نجحت المخرجة اللبنانية نادين لبكي في استخدام الأطفال مكتومي القيد (الذين لا يملكون أوراقاً ثبوتية) والعاملات الأجنبيات، وهما من أكثر الفئات المسحوقة في لبنان (بسبب حقوقهم الضائعة)، لتصنع فيلماً سينمائياً مثيراً ينافس بقوة – وللمرَّة الأولى منذ 27 عاماً – على جائزة "السعفة الذهبية" في مهرجان كان السينمائي.
وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته، على هامش مشاركتها في كان، أعلنتْ نادين لبكي أنها كانت حريصة على اختيار ممثلي فيلمها "كفرناحوم" من الشارع فعلاً، متوجّهة بالشكر الكبير لفريق عملها الذي ذهب إلى مناطق عدّة ومختلفة وصعبة في لبنان للبحث عن نجوم الفيلم.
يحكي الفيلم قصة طفلٍ (يؤدي دوره الطفل السوري زين الرافعي – 14 عاماً) يرفع دعوى ضدَّ أبويه لأنهما أنجباه، لكونهما يمنعانه من الذهاب للمدرسة، ويضربانه، بالإضافة إلى إجبارهما شقيقته – التي تصغره بعام – على الزواج.
المفارقة، بالإضافة إلى كون الطفل البطل من أطفال الشوارع، أن العاملة الأجنبية – التي تساعد زين في الفيلم والتي رافقت نادين إلى كان – تحمل الجنسية الإثيوبية وكانت تقيم في بيروت من دون أوراق ثبوتية، الأمر الذي تسبَّب في سجنها.
وخلال المؤتمر الصحافي، تقول يوردانوس شيفيرا إن مشهد السجن كان الأصعب بالنسبة إليها لأنه يترجم حياتها الحقيقية. وبعد أن شكرتْ العاملة الإثيوبية نادين لأنها سلّطت الضوء على معاناتها ومعاناة عددٍ كبير من العاملات الأجنبيات، من خلال الشخصية التي لعبتْ دورها في الفيلم، بكتْ كثيراً عندما كانت تخبر الصحافيين أن بكاءها في الفيلم لم يكن تمثيلاً، بل حقيقياً جداً. وقالت إنها سُجنتْ بالفعل في بيروت، بعد 3 أيام فقط على أدائها مشهد السجن، بسبب عدم امتلاكها أوراقاً ثبوتية وإقامتها بطريقة غير شرعية في لبنان.
كما شكرتْ الموسيقي خالد مزنّر الذي ساعدها للخروج من السجن، بعدما مكثت فيه لأسبوعين، من خلال تولّيه متابعة ملف أوراقها الثبوتية. وهذه نقطة تُحسب للمخرجة اللبنانية وزوجها، اللذين كانا بمثابة عائلة راعية لعاملةٍ إثيوبية، في الوقت الذي تُعامَل فيه يوردانوس هي وزميلاتها بشكلٍ سيّئ في بيروت وتتعرَّض لأبشع أنواع الظلم بسبب نظام الكفالة المُعتمد والذي لا يعطيها أبسط حقوقها كعاملة، ويُجيز للأمن العام اللبناني حجزها لأبسط الأسباب.
الحزن رافق يوردانوس خلال المؤتمر الصحافي، وبدا واضحاً أنها عاشتْ حياتاً صعبة جعلت ملامحها الجميلة جداً تبدو حزينة دائماً.
وفي هذا الإطار، يقول مزنّر، مؤلف موسيقى الفيلم ومساعد نادين في كتابة السيناريو وزوجها، إنه لأمرٌ غبي وسخيف أن يُسجن أحدهم لعدم امتلاكه "ورقة" وليس لأنه قتل أو سرق أو ألحق الأّى بأحدهم.
يُذكر أخيراً أن نحو 15 دقيقة وقفها الجمهور في مهرجان كان، للتصفيق لفيلم "كفرناحوم" بعد عرضه مساء الخميس 17 مايو/أيار 2018، وكثير من النقاد يؤكدون أن لنادين فرصة كبيرة في الحصول على جائزة "السعفة الذهبية". وفي حال فازت بها، تكون نادين المخرجة الثالثة في تاريخ مهرجان كان التي تحصل على الجائزة بعد النيوزيلاندية جاين كامبيون والأميركية صوفيا كوبولا.