في السنوات الأخيرة شهدت الفضائيات مسلسلات عربية عن اليهود عموماً وعن إسرائيل خصوصاً؛ وفي الوقت الذي نددت فيه بعض المسلسلات بممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، قدمت مسلسلات أخرى إسرائيل بطريقة تختلف عن الصورة النمطية لها في الذهنية العربية، أي على أنها أمر واقع لا بد للعرب في مرحلة ما، من الاعتراف به والتعامل معه.
تحوُّل بعض الأعمال البطيء والناعم نحو التطبيع مع إسرائيل، يعارض بعض ما أنتجته الدراما العربية في العقود الماضية وحتى لفترة زمنية ليست بعيدة.
إذ كانت تحتفي بإنجازات المخابرات المصرية مثلاً في تسديد ضربات ناجحة في عمق تل أبيب، كمسلسل "دموع في عيون وقحة" عام 1980 لعادل إمام، ثم مسلسل "رأفت الهجان" في العام 1987، ولاحقاً مسلسل "العميل 1001" لمصطفى شعبان في العام 2005، وحتى مسلسل "الزيبق" لكريم عبد العزيز في العام 2017، وغيرها الكثير.
من هذا المنطلق نستعرض في هذا التقرير قائمة بأبرز الأعمال الدرامية العربية التي أثارت فكرة التطبيع مع إسرائيل سواء بالتأييد أو بالرفض:
مسلسلات عربية عن اليهود
مسلسل "النهاية": التنبؤ بتحرير القدس وزوال دولة إسرائيل
داخل إحدى المدارس المصرية في المستقبل البعيد وتحديداً خلال عام 2120، يشرح أحد المعلمين للأطفال عن حرب تحرير القدس، قائلاً: "كانت أمريكا الداعم الرئيسي للدولة الصهيونية، وحينما حان الوقت لتتخلص الدول العربية من عدوها اللدود، اندلعت حرب سميت باسم حرب تحرير القدس".
ويضيف المعلم على شاشته الإلكترونية المتطورة: "الحرب انتهت بسرعة وتسببت في تدمير دولة إسرائيل الصهيونية بعد أقل من 100 عام من قيامها، وهرب معظم اليهود في إسرائيل وعادوا إلى بلدانهم الأصلية بأوروبا".
كان هذا مشهداً من أحداث الحلقة الأولى في مسلسل "النهاية" الذي يُعرض في رمضان الجاري ويقوم ببطولته النجم المصري يوسف الشريف.
أثار هذا المشهد غضب وزارة الخارجية الإسرائيلية، وأصدرت بياناً قالت فيه: "إن المسلسل المصري الذي يقدم مستقبلاً دمرت فيه الدول العربية إسرائيل غير مقبول، خاصة أنه يأتي بعد 41 عاماً من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل".
وأضافت الخارجية الإسرائيلية: "مصر وإسرائيل تحظيان بعلاقات وتعاون جيد، خاصة في محاربة الجماعات المتطرفة بشبه جزيرة سيناء، وإن هذا التعاون وافقت من خلاله إسرائيل على السماح بدخول قوات ومعدات حربية مصرية ثقيلة حتى الحدود المصرية الإسرائيلية بالمخالفة لبنود معاهدة السلام؛ وذلك للسماح للجيش المصري بتطويق الجماعات المتطرفة".
مسلسل "حارة اليهود": أرضى إسرائيل في البداية ثم أغضبها
يقدم هذا المسلسل الذي عُرض في رمضان 2015 اليهود بشكل مختلف عما عهدناه سابقاً، ويؤكد أهمية التعايش مع الآخر المختلف.
المسلسل عبارة عن قصة حب قوية تُنسج خيوطها بين ضابط في الجيش المصري وفتاة يهودية، وفي الوقت ذاته ينتقد دولة إسرائيل.
وتبين أن رسالة المسلسل، الذي كتب قصته مدحت العدل وأخرجه أخوه محمد العدل، ترتكز على التفريق بين اليهودية كديانة وإسرائيل كدولة، وربما لهذا السبب باركت إسرائيل "حارة اليهود" في حلقاته الأولى ثم عادت وغضبت منه بشدة.
وتدور أحداث المسلسل الذي قام ببطولته كل من إياد نصار ومنة شلبي، في الحقبة الزمنية التي أعقبت ثورة 23 يوليو/تموز 1953 وحتى العدوان الثلاثي على مصر، وكيف كان شكل الحياة حينها في حارة اليهود.
ومع أولى حلقات المسلسل كتبت السفارة الإسرائيلية عبر صفحتها على فيسبوك: "لقد شاهدنا، في سفارة إسرائيل، أولى حلقات المسلسل، ولاحظنا لأول مرة أنه يمثل اليهود بطبيعتهم الحقيقية الإنسانية، كبني آدم قبل كل شيء، ونبارك هذا العمل".
ولكن بعد عرض الحلقات التالية من المسلسل تغير موقف إسرائيل تماماً، إذ عادت السفارة الإسرائيلية لتكتب عبر صفحتها على فيسبوك هذه المرة: "لقد شعرنا بالأسف الشديد خلال متابعتنا لمسلسل حارة اليهود، خصوصاً أن المسلسل بدأ يأخذ مساراً سلبياً وتحريضياً ضد دولة إسرائيل، مسلطاً الضوء على الشخصيات الإنسانية ليهود الحارة كقناع لمعاداة دولة إسرائيل، كأنها عدو وحشي يريد أن يفتك بالجميع".
وأضافت السفارة :"للأسف الشديد، بعد مرور 36 عاماً من توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، ما زال التحريض مستمراً ضد دولة إسرائيل وضد اتفاقية السلام، ونشير إلى أن هذا التعامل ليس له مثيل بين جميع دول العالم الصديقة".
مسلسل "فرقة ناجي عطا الله": عادل إمام يسرق بنكاً إسرائيلياً
تدور أحداث مسلسل "فرقة ناجي عطا الله"، وهو من بطولة الفنان عادل إمام، والذي عُرض خلال الموسم الرمضاني 2012، حول الضابط المصري ناجي عطا الله الذي كان يعمل ملحقاً تجارياً في سفارة تل أبيب.
وبسبب تصريحاته عن الاضطهاد الإسرائيلي للفلسطينيين بأحد البرامج الحوارية تُصادَر جميع أمواله في إسرائيل ولكنه لا يسكت ويعود إلى مصر من أجل تجهيز فرقته للانتقام، عبر سرقة البنك الإسرائيلي الذي كان يحتفظ بأمواله فيه.
وهاجمت إسرائيل هذا المسلسل، لأنه يُظهر المجتمع الإسرائيلي عنصرياً ويفرّق بين اليهود السفارديم "الشرقيين" والأشكيناز أو "الأوروبيين".
كما يُظهر الإسرائيليين على أنهم شعب بخيل، وبمجرد عرض الحلقات الأولى من المسلسل كتبت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن "العرب ما زالوا يروننا دولة احتلال وجواسيس".
مسلسل "مَخرج 7": التطبيع الفني السعودي مع إسرائيل
أثار مسلسل "مَخرج 7" الذي يُعرض في رمضان 2020 على قناة MBC السعودية، ردود فعل غاضبة، بسبب اتهامه بالترويج للتطبيع مع إسرائيل.
ففي الحلقة الثالثة يتحدث المسلسل عن موضوع العلاقات مع إسرئيل من خلال رد فعل أسرة سعودية اكتشفت أن ابنها الصغير يلعب عبر الإنترنت مع طفل إسرائيلي.
ففي حين يمنع الأب (ناصر القصبي) ابنه من اللعب مع الطفل الإسرائيلي، ترد عليه زوجته بأنه يبالغ في رد فعله وأن عليه أن يترك الولدان يلعبان معاً.
ولكن المشهد الأكثر دلالة يأتي بين ناصر القصبي والممثل السعودي راشد الشمراني الذي يوجه حديثه إلى القصبي قائلاً: "إسرائيل بشر مثلك.. إسرائيل موجودة سواء أعجبكم ذلك أم لم يعجبكم".
ثم يضيف الشمراني في المشهد نفسه: "ما ضيّع العرب طوال هذه السنين إلا القضية الفلسطينية، والنتيجة كلام وجعجعة بلا نتيجة".
ويتابع الشمراني في مشهد آخر: "العدو ليس إسرائيل، ولكنه الشخص الذي لا يقدّر وقوفك بجواره، ويسبك ليلاً ونهاراً أكثر من الإسرائيليين، وإن السعوديين دخلوا حروباً لأجل فلسطين، وتحمّلوا أموالاً ونفطاً، كانوا هم أحق بها، لكنهم قدموها كرواتب للسلطة الفلسطينية، وفي النهاية عندما تواتيهم الفرصة، يهاجمون السعودية".
وأشادت إسرائيل بهذا المسلسل عبر القناة "12" التلفزيونية، التي ذكرت في تقرير لها، أن هذا العمل الدرامي يتجاوز عتبة التطبيع ويدعو إلى تعزيز العلاقات الدافئة والسلام بين مواطني الدولتين.
وأضافت القناة أن المسلسل ينقل كثيراً من الرسائل الإيجابية تجاه إسرائيل، ويدعو إلى توطيد العلاقات الاجتماعية والتجارية بين البلدين.
مسلسل "أم هارون": قطار التطبيع ينطلق بأقصى سرعته
واجه مسلسل "أم هارون" أيضاً كثيراً من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو إنتاج مشترك بين شركة جرناس المملوكة للإماراتي أحمد الجسمي وشركة الفهد المملوكة للفنانة الكويتية حياة الفهد، وكلاهما منتج منفذ لصالح شركة MBC السعودية.
كما أن المسلسل من إخراج المصري محمد العدل، الذي أخرج سابقاً مسلسل "حارة اليهود".
ويحكي المسلسل قصة سيدة يهودية تتعرض لكثير من المشكلات والمتاعب بسبب ديانتها، ويركز المسلسل على معاناة اليهود في الخليج خلال أربعينيات القرن الماضي.
وقد علَّق الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، على المسلسل قائلاً: "الخلاصة التي نخرج منها بعد كل الردود الكارهة لليهود في أثناء بث مسلسل أم هارون، هي أننا اليوم لسنا شعباً مغلوباً على أمره يستغيث بالآخرين، وإنما دولة عاقدة العزم على النضال من أجل سلامة وأمن مواطنيها، إسرائيل هي الضامن الوحيد، ولا يستطيع مطلقو هذه الشعارات تحقيق أحلامهم.. أبداً".