أين اختفى أحمد الشقيري بعد "خواطر 11″؟ برنامج "قمرة" الذي خُصص في الأعوام الماضية للمبدعين الشباب لم يملأ فراغ "خواطر" أحد أكثر البرامج الدينية والثقافية شعبية في العالم العربي.
فانقطع عن العالم وعزل نفسه في جزيرة منسية ليقدم لنا "أربعون".
تعرَّف على تجربة الشقيري الفريدة، والتي ستُبعده عن الشاشات لأول مرة منذ العام 2005.
لماذا اختار أحمد الشقيري الخلوة؟
جاءت حاجة الشقيري للعزلة بعدما قرر إنهاء برنامج خواطر الذي امتد على 11 جزءاً لاقت رواجاً وشعبية هائلة في كل أنحاء الوطن العربي.
وتحدث الشقيري في لقاء تلفزيوني على شاشة "العربية" بأن حاجته لهذه الخلوة هي لتأمُّل ما حققه في الفترة الماضية والتخطيط للخطوات القادمة في المستقبل، خصوصاً أن انتهاء البرنامج خلَّف فراغاً شديداً في حياة الشقيري، مما أدى إلى اضطراره لمواجهة الكثير من المشاكل والعقد التي كان يتناساها أثناء انشغاله ببرنامجه، فشعر حينها بحاجة ماسة للانفراد بنفسه منعزلاً عن الناس ليعيد ترتيب حساباته.
جزيرة صغيرة تبدو كنقطة على الخريطة
اختار الشقيري جزيرة نائية في المحيط الهادي وصفها بأنها تبدو نقطة صغيرة جداً على الخريطة لتكون ملاذه في عزلته.
لا يتعدى تعداد سكان هذه الجزيرة الـ80 نسمة، وهي خالية من كل أنواع التكنولوجيا ومظاهر الحياة الحديثة.
استأجر الإعلامي السعودي مكاناً متواضعاً على المحيط، وبقي هناك 40 يوماً لا يحمل أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي سوى هاتف صغير يصلح للاتصال فقط.
حيث أعطى رقم هاتفه لزوجته وأبيه ومدير أعماله وطلب منهم ألا يتصلوا به إلا في حال الضرورة القصوى.
ماذا فعل الشقيري في خلوته؟
بعيداً عن الناس والتكنولوجيا، صام الشقيري الـ40 يوماً بالكامل وقرأ خلالها 40 كتاباً.
فكر الإعلامي السعودي أيضاً بجميع العادات السيئة التي لطالما رغب بالتخلص منها، وبالعادات الحسنة التي يرغب في اكتسابها ووضع استراتيجيات تؤهله لفعل ذلك.
وخرج مقدم برنامج خواطر من عزلته بقناعات وتأملات لخَّصها بأحدث إصداراته، كتاب سمَّاه "أربعون".
تحدث من خلاله عن طرق لتطوير الذات وتنمية الشخصية وأدلة عملية يمكن للقارئ اتباعها لتحقيق أهدافه.
لماذا "أربعون"؟
تساءل متابعو الشقيري عن سبب اختياره لـ40 يوماً تحديداً وعن سبب تسمية كتابه "أربعون".
فأوضح من خلال عدة لقاءات تلفزيونية له أن من يريد العزلة يستطيع أن يختار الفترة التي يراها مناسبة، لكنه اختار 40 لعدة أسباب.
أبرزها أنه وصل إلى الأربعينات من عمره ويواجه ما سمّاه "أزمة منتصف العمر".
فالناس برأيه يقفون أمام تحدٍّ هائل عند الوصول إلى هذا العمر، وهو إيجاد هدف جديد في الحياة.
وإيجاد هذا الهدف كان أحد المقاصد الرئيسية من عزلته، كما تمحور كتابه حول هذه النقطة أيضاً.
عن الكتاب
يتألف كتاب "أربعون" من 10 أقسام، كل قسم يحتوي 40 مقالة عن موضوع معين.
يعكس الكتاب تجارب أحمد الشقيري الشخصية في الإقلاع عن عادات سيئة كان يمتلكها وتبنّي نهج جديد في الحياة.
كما يحتوي على أفكار خلاقة تساعدك في تطوير حياتك والسيطرة عليها وإعادتها إلى المسار الصحيح.
وبالرغم من أن الكتاب لم يكن الهدف الرئيسي من خلوة الشقيري، فإنه كان من أهم مخرجاتها.
الغريب أن مقدم برنامج خواطر عبَّر في مقابلة تلفزيونية مع قناة دبي عن عدم حبه للكتابة، وأضاف أنه لا يعتبر نفسه كاتباً، كل ما هنالك أن لديه سيلاً من الأفكار التي يحب مشاركتها مع الجمهور.
وقفٌ كمجمل أعماله
منذ أيام برنامجه الشهير "يلّا شباب" قرر الإعلامي السعودي عدم تقاضي أجر على أي من أعماله الإعلامية.
"يلّا شباب"، "خواطر"، "مقهى أندلسية في جدة" وجميع كتبه بما فيها "أربعون" كلها ذهبت عوائدها للأعمال الخيرية ولم يتقاضَ الشقيري عليها أي أجر.
وقد برر ذلك بأنه لا يريد أن يكون هناك علاقة بين المال وما يقدمه إعلامياً.
وبذلك لا يحدد ما يتقاضاه توجهاته الإعلامية وبماذا يخوض وعن ماذا يعرض.
رحلة للوصول إلى السلام الداخلي .. فهل آتت أكلها
أحد أهم أسباب عزلة الشقيري هي محاولة الوصول إلى السلام الداخلي الذي لا يعتبر مفهوماً غربياً دخيلاً إلى ثقافتنا كما هو متعارف، فقد عبَّر عنه القرآن الكريم بمصطلح "النفس المطمئنة".
حيث يرى الإعلامي السعودي أن التأمل والتعمق بالنفس البشرية وفهم لماذا نتعرض لهذه الصراعات الداخلية مع أنفسنا هو الخطوة الأولى للوصول إلى السلام الداخلي.
في كل الأحوال هو لا يدَّعي أنه وصل إلى هذه المرحلة أثناء خلوته، لكنها كانت ولاتزال هدفاً أساسياً من أهدافه بالحياة.