يعتبر مسلسل Breaking Bad أحد مسلسلات الدراما الأميركية المفضلة لدى الكثيرين، سواء في العالم العربي أو العالم الغربي، كما يعتبر العرض التلفزيوني الأعظم على الإطلاق.
وبعد النجاح الكبير الذي حققه المسلسل بواسمه الخمسة، والنقد الايجابي الهائل الذي تلقّاه.
قررت قناة AMC بالتعاون مع Vince Gilligan المؤلف والمنتج الرئيسي للعمل السابق إطلاق سلسلة جديدة تحت اسم Better Call Saul والتي بدأ عرضها في أوائل شهر فبراير 2015.
كما شهد المسلسل ظهور شخصيات كانت متواجدة في Breaking Bad ، مثل رايموند كروز بدور توكو سالامانكا: وهو رجل مكسيكي مضطرب عقلياً وأحد كبار تجار المخدرات.
بالإضافة إلى سيزار غارسيا وجيسس بايان الصغير بدور نودوز وجونزو وهُما أتباع توكو، و تي سي وارنر التي أخذت دور مُمرضة.
مسلسل Breakind Bad هو الأفضل.. بينما يبدو Better Call Saul استثناءاً!
وحسب صحيفة The Guardian البريطانية، لم تكن مشاهدة مسلسل Better Call Saul الأفضل على الدوام، فحلقاته الأولى كانت أشبه بامرأةٍ تحمل نسخةً من مسلسل Breaking Bad لم تولَد بعد.
وعانت الحلقات التالية رفضاً غريباً لمزج الخطوط الدرامية المختلفة؛ إذ كان الاهتمام بين مدٍّ وجزر كلما ظهر ناتشو، على سبيل المثال، بانفعالٍ غاضبٍ آخر أمام الكاميرا.
والأسوأ من ذلك أنَّ الأحداث كانت بطيئةً للغاية، وكأنَّ المؤلفين يبذلون كل ما بوسعهم لإبطاء وتيرتها، لدرجة بث مشهد طويل إلى حدٍّ قاتل، لأحد الأشخاص في المسلسل وهو يفكك سيارةً كاملة تفكيكاً بطيئاً منهجياً.
كيف انقلبت الآراء؟
في لحظة ما، أصبح العرض مثالياً في أثناء الحلقة الأخيرة من مسلسل Better Call Saul الموسم الرابع، التي عُرضت الأسبوع الجاري.
كانت لحظة رائعة تفطر القلب، صوَّرت مهمةً مُحزِنة بين صديقين غارقين في ضوء القمر، والمدينة تبتعد وراءهما متحولةً إلى خيطٍ من أضواءٍ خافتة غير واضحة تلوح في الأفق.
وهذا ما جعل كل الأحداث التي سبقت هذا المشهد -بكُلِّ ما تضمَّنته من تضليلٍ وفزعٍ تدريجي- كانت مثالية.
صحيحٌ أنَّ Breaking Bad امتاز بهذا الانغماس الغريب، لكن هذا العرض أظهر تألقاً مستمراً.
كل العناصر المنفردة في المسلسل ارتبط بعضها ببعض؛ إذ تخلى ناتشو عن منهجه الكادح في خوض الصعاب (على الأقل مؤقتاً)؛ من أجل المكافآت المثيرة في مغامرات لالو سلامانكا.
ووصل أداء ريا سيهورن المبهر شخصية كيم إلى ذروته، كما زادت حدة يأس جيمي، وتحوَّل إلى شيء أشد ظلمةً بكثير، فكانت الجملة الأخيرة في الحلقة هي: "كل شيء على ما يرام يا رجل" لسبب معين.
لم يُفصح عن ذلك، ولكن من الممكن أن نكون شاهدنا لتونا موت النسخة التي عرفناها من جيمي ماكغيل.
كان هذا المشهد كله بالتأكيد يملؤك بشعور الموت، ولا يمكنك أن تجد جوانب إنسانية في شخصية جيمي، وتفاخره بأنَّ إخلاصه الزائف أقنع مجموعةً من الغرباء بعدم تصديق شريكه والنفور منه.
لذا، فمشاهدته وهو يفلت من كيم في النهاية، ووجهها ترتسم عليه علامات الخيبة في حين تتجه نحو الخلفية، تجعلك تشعر بمحاكاةٍ متعمّدة للمشهد الأخير من فيلم The Godfather.
هل سيصبح Better Call Saul أنموذجاً؟
يمكن أن يسعى عرض Better Call Saul إلى أن يكون عملاً نموذجياً، وينجح بكل سلاسة في أن يكون أنموذجاً لما يجب أن يكون عليه العرض التلفزيوني المبهر.
فالمسلسل يحظى الآن بالذاتية التي تجعله متفوقاً على كل شي يُعرض على التلفاز تقريباً.
كما كان لمسلسل Better Call Saul بداية غريبة؛ فقبل أن يبدأ، وُضع له تصورٌ ليكون مسلسلاً كوميدياً بحضور الجماهير، مدته نصف ساعة.
وفي الحلقات الأولى حاولوا اللعب ببعض القوالب الكوميدية غير المريحة، مثل مخطط لوحة الإعلانات من الجزء الأول.
ولكن بالتدريج، أدرك فينس غيليغان وبيتر غولد أن Better Call Saul سيؤدي أداءً أفضل بصفته عملاً تراجيدياً خالصاً.
التراجيدية في المسلسلين
يحتوي Breaking Bad على عناصر تراجيدية؛ لذلك يجب ألا ننظر بعين الاعتبار إلى الصور الساخرة التي تقول: "إن هذا لم يكن ليحدث قَط في بريطانيا، بفضل هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية".
لأن هذا المسلسل كان حول شخص يضمر كل الضغائن القديمة التي أكلته حياً قبل تشخيص إصابته بالسرطان.
ولكن في Better Call Saul، كان هناك شعور بأنه قاوم تغيراً مشابهاً.
دائماً ما كان ماكغيل يحاول فعل الصواب، حتى لو لم يكن الصواب بمفهومه الأخلاقي الكامل، وكلما تزلّ قدمه درجة، ينظر إلى الأمر كأنه انحرافٌ بسيط عن الصواب، ولا يشعر بأنه حق مكتسب على غرار ما كان يفعله والتر وايت.
وكان حقاً تكرار غيليغان جملة "من مستر شيبس إلى سكارفيس" مجرد محاولة لإقحام التراجيدية في Breaking Bad.
ففي كل مرة وكل حوار، كان غيليغان يحذرنا من أن الأشياء الأسوأ على وشك الحدوث.
ولكنه لم يضطر إلى فعل هذا في Better Call Saul؛ لأننا نعرف بالفعل الوضاعة التي يتسم بها سول غودمان.
بكل تأكيد، فإن مسلسل Breaking Bad من أعظم المسلسلات الدرامية التي شاهدناها.
لكننا لم نكن ننتظر قَط ما سيحدث في الحلقات القادمة بقلق أو إثارة مثلما حدث معنا في Better Call Saul، الذي نجح في جعلنا نشعر بذلك على مرِّ 10 حلقات متتالية.