Image Design by Gravillis Inc. – Courtesy of 20th Century Fox آخر أعمال المخرج ستيفن سبيلبرغ عبارة عن سيرة ذاتية تجمع بين الدراما، والسياسة والتاريخ في قصةٍ، رغم أنها قد تبدو للبعض طويلة، تعتبر مشوقة وتشدك من أول لحظة إلى أن يطلع جنيريك النهاية.
تجري أحداث فيلم The Post خلال سنوات السبعينيات من القرن الماضي، حول القصة الحقيقية لصحفيي جريدة الواشنطن بوست الأميركية ومغامراتهم في محاولة نشر ما يُسمى بأوراق البنتاغون؛ تقارير سرية حول تورط حكومة الولايات المتحدة لمدة 30 سنة في حرب الفيتنام.
القصة بشكل محدد تدور حول عملية تستر سرية وخطيرة من طرف الحكومة الأميركية امتدت على طول الفترة الرئاسية لأربعة رؤساء أميركيين، وعند سقوط مفاتيح هذه العملية بين أيدي رئيسة جريدة الواشنطن بوست (من بطولة ميريل ستريب) ومحرر صارم (من بطولة توم هانكس) سيدخلان في معركة غير مسبوقة بين حرية الصحافة وحكومة خدعت شعبها للتورط في حرب كانوا في غنى عنها.
الفيلم من نظرة علوية، يبقى من الأفلام التقليدية التي تصور لك الأبطال الأميركيين على أنهم المثال الذي يجب الاحتذاء به رغم أن القصة تحكي عن شيء مختلف؛ تورط أميركا في حرب الفيتنام.
الفيلم يبدو وكأنه مهووس بإظهار عظمة وسائل الإعلام الصحفية الأميركية، مما يجعلك تُحس وكأن العمل السينمائي مغرور نوعاً ما.
إلا أن الفيلم هو عبارة عن سيرة ذاتية، بمعنى أن القصة حقيقية والأحداث وقعت فعلاً، لكن يبقى السؤال: ما مدى مصداقية كتاب السيناريو والمخرج في إظهار هذه القصة الحقيقية كاملة بدون زيادة ونقصان؟ لأن هناك من يقول إن كل تلك الدراما حول أوراق البنتاغون كانت بطلتها جريدة النيويورك تايمز وليس الواشنطن بوست، حيث كان الأجدر أن يكون الفيلم مُركزاً حول الأولى أكثر من الثانية.
هناك أيضا من يقول إن الفيلم لم يُظهر ما حاول الرئيس "ريتشارد نيكسون" فعله بجريدة النيويورك تايمز بسبب تسريبها جزءاً من هذه الأوراق… الخ. هذا هو المشكل مع الأفلام التاريخية، قليلاً ما تجدها تُعالج قضيتها التاريخية بمصداقية، والأمثلة من الأعمال الأميركية لا تعد ولا تحصى.
من جهة أخرى، وبعيداً عن الجانب السياسي، الفيلم يفتح عينيك على عالم الصُّحف والجرائد بشكل رائع، كطريقة عمل الصحفيين، عالم آلات الطبع، كيفية تناقل الأخبار، لحظات اتخاذ القرارات بين رؤساء الصحف فيما بينهم، خصوصاً عندما تكون هناك قرارات صعبة يجب اتخاذها وتكون المنافسة قوية في المجال، الشيء الذي يدل على أنه كان هناك استعداد جيد لتصوير الفيلم.
لا أظن أن أداء "ميريل ستريب" كان بذلك المستوى ليستحق ترشيحاً في الغولدن غلوب والأوسكار، نعم أداؤها كان جيداً لكن ليس ذلك الأداء الاستثنائي الذي يخلق الحدث في أفلام السنة، حتى إن هناك أصدقاء لي علقوا على أدائها بالغريب!
بالنسبة "لتوم هانكس" كان هو الآخر جيداً، لا عيب في أدائه ولا شيء يستحق عليه الإشادة المفرطة، وكان من المنطقي أنه لم يُذكر اسمه في ترشيحات الأوسكار.
هناك بعض المشاهد التي يُدخن فيها توم هانكس، لكنك لا تشاهده يدخن فعلاً؛ حيث إما يتم قطع اللقطة عندما يستنشق الدخان أو يتم إظهار أنه انتهى من ذلك، مما يدل على أنه لا يُدخن في الواقع، لكن هذا عمل سينمائي وهناك مِن الممثلين من ذهب إلى أكثر من تدخين سيجارة لأداء دوره، كان من الأجدر وعلى الأقل استعمال سيجارة طبيعية لا تحتوي على النيكوتين إن كان يريد الحفاظ على صحته! لكن على أي، بعض هذه المشاهد لا تؤثر على أدائه والقصة ككل.
بالنسبة لطريقة إخراج الفيلم، فستيفن سبيلبرغ كان مبدعاً إلى حد ما، حيث استطاع أن يمزج بين وتيرة الأحداث غير البطيئة، والمتصاعدة (الفيلم مدته حوالي الساعتين)، مع طريقة التصوير السلسلة والجذابة، الحوار بين الشخصيات كان سهل الانغماس فيه، الموسيقى ملائمة مع القصة… الفيلم سيكون رائعاً وممتعاً في قضاء الوقت في مشاهدته إذا تغاضيت عن الجانب السياسي التاريخي وأخذته بدون انتقادية حادة.
– تم نشر هذه التدوينة في موقع aflamtalk
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.