من الصعب أن نتذكر فيلماً ترشح لجائزة أوسكار وأثار ردود فعل متباينة كثيراً مثل فيلم Vice الذي ألَّفه آدم مكاي.
هل سيفوز فيلم Vice بجائزة الأوسكار؟
يتحدث الفيلم عن السيرة الذاتية لديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن وساعده الأيمن، وصعوده القذر إلى السُّلطة.
ووفق صحيفة The Guardian البريطانية فإن بعض الناس يعتقدون أن هذا هو أفضل فيلم في العام الماضي 2018.
بينما يرى البعض الآخر أنه من بين أسوأ الأفلام، فيما يعتقد آخرون أنه يُشكِّل تهديداً لمفهوم الحقيقة نفسها بالتحديد.
خلاف شديد حول الفيلم
بيد أن الخلاف الشديد المُثار حول الفيلم هو السبب في أنه قد يفوز بجائزة أوسكار فوزاً مثيراً للاهتمام في الوقت المناسب.
فهذا الفيلم يهدف إلى تحريك المياه الراكدة، ولفت الانتباه، وإثارة جدالاتٍ ساخنة غير مُريحة في ردهات دور العرض.
وهو فيلم لا يسأل: "لماذا لا نتعايش ونمضي قدماً وحسب؟"، بل يشرح بصراحة لماذا لا نفعل ذلك.
قصة فيلم Vice
يؤدي كريستيان بيل، الذي تألق في أحد "تحولاته الدرامية" المتكررة، دور تشيني.
وهي الشخصية التي يبدو أنها تمتلك قدرة تحوُّلية على الظهور في كل حدثٍ أسهم في تشكيل الحزب الجمهوري الحديث.
وذلك بدايةً من فترة احتضار إدارة الرئيس الأسبق نيكسون، ومروراً بصعود نظيره اللاحق ريغان وتمايل المحكمة العليا العنيف تجاه التيار اليميني، وانتهاءً بإدارة بوش، حيث صارت اللعبة السياسية الطويلة التي بدأها منذ ربع قرن تؤتي ثماراً مذهلة أخيراً.
وبصفته نائب الرئيس جورج بوش فهو قادر على إعادة تشكيل الدور لمصلحته بطريقةٍ مذهلة.
إذ يُراكم في قبضته مهام تبدو مملةً، لكنَّها تُشكِّل معاً مجموعة كبيرة من الصلاحيات الجامحة التي كانت تلقى تشجيع زوجته لين.
والتي استخدمها في سعيه وراء البلوتوقراطية والمغامرات العسكرية والفساد.
من المؤكد أن تحول بيل الجسدي يجذب الانتباه أكثر من تمثيله. إذ يبدو بديناً على نحو لافت، بل ربما أكثر بدانة مما كان عليه تشيني نفسه.
لكن الأكثر إثارة للإعجاب هو السكون المقنع في أدائه. وفي الوقت الذي يبدو كما لو أنه يتحرك بالكاد، فإنه يحسب -خلف ومضات عينيه الرشيقة- خطواته الشريرة القادمة.
السلطة من أجل السلطة
أشار بعض نقاد فيلم Vice الكثيرون إلى أن تشيني يبدو وضيعاً بصورة كاريكاتيرية، فلا يهمه شيئاً سوى السعي وراء السلطة من أجل السلطة نفسها.
غير أن "السلطة من أجل السلطة" كان تلخيصاً دقيقاً لحال الحزب الجمهوري في السنوات الأخيرة، الذي تبدلت مواقفه الراسخة منذ عهد طويل للنقيض إلى أن صار ترامب الرئيس.
فكل ما يهم في هذه الأيام على ما يبدو هو الفوز ولا شيء سوى الفوز.
لا شك أن فيلم Vice يحرص بين سطوره على الإشارة إلى شؤم قدوم ترامب، الذي يحوز في منصبه الرئاسي قوى هائلة مما يجعله يوجه الشكر إلى عمل تشيني الحريص على ضمان سيادة هذا المكتب.
ومثلما هو الحال مع فيلم مكاي السابق The Big Short، يستهدف Vice تفسير فكرة معقدة كبيرة بأسلوب جذاب ومفعم بالنشاط بقدر الإمكان.
وهذا من نوعية الأفلام التي يضيف فيها القائمون عليها جميع التفاصيل إلى المشهد وينتظروا ليشاهدوا ما الذي سينتج.
إذ يظهر في كل مشهد على حدة مظهراً مختلفاً من مظاهر الغرور أو التحايل.
فيحتوى على أحاديث النفس (المونولوج) التي تكسر الجدار الرابع بين الممثلين والمُشاهِد، والرواة الذين لا يمكن الاعتماد عليهم.
وما لا يقل عن تفصيلة واحدة منمّقة ومزخرفة، ومشهداً يضم اثنين من الممثلين على نمط التراجيديا الشكسبيرية.
لا تنجح جميع هذه الأشياء -والأفضل ألا نتحدث عن مشهد متعالٍ على نحو مُغضب يأتي في نهاية تتر الختام ويسخر من المشاهدين الصغار لتفضيلهم مشاهدة سلسلة أفلام Fast and Furious بدلاً من الالتفات إلى السياسة.
الأكثر من هذا -مثلما هو الحال مع المحتوى الكوميدي- أنه إذا كان هناك بعض المشاهد التي لا تحبها، فيمكنك انتظار المشهد القادم بعد دقائق قليلة.
هل هو فكاهي فعلاً؟
يبدو فيلم Vice فكاهياً في كثير من الأحيان، فيمتلئ بنوعية الفكاهة الغريبة نفسها التي تحمل المفارقات في أعمال مكاي الكوميدية الصريحة التي على شاكلة فيلم Anchorman وفيلم The Other Guys.
كما يبدو الممثل ستيف كاريل مسلياً وهو يؤدي دور وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد.
إذ يقلد صوته الذي يشبه عواء ابن آوى، مثلما يقلد روكويل جورج دبليو بوش بطريقة مذهلة.
أما بيل -وهو ممثل يُقترن أداؤه في الغالب بالجدية المتكبرة- فإنه يقلد بعضاً من أشهر مزاح تشيني. لا سيما النكتة المتكررة التي يعلن فيها بهدوء وسرور أنه يتعرض لنوبة قلبية وأن عليه ربما على سبيل الاحتراز الذهاب إلى المستشفى.
لا يعد فيلم Vice مثالياً، ولم تكن نية القائمين عليه أن يكون كذلك وبدلاً من هذا، يبدو جهداً متخماً ومبعثراً ومبالِغاً في الطموح، وهو جهد يخطئ أحياناً.