يشارك المخرج المغربي حسن بنجلون في الدورة الرابعة والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بفيلمه الجديد "جلال الدين"، ضمن مسابقة آفاق السينما العربية، حيث كانت آخر مشاركاته في مهرجان القاهرة السينمائي بفيلمه "من أجل القضية" عام 2022 في الدورة الثانية والأربعين.
ولكن المشاركة هذه المرة مختلفة ومثيرة للجدل، بسبب موضوع الفيلم الذي ينتمي إلى نوعية الأعمال الصوفية، التي ركز فيها المخرج على ترك أحداثها مفتوحة حتى يترك للمشاهد حرية الرؤية حسب وجهة نظره، وهو ما فتح عليه باباً من الأسئلة المحيرة التي رد عليها في لقائنا معه في "عربي بوست" حول الفيلم وأكثر.
تشارك في مسابقة آفاق السينما العربية بمهرجان القاهرة والتي شاركتَ فيها منذ دورتين، فكيف ترى تلك المشاركة؟
في الحقيقة، أنا أحب مهرجان القاهرة السينمائي بشدة، وله في قلبي معزة خاصة، وهذه المشاركة هي الخامسة لي في المنافسة ضمن مسابقات مهرجان القاهرة، فأنا أحضر المهرجان منذ أيام سعد وهبة في عام 1990، وهو يمثل لي أهمية خاصة.
فيلم "جلال الدين" به كثير من الخيوط المتشابكة، فما رسالته الرئيسية؟
الفيلم يطرح العديد من التساؤلات، تساؤلات حول الحب والتسامح والبحث عن عدة أشياء داخل الإنسان، وأنا أطرح من خلال الفيلم جميع التساؤلات التي أريد طرحها وأجعل الجمهور يشاركني التفكير في الأمر من خلال أحداث الفيلم.
من الأحداث التي أثارت الجدل داخل الفيلم، قيام الابن بالزواج بفتاة كانت على علاقة بوالده، فكيف تفسر هذا الأمر؟
هذا الأمر موجود بالفعل وليس خيالياً، وشخصية "جلال الدين"، بطل الفيلم، تسمح له بحدوث شيء كهذا، فهذا الرجل عاش حياة بائسة كئيبة ولم يكن لديه والدان كالآخرين، ولم يمر بمشاكل ومراحل تطور الآخرين، لذلك فشخصيته مختلفة، شخصية جعلته يترك ابنه يعيش حياته مع البنت التي اختارها حتى لو كان قد أقام معها علاقة في وقت سابق، وتركهما وذهب إلى الزاوية منعزلاً عن الدنيا ومتقرباً إلى الله.
ولكن كان بإمكانه أن يخبر ابنه بالحقيقة ويمنعه من الزواج بتلك الفتاة التي كانت تمارس في مكان فعلاً غير أخلاقي؟
ولماذا يمنعه؟ هو قرر تركه يعيش حياته كيفما أراد، فهذا أمر مسكوت عنه من ضمن الأشياء الكثيرة المسكوت عنها في حياتنا، فكلنا لدينا أشياء مسكوت عنها ولا نتحدث عن تلك الأشياء ونموت دون أن يعرفها أحد.
البعض فسر النهاية بأنها أوضحت أن حفيد جلال الدين ليس حفيده ولكنه ابنه، فهل هذا حقيقي؟
في الحقيقة قد يرى البعض هذا الأمر هكذا وآخرون لا يرونه، فنحن تركنا النهاية مفتوحة لجميع الأبطال، سواء الأب أو الابن أو الحفيد أو الفتاة، وكان هدفنا من العمل على الفيلم ترك أحداثه مفتوحة لكل شخص؛ ليفهمها وفقاً لطريقة تفسيره للأحداث، فكان هدفنا الأول أن يخرج الجمهور من الفيلم بتساؤلات، ومثلما نقول بلغتنا: "نخلق الفضول عند المتلقي وهو يفهم ما يفهمه".
هل حقيقي أن الفيلم كان سيعرض في مهرجان قرطاج ولكنك فضلت عرضه في مهرجان القاهرة؟
لم يكن الأمر كذلك، ولكني أعطيت وعداً في البداية لإدارة مهرجان القاهرة بأن يكون العرض العالمي الأول لفيلمي في مهرجانهم، لذلك عندما طلبته بعض المهرجانات العربية بعد ذلك أخبرتهم بأنه سيعرض في القاهرة.
تناصر دائماً المرأة في كل أعمالك، فلماذا هذا الاتجاه؟
هذا حقيقي، وذلك لأن المرأة مظلومة في كل أنحاء العالم، والمرأة تمثل 50% من العالم الذي نعيشه، لذلك هي تحتاج للتشجيع والدعم، فلماذا يكون هناك فرق بين الرجل والمرأة من الأساس؟
تحب تقديم الأفلام التي تحتوي على رسائل وقضايا هامة، هل هذا سبب لعدم تقديمك أفلاماً تجارية ؟
سأقول لك بكل صراحة: أنا أقدم سينما لنفسي، سينما أرضي بها نفسي، لا يهمني أن تنجح أفلامي تجارياً ولكن المهم أن أتقاسم أفكاري مع الجمهور الذي يهمه نفس القضية والمشكلة، وهذا سبب ما جعلني المخرجَ الأكثر إخراجاً للأفلام في المغرب.
ولماذا وقع اختيارك على الفنانة التونسية فاطمة ناصر وهي مقيمة بمصر لتقدم دور البطولة؟
الكاست في الفيلم عالمي، وهذه ليست المرة الأولى التي أقوم فيها بهذه الخطوة، ولا يتوقف عند جنسيات معينة، ففي فيلم "من أجل القضية" أيضاً كان الممثل فلسطينياً والممثلة فرنسية.
هل تقصد أنك تفضل أن تكون أفلامك بها جنسيات مختلفة من الأبطال؟
إن كانوا ملائمين للدور فلم لا، ولكن هذا ليس اتجاهاً لدي.
لماذا لم تصل السينما المغربية إلى الدول العربية مثل السينما المصرية، ما السبب من وجهة نظرك؟
السينما المصرية هي رائدة السينما العربية، ونحن جميعاً منذ طفولتنا نشاهد السينما المصرية، ولكن مع الأسف فإن الجمهور المصري ليس معتاداً على اللهجة المغربية التي يتحدثها أهل المغرب وتونس والجزائر.
لذلك لا نرى أفلاماً مغربية في مصر أو دول عربية كثيرة، لأنهم لا يفهمون اللهجة المغربية، ولكن على النقيض تماماً فالأغنية المغربية حققت نجاحاً كبيراً وفرضت وجودها على الساحة العربية.
إذا قدمت فيلماً مصرياً فمن الفنانون المصريون الذين تفضل التعاون معهم؟
لو وجدت منتجاً مصرياً يريد تقديم فيلم مناسب فبالتأكيد سأفكر في كثير من الأسماء، منهم ليلى علوي ويسرا ومنة شلبي، وقد كان هناك مشروع سابق مع فنان مصري ولم يكتمل.
من هو هذا الفنان وما هو المشروع؟
خالد أبو النجا.. كان من المفترض أن يقوم هو ببطولة فيلم "جلال الدين"، وكان سيشارك أيضاً في إنتاجه، ولكن حدثت عدة ظروف بشكل عام جعلته يخرج من الصورة، خاصةً أن هذا الأمر كان منذ 6 سنوات، لأن الفيلم أخذ فترة تحضير كبيرة، لذلك جعل تطور الأحداث وحدوث بعض الظروف فكرة التعاون تتلاشى.