استلهم فنان الشوارع الغامض، ذو الشهرة الواسعة، رسوماته الجديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالقرب من الجدار الفاصل، بمناسبة اقتراب أعياد الميلاد في شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وبانكسي الذي أمضى أكثر من عقد من الزمان يسافر للضفة الغربية وغزة لتقديم الفن وإثارة الجدل في كل مناسبة، تعاون هذه المرة مع المخرج الإنكليزي الفائز بجائزة الأوسكار داني بويل، والفلسطينية ريهام إسحاق، لتقديم عملٍ مسرحيٍ يحكي ميلاد السيد المسيح تحت ظلال الجدار العازل ببيت لحم (مسقط رأس المسيح)، وهو نوعٌ من الفن الساخر والسياسي بعمق أصبح علامةً مُمَيِّزةً له.
وسبق للفنان المجهول الهوية، أن افتتح فندقا يُعرف بأنه صاحب أسوأ مشهد في العالم إذ يطل مباشرة على الجدار العازل الذي شيدته إسرائيل في الضفة الغربية لمنع دخول الفلسطينيين إلى إسرائيل وفق ما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.
أما العمل المسرحي الذي عمل عليه بانكسي والمخرجيْن، فسيعقبه وثائقي مفصّل يُعرض على قناة بي بي سي 2، مساء الأحد 17 ديسمبر/كانون الأول 2017، ليجلب جمهوراً أكبر للعرض، الذي يحمل معنى السلام رغم الصراع الذي تعيشه كل المنطقة، وفق بانكسي.
وذكرت الصحيفة البريطانية أنه نادراً ما يتحدَّث بانكسي عن مصادر إلهامه في أعماله الفنية، غير أن رسوماته هذه المرة أعطت لمحةً ظهرت بشكل رائع على الجدار.
ويظهر في الصورة الأولى عبارة مكتوبٌ عليها ملاحظات، تُظهر أفكاره الأوَّلية حول الموقع والشكل، ثم تُقدِّم رسوماتٌ بالقلم الرصاص على ورقٍ شفافٍ فكرةً أفضل عن التصميم، بالإضافة إلى صورةٍ لاثنين من الملائكة الصغار يحاولان فصل كتلتين إسمنتيتين من الجدار بعتلةٍ.
أما في الصورة الأخيرة، يخفي أحد الملاكين وجهه بوشاحٍ، بينما يرتدي الآخر قبعةً. ويُحلِّق الرسم مباشرةً فوق البوابة الأمنية التي يتحتَّم على الجمهور عبورها لمشاهدة العرض المسائي.
ولفت تقرير الغارديان إلى أن مساعدة المخرج الفلسطينية قد طلبت من بانكسي أن يزيل جدارية ترامب المُبهَمة، ولَم يُحدد التقرير ما المقصود، ولكن يعتقد أن بانكسي قد رسم على الجدار العازل صورة لترامب وهو يخاطب الجدار الإسرائيلي قائلا سأبني لك شقيقا في إشارة للجدار الذي أعلن إنه سيبنيه على الحدود الأميركية مع المكسيك، وكذلك رسمة أخرى وهو يحتضن برج مراقبة إسرائيلي.
و يشير التقرير إلى رسمةٍ أخرى بالأبيض والأسود يقف فيها راعٍ خارج كوخه المتواضع مُحدِّقاً في متاهةٍ شاسعةٍ والجدار العازل يُخفي عنه وجهته التي هي مسجدٌ صغيرٌ. ربما في إشارةٍ للعديد من التعسُّفات والإهانات اليومية للحياة في الأراضي الفلسطينية، حيث الجدار أبرز معالم القيود التي يواجهها الإنسان، والتي استكشفها بويل في فيلمه.
وفي رسمٍ ثالث يترجَّل السياح من حافلاتٍ إلى كنيسة الميلاد، مولين ظهورهم للجدار – ولفندق بانكسي المحاط بالجدران والمجاور له. وتُظهِر خريطةٌ أخيرةٌ غزة والضفة الغربية وقد استُبدلا بجدارٍ عازلٍ.
وتعلق الغارديان على التجربة قائلة: لقد أقنع بانكسي المخرج بويل بالسفر إلى بيت لحم لإخراج المسرحية، في ما قد يكون أقل إنتاجٍ يعمل عليه مخرج فيلم Slumdog Millionaire منذ عقودٍ.
ووفق الصحيفة، فإن الفنان بانكسي المولود في مدينة بريستول الإنكليزية قد أمل أن التركيبة المكونة من اسمه وسمعة بويل والعرض غير التقليدي لميلاد المسيح ستجذب مشاهدين ما كانوا عادةً ليقضوا ساعةً كاملةً في مشاهدة عرضٍ حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مساء الأحد.
وأياً ما كانت الأسباب التي دفعت بويل للمشاركة في هذا العمل، فلقد كان اختياراً ملهماً، حسب وصف الغارديان .
وفي بداية تعاونهما، حذرت ريهام اسحاق، المخرج بويل أنهما ربما يعانيان في إيجاد ممثلين أو حتى مشاهدين للمسرحية؛ إذ يصطدم الفلسطينيون بتهديد الحواجز الأمنية ويحاولون البقاء بعيداً، ويخشى الآباء من قضاء أمسية بالقرب من جدارٍ(الجدار العازل) يحاول البعض إخفاء وجوده من الأصل عن أطفالهم الصغار.
وقبل العرض المسرحي مباشرةً، ترك بانكسي رسالةً أخرى بمناسبة (عيد الميلاد) الكريسماس حملت اسم "السلام في الأرض" على مدخلٍ مجاورٍ ووَضَعَ بجانبها نجمة عيد الميلاد، لافتاً إلى أن "تُطبق الشروط والأحكام".
