لم يعرض مسلسل "أم هارون" الذي يتناول حياة اليهود في الكويت بعد، لكنه مع ذلك أشعل جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي ما بين مؤيدين للعمل بوصفه يعرض وقائع تشكل جزءاً من تاريخ الكويت، وما بين معارضين اعتبروا العمل الفني محاولة للتطبيع مع إسرائيل، والتأثير على مواقف الشعب الكويتي من القضية الفلسطينية.
فما هي قصة مسلسل "أم هارون" الذي تعرضه قناة MBC في رمضان 2020؟ وكيف كانت أوضاع اليهود في الكويت قبل النكبة؟
قصة مسلسل "أم هارون"
العمل الدرامي من بطولة الممثلة الكويتية حياة الفهد، التي تلعب دور سيدة يهودية من أصول تنقلت بين إيران والعراق والبحرين والكويت، وعملت لسنوات في التمريض وتوليد النساء.
ويسلط "أم هارون" الضوء على اليهود كجزءٍ من النسيج الاجتماعي الكويتي قبل أن يتم إجلاؤهم في العام 1947، ملمحاً إلى "مظلومية" اليهود الذين هجروا وتم تحميلهم وزر إنشاء دولة إسرائيل.
"أم هارون" إنتاج مشترك بين شركة الفهد (التابعة للفنانة حياة الفهد) وشركة جرناس (التابعة للإماراتي أحمد الجسمي) وكلاهما منتج منفذ لصالح مجموعة MBC السعودية، وهو من إخراج المصري محمد العدل، ويشارك فيه الفنان السعودي عبد المحسن النمر.
تم تصوير مشاهد المسلسل بالكامل في الإمارات، كما حصل على إجازة النص من الإمارات كذلك، وسيتم عرضه خلال شهر رمضان 2020.
لماذا أثار مسلسل "أم هارون" الجدل؟
بالرغم من أن العمل لم يعرض فإنه أثار موجة واسعة من الانتقادات في الشارع الكويتي والعربي عموماً، إذ وجد الكثيرون أنه شكل جديد من أشكال التطبيع الناعم مع دولة إسرائيل، وتمهيد لتطبيع العلاقات بين الشعبين العربي والإسرائيلي.
بينما انتقده آخرون باعتباره عمل لا مبرر له في هذا التوقيت على الإطلاق، خصوصاً في ظل التطورات الأخيرة التي تلت "صفقة القرن"، وما يتعرض له الفلسطينيون من ممارسات عنصرية – سيما بعد انتشار فيروس كورونا في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة -.
وتخوف العديدون من تأثير مثل هذا العمل على موقف الشعب الكويتي الرافض للتطبيع، سيما أن الإعلان أوحى بأن المسلسل يبدي تعاطفاً مع اليهود المهجرين من الكويت.
على الجانب الآخر، وجد كثيرون أن هذا العمل يسلط الضوء على حقبة تاريخية كانت موجودة بالفعل في ماضي الكويت، وأن مهاجمة مثل هذه الأعمال إنما تعتبر محاولات لإخفاء الحقائق وطمس التاريخ.
تاريخ يهود الكويت
عاش اليهود فعلاً في الكويت، وبسبب ندرة المصادر التاريخية التي تتحدث عن وجودهم في الخليج عموماً، لا نعلم على وجه التحديد تاريخ قدوم اليهود إلى البلاد.
لكن تشير أحد الإحصائيات التي ذكرها المستشرق الفرنسي فيتال كينيه في أحد كتبه، على وجود نحو 50 يهودياً من أصل 20 ألف نسمة في الكويت في عام 1890.
وقد ذكر الباحث الكويتي يعقوب يوسف الإبراهيم أن تاريخ وجود اليهود في الكويت يعود إلى عام 1776، حيث هاجر يهود البصرة إلى الكويت بعد أن تم احتلال المدينة من قبل مؤسسي الدولة الزندية في إيران.
وبدأت أعداد اليهود في الكويت بالتزايد في أواخر القرن التاسع عشر، حيث توافدت العائلات اليهودية من العراق إلى الكويت.
العائلات اليهودية في الكويت
امتهن غالبية اليهود في الكويت التجارة، وخصوصاً تجارة الذهب والأقمشة.
وقد كان اليهود يشكلون أقلية في الكويت إذ يقدر عددهم بما يقارب 100 عائلة، من بينهم عائلات الربين وعزرا وصمويل وحصغير وخواجة ومحلب وغيرهم.
ومن بين الشخصيات الشهيرة التي تنتسب إلى هذه العوائل اليهودية الكويتية الموسيقيان الكويتيان: داوود الكويتي ابن عزرا وصالح الكويتي اللذان تجاوزت شهرتهما في فترة الأربعينيات حدود الكويت إلى بعض الدول العربية المجاورة.
وقد أسس اليهود سوقاً كاملاً سمي باسمهم "سوق اليهود"، كما أن ليهود الكويت مقبرة ما زالت موجودة ومسورة خلف مبنى مجمع الخليجية مقابل منطقة "شرق" الصناعية.
وتزامن تبدل المزاج الشعبي العام من اليهود، مع تسلم الشيخ سالم المبارك الصباح (1917-1921)، مقاليد الإمارة كتاسع حاكم للكويت، والذي عُرف عنه التدين، لتشكل هذه الخطوة نقطة تحول في أوضاع يهود الكويت.
هجرة اليهود من الكويت
نستطيع القول أن اليهود قد هاجروا من الكويت على ثلاثة دفعات، وقد كانت موجة الهجرة الأولى لهم على خلفية اتخذ سالم المبارك الصباح إجراءات متشددة ضد تقطير وتجارة الخمر التي اشتهر فيها اليهود.
أما موجة الهجرة الثانية، فقد بدأت في العام 1930 مع تصاعد ظاهرة الحركة الصهيونية وبدء الحشد للهجرة إلى فلسطين.
و شهد العام 1947، الهجرة الأخيرة لليهود من الكويت، وذلك حين أصدر أمير الكويت آنذاك الشيخ أحمد الجابر الصباح قراراً بإجلاء جميع العائلات اليهودية، على خلفية قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين.