل الصحيح للجمهور، يقول المخرج بشار النجار، حسب تصريح خص به لوكالة سند للأنباء الفلسطينية، إنه رفقة فريق عمل يتكون من 7 أشخاص فقط، قاموا بعدة أبحاث تخص المدينة وتاريخها.
ومن بين الطرق التي اختارها للوصول إلى معلومات موثوقة عن فترة ثورة البراق وما بعدها، كان لقاء رجال كبار في السن، من شرق البلدة إلى غربها، والاستماع إلى روايتهم المختلفة، حسب ما عاشوه بشكل شخصي.
وأضاف المخرج الشاب أنه قابل أساتذة جامعات ومؤرخين، وقرأ، رفقة شركائه في العمل، عدة كتب تحكي قصة مدينة نابلس، لتغطية جميع التفاصيل التي تخصها، وكتابة سيناريو يليق بحجم تاريخها.
مشيراً إلى أن التفاصيل التي سيتم تسليط الضوء عليها بالمسلسل لا تشبه إلا نفسها، ولا يمكن إيجادها في أي عمل درامي أخر، لأنها بكل بساطة تحكي عن المدينة بشكل تفصيلي جداً.
قصر "سحويل".. موقع تصوير "أم الياسمين"
تم تصوير مسلسل "أم الياسمين" في بلدة "عبوين" الموجودة بالقرب من مدينة رام الله، وتدور الكثير من الأحداث داخل القصر سحويل التاريخي، الذي شيد قبل 300 سنة من الآن.
وقد جاء اختيار هذا المكان على وجه الخصوص لكونه يشبه جغرافيا مدينة نابلس قبل 100 سنة، وهي الفترة التي تدور فيها أحداث المسلسل، إذ إن هناك تقارباً في شكل الأبنية، والمنازل، والدكاكين.
وقد تمكن فريق العمل من خلق بيئة تشبه الحياة النابلسية في تلك الفترة، بتفاصيل عديدة، أبرزها تلك المتعلقة بالديكور، والأزياء.
إذ يشارك في هذا المسلسل 56 فناناً، ومئات الأشخاص الذين يؤدون أدواراً ثانوية (كومبارس)، إضافة إلى فريق التصوير، الذي يعمل تحت إدارة المخرج بشار نجار، الذي يقوم بإنتاج هذا العمل بشكل منفرد وإمكانية بسيطة.
أحداث وقصة "أم الياسمين"
على عكس المتوقع، فإن مسلسل "أم الياسمين" لا يخوض بشكل مفصل في القضايا السياسية التي تخص القضية الفلسطينية، بعد ثورة البراق في القدس، بل سيكون تركيزه حول الحياة الاجتماعية لسكان مدينة نابلس، من خلال 8 عائلات مختلفة، لكل واحدة منها قصتها الخاصة.
وحسب مخرج المسلسل، فإن اختيار عنوان "أم الياسمين"، لا يدل فقط على أحد الأحياء في نابلس التي تحمل اسم الياسمين، وإنما هو رمز يمثل جميع الأحياء والحارات القديمة في المدينة الفلسطينية.
فيما أشار النجار إلى أن السبب وراء اختياره ثورة البراق في القدس، لتكون بداية لأحداث مسلسله، هو كونها تمثل واحدة من بين الأحداث المفصلية في القضية الفلسطينية، والتي تزامنت مع إحياء سكان نابلس ذكرى المولد النبوي.
إذ إن هذه المناسبة لها رمزية كبيرة بالنسبة لسكان المدينة، خصوصا أنهم عاشوا من شرارة هذه الثورة، كما هو الحال بالنسبة للعديد من المدن الفلسطينية الأخرى.
كما أنه مع تطور الأحداث، سيتم تسليط الضوء على علاقة سكان نابلس بالحيط العربي، وعلاقاتهم مع دول بلاد الشام، ومصر، وكذا المدن الفلسطينية المجاورة.
عن ثورة البراق في القدس
وكانت بداية ثورة البراق في القدس، بسبب الخلاف بين المسلمين واليهود حول حائط البراق، الذي يحد الحرم القدسي من الجهة الغربية، وباب المغاربة في الجهة الجنوبية، والمدرسة التنكزية من الشمال.
إذ إنه خلال فترة الحكم العثماني، كان يسمح لليهود بممارسة شعائرهم الدينية بالقرب من الحائط.
وخلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، طالب القادة المسلمين في القدس بعدم تغيير ترتيبات أداء الصلاة اليهودية قبال الحائط، في الوقت الذي طالب فيه اليهود بوضع مقاعد أمام الحائط عكس ما هو مقرر.
إلا أن الإدارة البريطانية حظرت على المسؤولين اليهود وضع مقاعد في الباحة أمام حائط البراق، لأن المسلمين طالبوا بوقف هذا الإجراء، باعتباره تجاوزاً على حقوقهم.
وفي يوم 15 أغسطس 1929، والذي تزامن مع احتفال الفلسطينيين بالمولد النبوي، نظمت حركة بيتار الصهيونية، مسيرة تظاهرية في القدس، وذلك من أجل المطالبة بحائط البراق.
وفي اليوم الموالي، رد العرب على هذه التظاهرات بتنظيم مظاهرة مضادة انطلقت من المسجد الأقصى، إلى الحائط، ويزداد التوتر بين الطرفين لتندلع الاشتباكات.
وقد تطور العنف الذي تعرض له الفلسطينيون من المستوطنين اليهود، مما جعل سلطات الانتداب البريطاني تطلب المساعدة من القوات البريطانية في مصر لإيقاف الثورة الحاصلة.
وقد نتج عن هذه الثورة، التي امتدت إلى عدة مدن أخرى، من بينها الخليل جنوباً، والصفد شمالاً، إلى استشهاد 116 فلسطينياً، وإصابة 232 شخصاً آخر.