فيلم Hustlers، الذي وصل الجمعة الماضي 13 سبتمبر/أيلول 2019، إلى دور العرض في الولايات المتحدة؛ عُرض بمهرجان تورونتو السينمائي الدولي في أوائل سبتمبر/أيلول، وهو من إخراج لوريان سكافاريا، الذي شبه بعضُ النقاد أسلوبه بأسلوب مارتن سكورسيزي.
لكن الفيلم ليس فقط فيلم الدراما والجريمة المستندة إلى أحداث واقعية؛ فهو أيضاً يثير قضية جدلية أخلاقية، تتمحور في الدافع خلف الأحداث الحقيقية؛ وإذا ما كان الأمر يستحق الحكم عليه من منظور أخلاقي أم انتقامي بحت.
"تنويه": يحتوي هذا المقال على حرق لأحداث أساسية في فيلم "Hustlers".
Hustlers:هل يستحق المصرفيون "المكروهون" التخدير والسرقة؟
بحسب ما نشره موقع BBC Mundo؛ تدور أحداث الفيلم الذي ظهرت فيه لوبيز برفقة كونستانس وكيكي بالمر وليلي راينهارت وجوليا ستايلز وليزو وكاردي بي، حول القصة الحقيقية لمجموعة من راقصات التعري من نيويورك قررن التخطيط "للانتقام" من عملائهن الأثرياء، ومعظمهم من المصرفيين -الذين يراهم البعض تجسيداً لجشع الرأسمالية- في وول ستريت بعد اندلاع الأزمة المالية في عام 2008.
يستند السيناريو إلى قصة كتبتها الصحفية جيسيكا بريسلر، نُشرت بمجلة New York Magazine في عام 2015.
أفرغت أزمة عام 2008 الملاهي الليلية بنيويورك؛ وهو ما أدى في الواقع إلى تعثر سامانثا بارباش وروزلين كيو وكارينا باسكوتشي ومارسي روزن، ودفعتهن إلى البدء في تخدير العملاء من مرتادي الملهى، حيث كنَّ يعملن لجعلهم يشربون حتى الثمالة.
وكان هدفهن هو إخراج بطاقاتهم الائتمانية سراً وجعل الرسوم تقدَّر بعشرات الآلاف من الدولارات.
حضرت كيو، المحكوم عليها بخمس سنوات تحت المراقبة في عام 2016، العرض الأول للفيلم في تورونتو لرؤية قصتها على الشاشة الكبيرة.
حفلات ماجنة.. حتى جاءت الأزمة
في الأشهر التي سبقت اندلاع الأزمة المالية في عام 2008، كانت قد بدت الحفلات الماجنة وزيارات المصرفيين لملاهي التعري كأنها لن تنتهي أبداً في وول ستريت؛ كنتيجة أرباحهم الكبيرة من جرّاء استغلال أزمات الرهن العقاري.
لكن الحقيقة أن احتفالات المصرفيين الماجنة قد انتهت بسبب أزمة الرهن العقاري، "صُوِّرت الكارثة أيضاً في فيلم آخر هو The Big Short"، ووصلت آثارها إلى نصف العالم.
وربما يعيد الفيلم إلى الأذهان لمحة من عالم فساد رجال المال الذي سبق وأن عرضه المخرج الكبير مارتن سكورسيزي من قبل في فيلم الشهير The Wolf of Wall street والذي تناول قصة المصرفي الشهير ورجل الأعمال جوردان بلفورت الذي اتهمته السلطات في قضايا فساد واحتيال مالي؛ وهو الفيلم الذي أشادت به أكبر الأقلام في هوليوود وتُوج نجاحه بترشحه لخمس جوائز أوسكار.
من دون الخوض في التفاصيل الاقتصادية، ينظر البعض إلى الفيلم على أنه انتقاد لـ "الفجور الرأسمالي" في ذلك الوقت، وتجسيد للعواقب المدمرة لأكبر أزمة مالية بالعقود الماضية.
يروي فيلم Hustlers قصة رامونا "جينيفر لوبيز"، وهي راقصة تعرٍّ ذات خبرة طويلة تتبنى ديستني "كونستانس وو" لتكون حامية لها، ولا تعلمها فنون الرقص فحسب، بل تعلمها كيف تستغل المصرفيين الذين يترددون على المكان في مانهاتن حيث تعمل كلتاهما.
ماذا حدث لراقصات التعري؟
في الحياة الواقعية، بعد ثمانية أشهر من التحقيق، اتُهمت سامانثا بارباش وروزلين كيو وكارينا باسكوتشي ومارسي روزن بالسرقة والاعتداء والتزوير، من بين جرائم أخرى، إلى جانب كارمين فيتولو، مديرة ملهى رودهاوس الليلي.
وبحسب ما ذكرته مجلة Time، قالت المدعية الخاصة لمكافحة المخدرات، بريجيت جي برينان، في ذلك الوقت، إن طريقة عمل المجموعة "لم تنطوِ فقط على سرقة 200 ألف دولار أمريكي، ولكنها هددت أيضاً صحة وسلامة الضحايا بإعطائهم مواد ضارة سراً".
حُكم على كيو وبرباش بخمس سنوات تحت المراقبة، وروزين وباسكوتشي بالسجن أربعة أشهر في عطلات نهاية الأسبوع وخمس سنوات تحت المراقبة.
نظرة غير نمطية.. وتناقض بين روايات الشخصيات الحقيقية
أصدرت كيو مؤخراً كتاباً عن تجربتها بعنوان The Sophisticated Hustler. وفي الوقت نفسه، قالت برباش إن الفيلم يستند إلى قصّة "مليئة بالكذب"، وتبحث إمكانية اتخاذ إجراءات قانونية.
الحقيقة هي أنه، إلى جانب ما هو صحيح في القصة الحقيقية التي ألهمت الفيلم، أُشيد بالفيلم لعرضه نظرة غير مسبوقة على عالَم راقصات التعري، بعيداً عن الصور النمطية لأفلام التسعينيات مثل Showgirls أو Striptease؛ وهو ما يثير تعاطف المشاهدين معهن برغم أن أفعالهن لا تزال رسمياً وقانونياً "جريمة تخدير وسرقة".
أكد آخرون أنه تجسيد لتجاوزات الرأسمالية والشرور التي تصيب المجتمع الأمريكي، وهي فكرة تنعكس في إحدى العبارات التي تقولها شخصية رامونا: "هذه المدينة، وهذا البلد كله، ما هو إلا نادٍ للتعري. لديك أناس يرمون المال وأناس يرقصون".