بعد الموسمين الأول والثاني، برز مسلسل "La Casa de Papel" كواحد من أكثر المسلسلات جماهيرية وانتشاراً على شبكة نتفلكس، واحتل في العام 2019، المركز الأول في نسبة المشاهدة في الأعمال غير الناطقة بالإنجليزية، وحظي بانتشار واسع جداً عربياً.
ومنذ نهاية الموسم الثالث، حين أعلن البروفيسور أنها "الحرب"، والمشاهدون يترقبون بشوق الموسم الرابع، الذي سيُسرق فيه "ذهب البنك المركزي الإسباني".
ومن بين أبطال المسلسل الفنان فيرناندو كايو، أو "العقيد تامايو"، الذي برع في تمثيل وجه السلطة القبيح في التعامل مع مثل هذه الأزمات.
حين أمر تامايو رئيس حرس محافظ البنك المركزي "غانديا" باستخدام العنف تجاه "فريق البروفيسور"، وبشكل غير رسمي؛ حفاظاً على الالتزام بالهدنة أمام الشعب تغيرت مجريات الأحداث تماماً وانقلبت، فبتحرر غانديا صار لدينا صراع داخلي إضافي، وبدلاً من تركيز "فريق البروفيسور" على إذابة الذهب، بات عليهم عبء مواجهة الضابط الطليق.
"عربي بوست" أجرى حواراً مع الفنان الإسباني كايو، حكى فيه عن أصعب المشاهد التي واجهته، وكواليس تصوير المسلسل، إليكم نص الحوار:
أدّيت دوراً رائعاً في مسلسل La Casa De Papel لدرجة أنّنا كرهنا النظام الأمني بسبب طريقة تعاملك مع عصابة البروفيسور. فما هو الشيء الذي كان أكثر صعوبة عليك أثناء تقمُّص الشخصية؟
الجزء الأصعب في تقمُّص الشخصية يتعلّق بالتركيز، داخل الخيمة هناك الكثير من المشاهد التي تدور كلها في نطاق مكاني صغير، وعليك أن تكون على أعلى درجة من التركيز طوال الوقت لكي تنجزها بشكل يليق.
انتقد المسلسل وزارة الداخلية وجهاز المخابرات، بل وظهر الجهازان وكأنّهما لعبةٌ في يد البروفيسور.. ما تعقيبك؟
كان ذلك جزءاً من السيناريو، في الموسمين الثالث والرابع عكسنا بالكامل الوجه المُظلم للسلطة، سلّطنا الضوء على الأسرار الخفية وما يحدث داخل أجهزة الدولة والأجهزة السرية التي تستخدمها، وحتى الرابط بين المسؤولين على أعلى المستويات في الدولة وبين المُكلّفين بحل مشكلة السرقة.
تعرّض المسلسل لانتقادات رأت أنّه نجح في جعل المشاهدين يتعاطفون مع المجرمين بشكل واسع، فما رأيك؟
المسلسل يسير على خطى روبن هود، هناك سلاسل كاملة من الأفلام والمسلسلات التي تدور حول الفكرة نفسها، وهي أن "اللصوص لديهم مبادئ وأخلاق عالية"، وهذا هو سر تعلق الجمهور بالسارقين، لذا فالود أو الارتباط الحاصل في la casa de papel بين السارق والمشاهد هو أمر طبيعي، لأنه يركز على فكرة الخارج عن القانون، لكنه في نفس الوقت قريب من عامة الشعب، ومن عالمهم، ومن حياتهم، إضافة لأن المشاهدين يحبون دائماً المغامرة والمخاطرة، وهو ما نجح المسلسل في إبرازه.
حين أعطيت الضوء الأخضر لسيزار غانديا بالتعامل مع فريق البروفيسور رغم الهدنة، هل تعتقد أنّك بذلك قد جسّدت الوجه القبيح لتعامل الحكومات مع هذا النوع من الأزمات؟
العقيد تامايو يتمتّع بأخلاقيات عالية، ولكن تُواجهه مواقف شديدة الصعوبة تُجبره على اتّخاذ قرارات تفتقر إلى هذه الأخلاقيات التي يؤمن بها، أثناء قراءة السيناريو أكثر ما لفت انتباهي هو تعرض شخصية تامايو ذات المُثل العليا إلى هذا النوع من الصراع الأخلاقي، ولحظات الضعف التي أجبرته على التخلي عن مبادئه، لأنه يريد في النهاية أن يحقق العدالة.
جسّدت مع أليسيا سييرا حالة التخبُّط الدائمة بين الأجهزة الرسمية في الدول بصورةٍ رائعة، فكيف يتطابق ذلك مع الواقع؟
بالتأكيد كانت هناك بعض المبالغات في هذه النقطة تحديداً للحفاظ على حماس المشاهد في اللحظات الفارقة من المسلسل، ولنخلق دائماً مفاجآت للمشاهدين، لكني أعتقد أن مختلف الأجهزة في إسبانيا تتواصل مع بعضها بشكل جيد، وتنسق على مستوى عالٍ في مثل هذه الأحداث، وبالتالي الواقع ربما يكون أفضل مما عرضناه في المسلسل.
وفقاً لدورك في المسلسل، من المفترض أن يكون أكبر همك هو القبض على فريق البروفيسور، ولكن هل تعاطفت معهم بشكلٍ شخصي مثل الكثير من المُشاهدين؟
بالطبع تعاطفت معهم بشكل كبير، نعم هم لصوص، لكنهم لا يسرقون من شخص بعينه، فقد حصلوا على المال عن طريق سك العملة.
إضافة لأنهم حاولوا على مدار المواسم الالتزام بأكبر قدر من الأخلاق، لا يسفكون الدم، ولا يبدأون بالعنف، لكن علينا أن ننظر أيضاً إلى أن شخصيات اللصوص شخصيات مُحطمة، نتيجة لما مروا به في حياتهم الشخصية، وغير مؤهلين للتعامل مع المجتمع بشكل سليم وسوي، وهذا التناقض عكس كل التناقضات التي توجد في حياتنا بشكل عام، كلنا نتعرض لهذا النوع من التضاد والضعف، فهم قريبون منا جداً.
أخبِرنا عن أصعب مشهد واجهك أثناء التصوير؟
المشاهد التي أصرخ فيها! ظهرت في بعض الأحيان وأنا أوبّخ بعض أفراد الشرطة، وهذا يتطلب طاقة كبيرة جداً، تخيل حين تكرر تصوير المشهد وتستمر في الصراخ لساعات لأخذ اللقطة المناسبة، كنت أشعر أنني في جلسات علاج نفسي لتخفيف التوتر (يضحك).
وما أكثر الصعوبات التي واجهتكم أثناء التصوير بشكل عام؟
في الحلقتين السابعة والثامنة من الموسم الرابع هناك مشهد جماعي يخرج فيه مشيعون من البنك المركزي، يحملون نيروبي، كان ضباط الشرطة على وشك الهجوم، هذا المشهد صنعه وارتجله المُخرج العبقري خيسوس كولمينار، صحيح أن موتها كان مكتوباً بطريقة رائعة من فريق الكاتب الكبير أليكس بينا، وصحيح أن كل الكتاب عباقرة، إلا أن هذا المشهد (في إشارة إلى مشهد جنازة نيروبي) خلق حالة حماسية مدهشة كانت أشبه بركوب الأمواج، صعود وهبوط في المشاعر حتى نصل إلى ذروة الانفعال في المشهد باللقطة الأخيرة.
في المواسم الثلاثة الأولى كان الترسيخ لمبدأ اللاعنف بادياً بشكلٍ كبير، وهو ما خلق حالة تعاطف كبيرة مع السارقين. ولكن البروفيسور في المشهد الأخير من الموسم الثالث قال "إنّها حرب"، ليبدو وكأنّ الاستراتيجية تغيّرت. فلماذا اتّجه السيناريو إلى العنف؟
البروفيسور مر بحالات صعبة، ومشاعر مختلطة، آخرها فقدان حبيبته لشبونة، هذا التضارب والضغط الذي تعرض له ولَّد لديه حدّة في الحركة وردود الأفعال والعنف أيضاً، لكن الاحترام والمبادئ والسلوك العام الذي غلف المسلسل وغلف سلوك السارقين سينتصر في النهاية ويكون هو المسيطر.
هل تعتقد أنّ التغيير السلمي الكامل ليس مُجدياً في هذه الحالة؟
لا يُمكننا نسيان أنّ الحركة من أهم جوانب المسلسل، صحيح أننا بعد كثير من المشاهد المليئة بالحركة والتوتر نجد أن الجميع سيطرت عليه حالة سكون، لكنها ما تلبث أن تهدأ حتى تعود، فالوضع خارج البنك كان أشبه بحالة حرب.
هل ترى أنّ المسلسل حظي بهذا النجاح في العالم العربي لأنّ بلدانه تُعاني من الأنظمة الاستبدادية، وهو ما ساعد المسلسل على الارتباط برغبة تلك الشعوب في الانتقام من الأنظمة؟
لا شكّ أنّ مشاعر التمرّد واحدة من أهم جوانب نجاح المسلسل في العالم كله، فهناك الكثير من الناس حول العالم -وليس في العالم العربي فقط- يشعرون بالاضطهاد نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والواقع الاجتماعي.
وأعتقد أنّنا جميعاً نحمل شخصيةً مُتمرّدة في داخلنا، شخصيةً ترغب في التمرّد ضد الأوضاع القائمة التي لا تُعجبهم. وهذا جانب في شخصيتنا جميعاً يتطرّق إليه المسلسل.
الإشارة إلى قطع الإنترنت عن الثوار في يناير/كانون الثاني عام 2011 خلقت تفاعلاً كبيراً بين الجمهور المصري، فهل كان هذا الأمر مقصوداً بحكم وجود جمهورٍ كبير للمسلسل في العالم العربي الآن؟
صُنّاع المسلسل حرصوا بشكل كبير على الخروج بالأحداث من المحلية الإسبانية إلى العالمية، خاصة في المواسم الأخيرة، بعد أن أصبح انتشاره عالمياً، فأشرنا إلى مصر، وإلى صحراء الجزائر، وأعتقد أن الرسالة وصلت أننا نخاطب العالم كله.
هل ترى أنّ المسلسل منح المجرمين أفكاراً إبداعية لتطوير جودة الجريمة؟ وكيف تحوّل المجرم إلى أيقونة نضال، وتحوّلت أغنية بيلا تشاو إلى رمزٍ للنضال؟
لا أعتقد ذلك، وبخصوص الأغنية فإنها تحولت إلى رمز بطولة وتمرد ومقاومة، وبغض النظر عن موطنها الأصلي أو الخلفية السياسية التي انتشرت في إثرها هذه الأغنية، واستخدامها في المسلسل كان مهماً لأن هناك التقاء بين استخدامها في السيناريو وبين روح الأغنية، وهي التمرد، وكما أشرت سابقاً داخل كل شخص فينا يوجد إنسان متمرد، لهذا لاقت الأغنية نجاحاً كبيراً، ولم يتم تحويل سياقها، بالعكس.
يحمل أعضاء فريق البروفيسور أسماء عواصم غربية، فهل من الممكن أن نشاهد أعضاء جدداً يحملون أسماء عواصم عربية في المواسم المُقبلة؟
فكرة رائعة جداً.. أتمنى أن تصبح حقيقة.
متى سيصدر الجزء الخامس؟ وهل انتهى فريق الكتابة من وضح ملامحة ودورك فيه؟
(يضحك) لن أستطيع القول، المسلسل محاط بسرية تامة لضمان عدم تسريب الأحداث.