إعداد فيلم يوثّق لمأساة اللاجئين السوريين فكرة جيدة ستلفت النظر إلى معاناتهم، وخاصة إذا كانت الجهة المنتجة هي هوليوود. ذلك هو الخبر، لينا دنهام تكتب فيلماً عن السوريين. ولكن، ماذا لو كانت كاتبة الفيلم تحاول استغلاله لتبييض تاريخها غير الناصع؟
هذه التهمة التي تواجهها بالضبط الممثلة والكاتبة السينمائية لينا دنهام Lena Dunham.
لينا دنهام تكتب فيلماً عن السوريين ومعاناة اللاجئين
تتعرض دنهام لهجوم عنيف بعد إعلانها قبول عرض المخرجَين العالميَّين ستيفن سبيلبرغ وجيه جي أبرامز، لكتابة سيناريو يتناول حياة لاجئة سورية تقطعت بها السبل في البحر.
عبرّت على حسابها بموقع تويتر قبل أيام عن سعادتها بهذا التكليف:
Very lucky to have this job, to tell this story, to support this truth with these people. ❤️ https://t.co/EgcRfKA0ks
— Lena Dunham (@lenadunham) October 29, 2018
قبل أن تُفاجأ بعاصفة من الردود الغاضبة على شبكات التواصل الاجتماعي. لماذا؟
تاريخ لينا دنهام مثير للجدل ومليء بالتحرش والاغتصاب
رغم نشاطها في مجال حقوق المرأة، وجدت دنهام نفسها في قلب عدد من الحوادث المثيرة للجدل.
ففي عام 2014، اتُّهمت بالتحرش الجنسي بأختها عندما كانت في سن السابعة.
وبعد عامين اعتذرت عن انتقاد سلوك لاعب كرة القدم الأميركية "أودل بيكهام جونيور" في فعالية Met Gala.
وفي وقت لاحق من العام نفسه، اعتذرت عن دعابة حول الإجهاض.
عام 2017، اعتذرت مرة أخرى عن الدفاع عن الكاتب "موراي ميلر"، بعد أن اتهمته الممثلة أورورا بيرينو بالاغتصاب.
كما تعرضت للانتقادات بعدما قالت إن خبر انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة تسبب في "تحطيم روحها" وفقدانها الوزن!
والآن يرى عدد كبير من النقاد أن دنهام تحاول استغلال الفيلم الجديد لـ "تبيض" تاريخها المثير للجدل.
انطلقت إلى عالم الشهرة عبر كتابة وبطولة مسلسل عرضته شبكة قنوات HBO إسمه Girls لعدة مواسم. المسلسل الذي لاقى ردود فعل متناقضة حول حقيقة وميول وأهواء فتيات جيل الألفية الثالثة.
لكنها تحاول اليوم توثيق قصة لاجئة سورية
صحيفة The guardian استعرضت في تقرير نشرته الثلاثاء 30 أكتوبر/تشرين الأول 2018، الانتقادات التي تعرضت لها دنهام بسبب موافقتها على المعالجة الفنية لرواية "الأمل أقوى من البحر".
الرواية كتبتها ميليسا فليمنغ، رئيسة قسم الاتصالات في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وتتناول قصة اللاجئة السورية دعاء الزامل، التي نجت من الغرق، بعدما تعرض المركب الذي يقلّها للاصطدام بسفينة في البحر المتوسط، في حين غرق خطيبها.
ومنتقدوها يتهمونها باستغلال مأساة اللاجئين
وبعد نشر مجلة Variety الأميركية نبأ التكليف، تعرضت الكاتبة لعاصفة من الانتقادات على شبكات التواصل الاجتماعي.
وكتبت سوزان سامين، المحررة الكوبية من أصول سورية: "إذا لم تكوني سورية فأرجو أن تتركي قصص السوريين جانباً، وخاصة إذا كنت لينا دنهام".
سامين تساءلت أيضاً عما إذا كانت دنهام قد تبرعت من قبلُ لصالح جهود الإغاثة الخاصة باللاجئين.
وأضافت: "لديّ فضول لمعرفة إذا كنت قد فعلت ذلك، على الأقل قبل أن تستغلي آلام شعبي!".
Hi hello, please leave Syrian stories alone if you aren't Syrian and especially if you are Lena Dunham. Thank you. https://t.co/FZInaC7qmD
— 𝔖𝔲𝔷𝔦𝔢 𝔖𝔞𝔦𝔫𝔴𝔬𝔬𝔡 (@suzannesamin) October 29, 2018
أما نيها شاستري مراسلة CNN، فقالت: "نحتاج شخصاً آخر (لكتابة الفيلم). يُبدي قليلاً من الاهتمام بإبراز أهمية معاناة اللاجئين السوريين".
Anyone else take issue with a person who has shown very little regard for the importance of representation in her work writing a Syrian refugee's story?
I do. Come on, Hollywood. https://t.co/ycTB0PlKfN
— Neha Shastry (@NehaShastry) October 29, 2018
ويطالبون بكاتبة عربية لتوثيق المأساة السورية
بعد الإعلان عن أن لينا دنهام تكتب فيلماً عن السوريين، أشار الكاتب دانييل مدينا إلى دنهام بقوله: "تتحدث عن أهمية إبراز معاناة اللاجئين لإثراء الرواية. ومع ذلك، فقد أظهرت من الناحية العملية تجاهلاً فعلياً لهذه الأصوات".
وأضاف مستنكراً: "الآن تم اختيارها لكتابة قصة لاجئة سورية في هوليوود! ألا يوجد أي كاتبة عربية متاحة؟".
@lenadunham constantly talks about representation as crucial to enrich storytelling. Yet, in practice, she has shown a disregard for actually elevating those voices. Now, she's been signed on to write a Syrian refugee's story? Hollywood, was no female Arab writer available? https://t.co/FB5sLsb7WD
— Daniel Medina (@dmedin11) October 29, 2018
أما لورا ساي، الأستاذة المساعدة في كلية كولبي بولاية ماين، فكتبت: "بالتأكيد، هناك رواة للقصص كانوا في الواقع لاجئين، أو على الأقل لديهم بعض الخبرة حول هذا الأمر، ويمكنهم كتابة هذا السيناريو".
"من الصعب التفكير في خيار أسوأ لهذا الفيلم من دنهام"، أضافت ساي.
Surely there are storytellers who have actually been refugees, or at least had some experience with what it means to be marginalized, who could write this screenplay adaptation with authenticity &, um, not white privilege. Hard to think of a worse choice for this than Dunham. https://t.co/NHRyt4k86G
— Laura Seay (@texasinafrica) October 29, 2018
وكاتبة الرواية تطمئنهم: لن يتم تشويه القصة!
دنهام ردَّت على الانتقادات، بقولها: "إذا كنتم ترغبون في مناقشة المشروع، فأنا أحب أن أتلقى وجهات نظر وأن أشارك في حوار معكم".
وانضمت صاحبة الرواية، ميليسا فليمنغ، إلى الدفاع عن دنهام والمشروع برمته، فكتبت: "الكتاب قصة حقيقية عهدت بها إليّ دعاء".
وأضافت: "ولو لم أكتب هذه الرواية، فربما لم يعلم أحد بقصتها. صوتها كان مجرد قصة إخبارية لمدة يوم واحد".
"لقد تم إعطائي كل التأكيدات بأن قصة الفيلم ستظل حقيقية وصحيحة"، تابعت فيلمنغ.
The book is a true story entrusted to me by Doaa. If I hadn't written it, I am afraid it would have not been told, her voice a one-day news story. I have been given every assurance this screen adaption and movie will remain true.
— Melissa Fleming (@melissarfleming) October 29, 2018
إذن لينا دنهام تكتب فيلماً عن السوريين الذين يجازفون بكل شيء
"أمل أقوى من البحر" كتاب يروي قصة دعاء الزامل. وقد أعدّته فليمنغ بعد أن سمعت عن قصة غرق سفينة صيد كانت تبحر إلى أوروبا، وعلى متنها 500 مهاجر، نجا منهم 11 شخصاً فقط.
دعاء كانت من بين الناجين، وهي فتاة سورية من درعا، وثقت فليمنغ تجربتها.
وتدور أحداث القصة بين درعا وعمّان والقاهرة، وصولاً إلى عمق البحر المتوسط، حيث فقدت دعاء خطيبَها في عرض البحر قبل أن تنجو.
تقول فليمنغ إن "البطلة دعاء صورةٌ لملايين الأمهات والآباء والأخوات والإخوة، الذين يجازفون بكل شيء، في محاولة فرارهم من الحرب والعنف والموت".