فاجأت مجموعة قنوات MBC مشاهديها الإثنين 5 مارس/آذار بقرار وقف عرض المسلسلات التركية عبر كافة قنواتها بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إثر تلقيها أوامر بوقف بث الدراما التلفزيونية التركية مع تصاعد التوتر بين أنقرة وبعض الدول العربية.
وشمل القرار حذف كافة المواد المتعلقة بالمسلسلات من مواقع الشبكة على الإنترنت، وسحب الحلقات السابقة المذاعة عبر منصتها الإلكترونية.
هذا الإجراء سيكون له نتائج سلبية على شبكة MBC بالنظر إلى حجم الإعلانات التي تعرض في القناة خلال فترات بث المسلسلات التركية مستندة في ذلك إلى ملايين المشاهدين الذين يتابعون المسلسلات.
خسائر MBC
تبعات القرار على القناة سيكون لها عدة أشكال:
1. خسائر مادية
أولى الخسائر التي ستتكبدها مجموعة MBC تقدر بحوالي 50 مليون دولار، وهي تكلفة دبلجة مسلسلات لم ينته عرضها بعد، كانت القنوات تذيعها وعددها 6 مسلسلات جديدة.
شملت التكاليف الإعلانات، ومحتوى منتج بالفعل، وإيجاد محتوى بديل، علماً بأن تكلفة دبلجة الحلقة الواحدة من المسلسل التركي تصل إلى 250 ألف دولار، وهو ما تقوم به شركة O3 التابعة للقناة، فيما لا تتجاوز تكلفة الحلقة من المسلسل العربي الـ100 ألف دولار، بحسب حايك.
2. خسارة جماهيرية
الخسائر لن تكون مادية فقط، إذ ستخسر MBC قاعدة جماهيرية عربية كبيرة، كانت تتابع المسلسلات التركية، على سبيل المثال تخطت الحلقة الأخيرة من مسلسل "نور" والذي عرض قبل 10 سنوات الـ25 مليون مشاهدة، وبمرور الوقت ازداد عدد المعجبين بالدراما التركية، ليتضاعف الرقم بعد ذلك ويصل إلى 200 مليون مشاهدة لحلقات مسلسل "قيامة أرطغرل" في 2017.
يمكننا تخيل حجم الخسارة الجماهيرية التي ستلحق بها بعد هذا القرار.
3. خسارة التميز بين القنوات
كانت MBC أول قناة تدخل المسلسلات التركية الى البيوت العربية، ففي 2007 عرضت اول مسلسل تركي مدبلج بعنوان "إكليل الورد"، ثم "سنوات الضياع" في 2008، ومسلسل "نور" في ذات العام والذي حقق شعبية واسعة من المحيط للخليج.
واستمرت الشبكة بعد توسعها وازدياد عدد قنواتها في عرض أجدد وأنجح الأعمال الدرامية التركية وقبل أي قناة أخرى، حتى أنها كانت أحياناً تعرض المسلسل فور انتهاء حلقاته في تركيا، كما حدث مع مسلسل "الجسور والجميلة" الذي بدأ عرضه فور انتهاء حلقاته الأصلية في فبراير/شباط 2018.
حذت عشرات القنوات حذو MBC مثل أبوظبي – CBC – الحياة – النهار – OSN
والبحث عن بدائل MBC
هنا يجب التنويه إلى أن القرار يبدو كان متخذاً قبل هذا التاريخ إذ عرضت القناة ما تبقى من مسلسل "حب للإيجار" خلال 3 أيام فقط، وأوقفت عرض إعلانات المسلسلات التركية وعددها 6 عبر قنواتها MBC1 وMBC4 وMBC دراما، وMBC مصر، منذ الأحد 4 مارس/آذار 2018، ما حرم مشاهدي مسلسل "الدخيل" الذي لم يعرض منه سوى 5 حلقات من تكملته، كما توقف مسلسل "أنت وطني" الذي يحكي قصة الحرب التركية من أجل الاستقلال.
ووفقاً لما صرح به مازن حايك المتحدث باسم القناة، فإن الشبكة ستتجه إلى عرض المسلسلات البرازيلية والمصرية مكان التركية، والبداية كانت بعرض المسلسل المصري "أنا شهيرة.. أنا الخائن" بطولة أحمد فهمي وياسمين رئيس، كبديل عن "حب للايجار"، و"حكاية روك" بدلاً عن "في الدخيل"، ومسلسل "حب لا حدود له" الباكستاني بدلاً عن "أنت وطني".
كما تحدث الحايك عن نية MBC الاستثمار أكثر في الدراما العربية، قائلاً "لتكن هذه الخطوة مناسبة لإنتاج مزيد من المحتوى الدرامي العربي والخليجي وعرضه على مختلف الشاشات العربية".
هل تتأثر تركيا بهذا القرار؟
لا تحتل السوق العربية مركزاً متقدماً بالنسبة لتصدير الدراما التركية، إذ تعد أميركا اللاتينية أضخم مستورد للأعمال التلفزيونية التركية، بعد أن كانت تركيا هي المستورد للمسلسلات اللاتينية.
وحصل مسلسل "ألف ليلة وليلة" على المرتبة الأولى في عدد المشاهدات في أميركا الجنوبية العام 2014.
وقال نائب رئيس مجلس إدارة غرفة إسطنبول التجارية، دورسون توبجو، خلال مشاركته في معرض MIPTV للمضمون التلفزيوني والرقمي، في فرنسا، إن تركيا تصدر الدراما لـ120 دولة حول العالم.
ما يعني أن النسبة التي تستحوذ عليها التلفزيونات العربية هي حوالي 17%، من حجم صادرات تركيا من المسلسلات.
وبلغة الأرقام فإن قيمة صادرات قطاع الدراما التركية عام 2015 وصل 300 مليون دولار، كانت مشاركة الدول العربية فيهم بقيمة 51 مليون دولار تقريباً.
وتخطط تركيا إلى رفع قيمة صادراتها من المسلسلات إلى مليار دولار سنوياً بحلول عام 2023، فهي في المركز الثاني من حيث انتشار أعمالها الدرامية بدول العالم بعد المسلسلات الأميركية، مستندة إلى الدعم الكبير الذي تقدمه وزارة الاقتصاد لقطاع المسلسلات، ما يساعد في وصولها إلى الأسواق العالمية.
وقالت مديرة المبيعات الخارجية للمسلسلات في قناة "Canal D" التركية، أوزلام أوزسمبل، إن المسلسلات بدأت تُباع في إفريقيا وآسيا أيضاً ليصل عدد مشاهديها عالمياً إلى 400 مليون مشاهد.
جدير بالذكر أن أول مسلسل بثته تركيا خارج أراضيها كان العام 1998، حين عرضت مسلسل "القلب الشجاع" في كازاخستان.
قنوات تحتل مكان MBC
يبدو من المنطقي أن تلجأ قنوات عربية أخرى إلى استغلال انسحاب شبكة MBC، من سوق الدراما التركية لتبدأ هي في جذب الجمهور العربي لشاشاتها، من خلال توفير المسلسلات التي يقبلون على مشاهدتها.
وبالنظر إلى أن تلفزيون قطر دخل على خط عرض المسلسلات التركية من خلال شراء الحقوق الحصرية لعرض مسلسل "قيامة أرطغرل" العام 2017، والذي دبلج للعربية، قد ترى إدارة القناة أن الفرصة مواتية لسحب البساط من تحت أقدام MBC.
كذلك كانت قنوات BEIN قد دخلت سوق الدراما والمسلسلات بإطلاق عدة قنوات ترفيهية إلى جانب قنواتها الرياضية الكلاسيكية، وهنا يمكن أن تجد فرصة الآن في عرض المسلسلات التركية الرائجة عربياً.
البديل الآخر قد يكون تلفزيون العربي الذي يعرض عدداً من المسلسلات الدرامية عبر شاشته، وقد يتجه إلى عرض الأعمال التركية.
كذلك لا ننسى القنوات اللبنانية، التي قد تسعى إلى زيادة شعبيتها من خلال شراء وعرض المسلسلات التركية بعد غياب المنصة الأساسية لعرضها.
يمكن أيضاً اعتبار القنوات الخاصة الكويتيه من بين المنصات التي يحتمل أن تعرض دراما تركية، نظراً لعدم وجود خلاف سياسي بين الكويت وأنقرة.
قنوات أخرى قد تقاطع الدراما التركية
القرار لن يشمل فقط، إذ بحسب مازن حايك المتحدث باسم MBC فإن القرار يشمل عدداً من المحطات التلفزيونية العربية في عدد من الدول، وهو ما بات أمراً شبه مؤكد خاصة مع خروج الإعلامي المصري الشهير عمرو أديب عبر قناة ON E مطالبا القنوات المصرية بالاحتذاء بـ MBC والتوقف عن الترويج لتركيا ومنع عرض مسلسلاتها عبر شاشاتهم.
أديب خلال حديثه كان يقصد مجموعة قنوات سي بي سي والتي ما زالت تعرض الدراما التركية، مخالفة قرار القنوات المصرية الفضائية كالحياة والنهار التي أعلنت منع عرض الأعمال التركية في 2013 عقب موقف الرئيس التركي رجب أردوغان من الأحداث السياسية التي شهدتها مصر خلال تلك الفترة.
فهل سنشهد خظراً من قنوات عربية أخرى كما فعلت MBC ؟.. الأيام القادمة ستكشف لنا ما سيحدث