وردة وبليغ إحدي أشهر الثنائيات الغنائية فى العالم العربي الحديث، هو بليغ عبدالحميد حمدي مرسي، أشهر ملحن مصري وعربي بالقرن العشرين، ولد بحي شبرا بالقاهرة عام 1931، صنع لوناً خاصاً احتل به مكانة متفردة في عالم التلحين رغم أن عصره يعتبر العصر الذهبي الذي قدم عمالقة الموسيقيين، يعتبر الكثيرون ظهور موسيقى بليغ بداية لعصر موسيقي جديد كسر القوالب التقليدية وأعاد تقديم الموسيقى والإيقاعات الشعبية المصرية بشكل راق ومستحدث وبطريقة سلسة ومناسبة لأصوات كبار المغنين أمثال أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وغيرهما، الأمر الذي جعل أي متذوق للموسيقى قادراً على التفرقة بين موسيقاه وأي موسيقى أخرى.
لا عجب في ذلك فالقارئ لتاريخ بليغ وبداياته يجد جلياً كيف اختار بليغ الموسيقى منذ الصغر وتعلمها حد التشبع، كان والده أستاذاً للفيزياء بجامعة فؤاد الأول، إلا أنه أختار مساراً مختلفاً فأتقن العزف على العود ثم تتلمذ على يد "درويش الحريري" أحد أساتذة معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية، ثم التحق بليغ بكلية الحقوق، وفي الوقت نفسه التحق بشكل أكاديمي بمعهد فؤاد الأول للموسيقي.
أقنع السيد محمد حسن الشجاعي مستشار الإذاعة المصرية وقتها بليغ حمدي باحتراف الغناء، وبالفعل سجل بليغ للإذاعة أربع أغنيات، لكنه وجد موهبته الحقيقية في التلحين، فبدأ مشواره الفني بتلحين عدة أغنيات لعدد من النجوم إلا أن بداية انطلاقه الحقيقة أتت بعد توطد علاقته بالموسيقار الكبير محمد فوزي الذي أعطاه فرصة التلحين لكبار المطربين والمطربات من خلال شركة "مصر فون" التي كان يملكها.
هي وردة فتوكي، أو وردة الجزائرية، ولدت في فرنسا عام 1939 لأب جزائري وأم لبنانية، اعتبرت من أهم مطربات العصر الذهبي ونالت مكانة مصرية وعربية كبيرة، بدأت ممارسة الغناء في فرنسا في النادي الليلي الخاص بوالدها، فقدمت أغاني الفنانين المعروفين في ذلك الوقت أمثال أم كلثوم وأسمهان وعبدالحليم حافظ، وأشرف على تعليمها المغني التونسي الراحل "الصادق ثريا" ثم قدمت أغاني خاصة بها من ألحانه.
بدأت انطلاقتها الفنية بقدومها لمصر عام 1960 بدعوة من المنتج والمخرج "حلمي رفلة" الذي قدمها في أولى بطولاتها السينمائية "ألمظ وعبده الحامولي، ثم توالت محطاتها الفنية وإنجازاتها إلى أن بلغت ذروتها خلال سنوات زواجها من بليغ حمدي الذي قدم لها معظم ألحانه.
اقرأ أيضًا سعاد حسني وأحمد زكي.. ثنائي الأساطير
بداية علاقة وردة وبليغ
بدأ تعلق وردة بالملحن بليغ حمدي حينما استمعت وهي لم تتجاوز 16 عاماً إلى أغنية "تخونوه" التي قدمها عبدالحليم حافظ في فيلم الوسادة الخالية، وشاهدته وردة في إحدى صالات السينما بفرنسا، أعجبتها الأغنية لدرجة جعلتها تتعلق بملحنها دون أن تراه وعزمت على أن تلتقيه إذا سنحت الفرصة.
أتت الفرصة بالفعل حينما دُعيت وردة للحضور إلى مصر وتقديم فيلم ألمظ وعبده الحامولي، ووفقاً لتصريحات الإعلامي الراحل وجدي الحكيم بدأت شرارة الحب مع اللقاء الأول، فعندما ذهب بليغ مع الفنان عادل مأمون لتحفيظها أول لحن من ألحان الفيلم "يا نخلتين في العلالي" عاد وقال لحكيم:
"أنا عمري في حياتي ما اهتزيت لعاطفة امرأة إلا لما شوفت وردة أول مرة وسلمت عليها".
أكد وجدي الحكيم، أن بليغ اصطحبه هو ومجدي العمروسي كي يتقدم لخطبة وردة، ولكن والدها رفض حتى دخولهم المنزل واضعاً العصا بصدر بليغ وهو يحثه ألا يدخل، لتعود وردة بعدها إلى الجزائر مع عائلتها وتصر أسرتها على زواجها من أحد أقاربها، وتبتعد عن الفن تماماً وتنجب "وداد ورياض" وتمر عشر سنوات على انقطاعها دون أمل.
إلى أن أتى عيد الاستقلال الجزائري العاشر عام 1972 وطلبها الرئيس الجزائري هواري بومدين كي تغني فيه، وسافر عدد من الفنانين المصريين إلى الجزائر للاشتراك في الاحتفال، وكان من بين الحضور هدى سلطان ومحمد رشدي وبليغ حمدي، الذي أمسك بالعود وجاءته فكرة أغنية "العيون السود"، التي كتب عدداً من أبياتها في هذا التوقيت، وبعدها بعام ونصف العام انفصلت وردة عن زوجها، وعادت إلى مصر وغنّت "العيون السود" عام 1972، أكمل كتابتها فيما بعد الشاعر محمد حمزة بأفكار بليغ، وقال عنها وجدي الحكيم إنها جسدت قصة حب وردة وبليغ: "وعملت إيه فينا السنين؟ فرّقتنا؟ لا.. غيّرتنا؟ لا.. ولا دوّبت فينا الحنين".
زواج وانفصال
بعودة وردة إلى مصر تم الزواج الذي تأخر عشر سنوات عام 1972 وعُقد القران في منزل الفنانة "نجوى فؤاد" التي كانت تقوم في نفس الوقت بعقد قرانها، ووسط جمع من الفنانين والمطربين غنّى العندليب "مبروك عليك" احتفالاً بهم.
استمر زواج وردة وبليغ طيلة 6 سنوات، حتى قررا الانفصال عام 1978 بسبب الحياة العشوائية التي يعيشها بليغ، كما ترددت أقاويل عن خيانات متكررة قام بها مع فنانات صاعدات، ما جعل وردة تشعر بالإهانة وتطلب الطلاق.
فقالت وردة خلال ظهورها على شاشة "LBC" اللبنانية في برنامج "المايسترو" أن بليغ خانها عندما كانت تجري عملية جراحية دقيقة بعدما أصيبت بجلطة في القلب عام 1978، وأوضحت أنها عرفت من الجرائد أن بليغ كان يحضر عيد ميلاد سميرة سعيد بينما كانت هي ترقد في المستشفى، بل وأن هناك جرائد صرحت بزواج بليغ من سميرة، ما جعلها تستدعي أهلها وتطلب الطلاق منه.
تسبب الطلاق في تدهور حالة بليغ الصحية والنفسية، حتى أنه كاد يُصاب بالاكتئاب، كما أصيبت وردة بعد الطلاق بانفجار الزائدة الدودية وكادت تفقد حياتها، ظل حب بليغ لوردة حتى وفاته عام 1993، فكتب بليغ العاشق الذي لم يفتر حبه يوماً أغنية بودعك، وطلب من وردة أثناء مكالمة تليفونية من منفاه في فرنسا أن تغنّيها، وقال ابن شقيقه إنه كان يردد اسمها بشكل مستمر قبل وفاته.
وقال وجدي الحكيم، إن الفنانة وردة ندمت على الانفصال عن بليغ، وقالت له: "تعاملي مع بليغ بعد انفصالنا خلاني ندمت على الانفصال، ولو كنت عرفت بليغ زي ما عرفته بعد الانفصال كانت الحياة استمرت بينا".
قدما معاً عدداً كبيراً من الأعمال الفنية، من أهمها، "العيون السود" و"خليك هنا" و"حنين" و"حكايتي مع الزمان" و"دندنة" و"مالو ولو سألوك" و"اسمعوني".