الإقطاعية الفنية

من المقبول أن تتناقل بعض الأسر مهناً كالنجارة والحدادة وصنع والحلويات ومهناً حرفية أخرى التي يتعلمها الأبناء من آبائهم منذ الطفولة عبر ترددهم إلى تلك الورش، فيتعلمون مهارات تلك المهن، إذاً من الممكن توريث الصنعة الحرفية؛ لأنها مهارة تكتسب عبر التعلم.

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/08 الساعة 02:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/08 الساعة 02:40 بتوقيت غرينتش

الفن يا أعزائي النجوم لا يورث

يتطلع بعض النجوم إلى توريث أبنائهم مهنتهم التي فتحت لهم أبواب الثراء والشهرة، وكأن الابداع أملاك خاصة قابلة للتوريث للأبناء، والسؤال الذي لم يطرحه النجوم على أنفسهم قبل أن يفكروا بتوريث عرشهم لأبنائهم:
هل يمكن أن تنتقل جينات الإبداع في الفنون الدرامية حقاً من جيل إلى آخر؟

من المقبول أن تتناقل بعض الأسر مهناً كالنجارة والحدادة وصنع والحلويات ومهناً حرفية أخرى التي يتعلمها الأبناء من آبائهم منذ الطفولة عبر ترددهم إلى تلك الورش، فيتعلمون مهارات تلك المهن، إذاً من الممكن توريث الصنعة الحرفية؛ لأنها مهارة تكتسب عبر التعلم.

ولكن هل الابداع بحد ذاته وراثة؟
لا يمكن إنكار تأثير الجينات على البشر، لكنه تأثير جزئي، لا يعني أن ينجب النجم نجماً آخر يكمل مسيرته.

وبالرغم من وجود فنانين استطاعوا تحقيق شهرة توازي أو تفوق شهرة آبائهم، ولكن أعداد الفنانين الذين استطاعوا الوصول إلى قمة النجاح والشهرة بكفاءتهم دون الحاجة إلى الاعتماد على نفوذ ذويهم أكبر بكثير من عدد أولئك الذين خاضوا غمار الفن بالوراثة؛ لأن النجاح في مجال الفنون بشكل عام مرهون بالموهبة التي توهب إلى قلة من الناس دون غيرهم، فتمنحهم حضوراً وجاذبية، فضلاً عن التأهيل الأكاديمي الذي يلعب الدور الأهم في النجاح.

إذاً الفن يا أعزائي النجوم لا يورث، فلماذا تصرون، وأعني هنا نجوم "التمثيل"، على احتكار هذا المجال الإبداعي الواسع وتحويله إلى إقطاعية فنية لكم ولأبنائكم وأقاربكم؟!

واللافت انتشار هذه الظاهرة في الوسط الفني العربي، فالأمثلة كثيرة على التوريث بمصر، أمثال أبناء الفنان عادل إمام، ومحمود عبد العزيز، وسمير غانم، وصلاح السعدني، وغيرهم، ليس في مجال التمثيل فحسب، بل في أكثر من مجال كالإخراج والإنتاج.

أما في سوريا فنذكر قيس الشيخ نجيب ابن المخرج والفنان محمد الشيخ نجيب، والفنانة الشابة هيا المرعشلي ابنة الفنانة رندة، وطارق المرعشلي، وإخوة الممثل أيمن زيدان، وائل وشادي زيدان، وعبدالرحمن آل رشي ونجله الفنان محمد آل رشي وآخرين.

وفي ظل هذا الاحتكار الفني نتساءل: أين يعمل خريجو معاهد التمثيل في هذه الدول؟
ما مصير موهبتهم؟ وما مستقبل طموحاتهم وأحلامهم؟
هل يجب أن يتبرأوا من أنفسهم ومن موهبتهم؛ لأنهم ليسوا من طبقة أبناء الفنانين؟!
وما مصير الفن والإبداع في عالمنا العربي في ظل هذه الإقطاعية؟

وما مستقبل شبابنا العربي الذي نصر على إغلاق جميع الأبواب في وجوههم؟ فالوظيفة تحتاج إلى واسطة، والتمثيل يحتاج إلى واسطة، والغناء يحتاج إلى واسطة، هل وصل بنا الأمر إلى احتكار الإبداع لفئة وطبقة معينة في مجتمعاتنا العربية؟

إذا وصلنا إلى هذا الحد فعلى شبابنا ومستقبلهم السلام يا كرام.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد