تعد الملصقات من الفنون المرئية، وهي الفنون التي نُطلق عليها اسم الفنون التشكيلية، أي تلك الفنون التي يتم تلقِّيها عن طريق حاسة البصر، يمكن تعريف ملصق الفيلم بأنه مساحة من الورق مطبوعة تعلن عن فيلم.
ورغم تعدد أنماط الفيلم إلى ثلاثة أنماط أساسية، هي: الروائي، والتسجيلي، والتحريكي فإنها تحتاج جميعاً إلى التعريف بها والترويج لها، من أجل أن يستردَّ المنتجون، على الأقل، أموالَهم التي أنفقوها لإتمام جميع خطوات تنفيذ الأفلام، بل من المفترض أن يحققوا أرباحاً تشجعهم على خوض تجربة إنتاج أفلام جديدة، حتى تستمرَّ صناعة عمل الأفلام؛ لذا فإنَّ ملصقات الأفلام تعتبر هي أهم وسائل الدعاية للأفلام.
هذا الفن كانت بدايته في الغرب، فقد أصبح تصميم الملصقات شائعاً عند الفنانين الأوروبيين في القرن التاسع عشر، ففي حوالي عام 1866، بدأ الفنان الفرنسي جول شيريه بإنتاج أكثر من ألف ملصق ملون كبير الحجم، باستخدام الطباعة الحجرية الملونة التي كانت حديثة الاختراع. وفي التسعينات من القرن التاسع عشر، اكتسب الفنان الفرنسي هنري دوـ تولوز لوتريك شهرة بسبب تصميماته الجميلة الواضحة للملصقات التي صمَّمها للمسارح وقاعات الرقص.
وصمَّم عدد من الفنانين في القرن العشرين ملصقاتٍ تم جمعها على أنَّها أعمال فنية، ويرى أحد المتخصِّصين في هذا الفن أن الفضل في صناعة "الأفيش" في الدول العربية، ومصر بالتحديد، يعود إلى الأجانب من الجنسية اليونانية، الذين لهم الفضل في وصول فن "الأفيش" إلى مستويات عالية، إضافة إلى أن هؤلاء حملوا تلك الصناعة من بلادهم، وكانت لهم علاقة قوية بفنَّي التصوير الفوتوغرافي والرسم.
ومن هذا المنطلق بدأ هؤلاء الذين كانوا في البداية يتمركزون في الإسكندرية بمواكبة ذلك الفن الجديد، ومع مرور الزمن طغت التكنولوجيا الرقمية على السينما.
في أيامنا بقي المتحف هو مكان "الأفيش" المرسوم بالطريقة التقليدية.
"شمس الدين بلعربي"، فنان جزائري كرَّمته هوليوود، بعد أن استطاع أن يغزو برسوماته بوسترات "أفيشات" السينما العالمية.
"في البداية كنتُ أعيشُ في قرية صغيرة بريف محافظة مستغانم غربي الجزائر، بعيدة عن الحضارة، وكنت أرعى الغنم مع خالي -رحمه الله- وبينما كنت أُمارس مهنة رعي الغنم في سن الخامسة، كانت تمرُّ بجانبي صفحات الجرائد، وكانت تجذبني الصور البرَّاقة لنجوم السينما، فألتقط هذه الجرائد من على الأرض وأتمعن فيها وأرسمها بالعود في الرمال.
وعندما بلغت سن السادسة انتقلت إلى المدينة لكي أدخل المدرسة، وفي المدرسة بدأ المعلمون يكتشفون موهبتي، وبدأت أُعطي الأهمية لمادة الرسم أكثر من باقي المواد مثل الرياضيات والفيزياء.
أنا من عائلة فقيرة جداً، اضطررت إلى التوقف عن الدراسة والخروج إلى الشارع لامتهان حرفة الرسم، مثل تزيين المحلات التجارية والديكور، لكن الشارع قاسٍ جداً، تعرَّضت للاستغلال من قبل عديمي الضمير، الذين امتصوا طاقتي الفنية، وفي بعض الأحيان كنتُ أعملُ عند أشخاص، وعندما أطلب أجرة عملي كنت أتعرَّض للضرب، وكنت أمرُّ بجانب قاعات السينما، أشاهد الأفيشات والصور الضخمة لنجوم السينما عند أبواب القاعة، وعندما أعود إلى البيت أرسم كلَّ ما شاهدتُه على أوراق الرسم، وبدأت أرسلُ الرسوماتِ إلى شركات الإنتاج السينمائية.
وبعد فترة من الزمن شاهدتُ في التلفاز واحدةً من رسوماتي، وبدأتُ أسمع في الراديو عن رسام اشتهرت أعماله في كل العالم، و جاء وفد من كبار السينمائيين إلى مدينة وهران وكرَّموني في حفل كبير، وحصلت على لقب فنان العرب، على أساس أنني آخر عربي وإفريقي مازال يصمم ملصقات الأفلام العالمية بالطريقة التقليدية.
وفكَّرت في تطوير هذا الفن، وأضفت إليه لمسات عصرية، وعرضته على المخرجين والمنتجين وكانت تجربتي الأولى مع فيلم Ley Mortal.
ومنه كانت الانطلاقة، وبدأت أتلقَّى الطلبات من المنتجين والمخرجين من كل أنحاء العالم. وعندي رسائل تشجيعية نادرة جداً، وصلتني من الفنانين والرياضيين، وخاصة من عائلة الملاكم محمد علي كلاي وكثيرين.
واجتمعت أكثر من 60 شخصية عالمية من فنانين وكتاب ونجوم هوليوود، وصوَّروا فيديو وهم يعطون رأيهم في رسوماتي".
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.