التنانين، والغراب ثلاثي الأعين، وأطفال الغابة، وجيش الموتى.. كل تلك المخلوقات الخيالية جعلت من مسلسل Game of Thrones واحداً من أكثر المسلسلات شعبية في العالم أجمع.
لكن روعة هذا المسلسل لا تقتصر فحسب على القصص الخيالية التي يحتويها، فبحسب مجلة BBC History البريطانية، يحتوي المسلسل على كثير من الحكايات المقتبسة من شخصيات حقيقية عاشت في القرون الوسطى، ما يجعل منه عملاً مثيراً حقاً للاهتمام. وكما أشار كاتب المسلسل، جورج مارتن، إلى أن معركة العرش الحديدي مستندة بصفة عامة إلى "حرب الوردتين" التي نشبت في القرن الـ 15 على عرش إنجلترا، هناك قصص أخرى في الممالك السبع تستند إلى أحداث تاريخية حقيقية، إليكم بعض الأمثلة:الملكة سيرسي والملكة إيزابيلا
شُبِّهت سيرسي لانستر بعدد كبير من ملكات العصور الوسطى، مثل مارغريت أنجو (المتوفاة عام 1482)، زوجة هنري السادس.
ولكن لعل أكثر تلك الملكات شبهاً بسيرسي "اللبؤة ذات العينين الخضراوين"، الملكة إيزابيلا زوجة إدوارد الثاني، "ذئبة فرنسا".
تتقاطع حياة الملكتين في عدة نقاط؛ أبرزها أن الملكتين تزوجتا في سن صغيرة لأغراض سياسية، فالملكة إيزابيلا هي ابنة الملك فيليب الرابع ملك فرنسا، وشقيقة خلفائه الثلاثة.
تزوجت، ربما وهي بعمر الـ 12 عاماً، بإدوارد الثاني ملك إنجلترا عام 1308.
وأنجبت من إدوارد أبناءها الأربعة، لكنه اشتهر بإهماله لها تماماً كما كان روبرت براثيون ينشغل عن ملكته الجميلة سيرسي.
لكن، عكس ملك كينغز لاندينغ، انشغل ملك إنجلترا بالذكور الوسماء المقربين منه، رغم محاولة باروناته المستمرة إبعاد هؤلاء وإقصائهم.
مع ذلك نشأت علاقة وطيدة جداً بين إدوارد الثاني وهيو ديسبينسر الأصغر، وهو ما أشعل العداوة بين إيزابيلا وعائلة ديسبينسر، سُلبت من إيزابيلا أراضيها في إنجلترا نتيجة هذا العداء وكذلك أطفالها، وانهارت حياتها.
كل ذلك أدى إلى انفصال إيزابيلا وإدوارد عملياً.
تماماً مثل سيرسي.. إيزابيلا لم تستسلم
لكن "ذئبة فرنسا" لم تستسلم، فهي وسيرسي تتشاركان الإصرار والعزيمة نفسيهما، فاتخذت من اللورد الإنجليزي المنفي في باريس روجر مورتيمر عشيقاً لها، وتآمرا على زوجها بالتعاون مع ابنها.
وبعد اقتراض إيزابيلا وابنها ومورتيمر أموالاً بكميات هائلة من المصارف الإيطالية في العام 1326، غزا ثلاثتهم إنجلترا وأطاحوا بزوجها إدوارد الثاني.
ولا نعرف إلى أي مدى كانت إيزابيلا متورطة في الميتة البشعة التي لقيها زوجها في العام 1327، لكنها حكمت إنجلترا هي ومورتيمر أربع سنوات تالية.
وما إن اعتلى ابنها، إدوارد الثالث، عرش المملكة في العام 1330، حتى سارع إلى سجن والدته وإعدام حبيبها الذي لا يُؤتمن جانبه.
ترى هل كان من الممكن أن يتمرد الملك تومين على والدته بالطريقة نفسها في الموسم السادس من Game of Thrones قبل أن يقرر الانتحار؟
البنك الحديدي في برافوس والمصارف الإيطالية
أوجُه الشبه بين إيزابيلا وسيرسي مذهلة: الخيانة، والتواطؤ في وفاة الزوج، ومحاولة الوصول إلى الحكم من خلال الأبناء.
وقد تمكنت إيزابيلا ومورتيمر من جمع الأموال اللازمة لمهمة الغزو من المصارف الإيطالية، لأن إدوارد الثاني (زوجها) تخلف عن سداد ديونه لهذه المصارف؛ في حين وعدت إيزابيلا وإدوارد الثالث (ابنها) باستئناف السداد.
وبالمثل، كان المصرف الحديدي في برافوس مستعداً لدعم ستانيس ضد تومين، حالما تتخلف سيرسي عن سداد المبالغ الطائلة التي تدين بها للمصرف.
تنظيم "العصافير" وحركة الفرنسيسكان
دفعت الأزمة المالية التي يمر بها التاج سيرسي إلى إبرام صفقة مع تنظيم "العصافير"، الحركة الشعبية المتعصبة المختبئة وراء ستار الدين.
يشبه تنظيم "العصافير" حركة الفرنسيسكان، التي أسسها القديس فرنسيس نحو عام 1209.
وكان هدف الفرنسيسكان العودة إلى نموذج المسيحية الأبسط والأقل هوساً بالمال، حيث أقسم الأخوان الفرنسيسكان (الرهبان) على التزام الحياة المتواضعة، وكانوا يتنقلون من مكان إلى آخر للتبشير، والتحدث عن الإنجيل مع عامة الناس بلغة يفهمونها.
وكما جمعت محاكم التفتيش بين السُّلطة والدين، إذ أجبرت المذنبين على المثول أمام المحاكم الدينية ومعاقبتهم على جرائمهم، كذلك قام الـ "high sparrow" بإجبار جميع من يراه مذنباً على المثول أمام محاكم دينية، ومن ضمنهم مارغريت وسيرسي.
سكان الجزيرة الحديدية والفايكينغ
يعيش سكان الجزيرة الحديدية على مهاجمة جيرانهم وبيع أسراهم بسوق العبيد في فولانتيس، ويعتمدون في ذلك على مقاتليهم من القراصنة المتوحشين، الذين يستخدمون سفنهم الطويلة والسريعة والقوية لتُمكِّنهم من المناورة والتحرك بسرعة.
وكذلك كان الفايكنغ (في القرنين التاسع والحادي عشر) يعتمدون على سفنهم الطويلة للإغارة على المناطق الواقعة على طول سواحل أوروبا، والإبحار في أنهار روسيا وصولاً إلى البحر الأسود، والمرور بالبحر المتوسط، وبالطبع عبور بحر الشمال، للوصول إلى الجزر البريطانية.
إن فكرة معظمنا عن الفايكنغ هي أن الجزء الأكبر من اهتمامهم ينصبُّ على عمليات النهب السهلة، لكنهم في الحقيقة كانوا نشطين في تجارة الرقيق الأوروبية تماماً مثل سكان الجزيرة الحديدية.
الدوثراكي والمغول
عاد شعب الدوثراكي إلى الظهور في مسلسل Game of Thrones بعد غياب طويل.
هؤلاء المحاربون المتميزون بلون بشرتهم النحاسي، يشبهون إلى حد ما شعوب المغول في آسيا الوسطى.
حيث حكم المغول أكبر إمبراطورية شهدها العالم وكانت تمتد من المحيط الهادئ إلى المجر.
وكان رجال الكنيسة الغربيون يزورنهم كثيراً في القرن الثالث عشر، لتسليمهم رسائل من ملوك غربيين ومن البابا.
وقد كتب الرهبان عن رحلاتهم بالتفصيل، وتحدثوا عن مدى سوء الطقس وغرابة الطعام والشراب، فالمغول يفضّلون لحوم الفَرس عن غيرها من الحيوانات.
وذكر أحد الكُتاب أن المغول كانوا يعاملون جميع الشعوب الأخرى بازدراء.
وعند سماعهم عن مملكة فرنسا، سألوا عمّا "إذا كان هناك كثير من الأغنام والماشية والخيول هناك، وعمّا إذا كان من الأفضل أن يذهبوا إلى هناك في الحال ويستولوا على كل شيء أم لا".
زعيم الدوثراكي أيضاً كان طموحاً للغاية، إذ أقسم كال دروغو على اصطحاب رجاله على متن "الخيول الخشبية" (السفن) لمهاجمة ويستروس والاستيلاء على العرش الحديدي من أجل زوجته الحبيبة.