أيهما أقوى: الرجل الوطواط Batman أم الرجل العنكبوت Spiderman؟
إنه ليس سؤالاً تهكمياً، ولكن هذه الأفلام المثيرة وراءها صراع ضارٍ بين شركتين أميركيتين حوّلتا القصص المصوّرة الموجهة للأطفال والمراهقين إلى مجموعة من أنجح الأفلام التي يعشقها البالغون.
ولم يكن انتشار أفلام الأبطال الخارقين في السينما الأميركية خلال الآونة الأخيرة محض صدفة، فقد كان الأمر بمثابة نقل للصراع الدائر بين أكبر شركتين مصنِّعتين لقصص المجلات المصورة إلى مرحلة أخرى، تبدو أكبر تكلفة وأكثر تأثيراً، وهي السينما.
شركتا Marvel و DC Comics في الأعوام العشرة الأخيرة، أنتجتا منفصلتين نحو 40 فيلماً من إجمالي 64 فيلمَ بطل خارق صدرت في سوق السينما.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك؛ إذ من المتوقع أن تُصدر كلتا الشركتين 18 فيلماً خلال الأعوام الثلاثة المقبلة فقط، ما قد يقترب من ضعف إنتاج الشركتين خلال الأعوام العشرة الأخيرة، لكن مع حجم الأرباح الأخيرة الذي تحققه الشركتان، إلى أين قد يتجه بهما الصراع خلال الفترة المقبلة؟
الإسرائيلي الذي أشعل الصراع
بدأ السؤال المتعلق باتجاه الصراع بين الشركتين في المستقبل بالظهور عندما عُيّن رجل الأعمال الأميركي-الإسرائيلي "أفي أراد"، رئيساً لشركة Marvel Entertainment التي أُسست عام 1993.
فوقتها، كانت DC Comics ناجحةً إلى حد كبير في استثمار شخصيتيها الشهيرتين Superman و Batman وتحويلهما إلى أفلام ناجحة تجذب الجمهور، عكس حال Marvel التي لم تستطع أن تحول أي شخصية تمتلكها إلى فيلم ناجح.
بحلول أغسطس/آب 1996م، افتتحت شركة Marvel Studios لتُدمج مع شركة Marvel Entertainment ، على أن يقودا كلًا من"أفي أراد" و"جير كالابريس"، رئيس مجموعة Marvel، الشركة الجديدة.
ومع استمرار نجاح سلسلة أفلام Batman التي تنتجها DC بإصدار فيلم Batman and Robin الذي صدر عام 1997؛ إذ حقق وقتها أرباحاً قُدرت بـ300 مليون دولار- كانت شركة Marvel تستعد لإطلاق أول فيلم لها على الإطلاق وهو "بليد" صائد مصاصي الدماء، وطُرح أواخر عام 1998، ورغم كونه شخصية غير رئيسية من شخصيات Marvel ، فإنه حقق نجاحاً مقبولاً بتجاوز عائداته 130 مليون دولار.
بنجاح فيلم Blade ، حصل "أراد" و"سالابريس" على الشجاعة الكافية للبدء بإنتاج فيلم X- Men، الذي ظهر للنور في يوليو/تموز 2000 ليصبح وقتها بمثابة فيلم الصيف في أميركا بعدما تجاوزت عائداته عالمياً حاجز الـ300 مليون دولار، رغم أنه أيضاً لا يعتبر واحداً من إصدارات Marvel الرئيسية.
Spiderman
لم يكن التجهيز لإنتاج الفيلم الشهير Spiderman بمثابة التجهيز لإنتاج فيلم عادي، فقد كان يمثل بالنسبة لشركة Marvel الفيلم، الذي إما أن يضعها على القمة وإما أن يقضي على أي أمل لمنافسة شركة DC مستقبلاً.
وقد اختِير المخرج الأميركي الموهوب "سام رايمي" ليكون مخرجاً لهذا الفيلم المهم، كما اختِير الممثل الأميركي "توبي ماغواير" ليؤدي دور Spidermanووُضعت له الميزانية الأكبر وقتها، التي بلغت نحو 140 مليون دولار.
مع طرح فيلم Spiderman بصالات العرض في مايو/أيار 2002، تصدّر سريعاً قائمة الإيرادات بأميركا، ليحقق في النهاية إيرادات بلغت نحو 820 مليون دولار، فأصبح بذلك أكثر فيلم لبطل خارق تحقيقاً للإيرادات في تاريخ السينما الأميركية.
Marvel اكتساح
يبدو أن النجاح الكبير الذي حققه Spiderman ضربت من خلاله Marvel عدة عصافير بحجر واحد؛ إذ استغلت فترة الركود الكبيرة التي مرت بها DC، وتحديداً منذ إصدارها فيلم Batman and Robin، لتُظهر نفسها كمنافس قوي في سوق أفلام الأبطال الخارقين.
وبعد ذلك، سعت Marvel في عامي 2003 و2004 لتثبيت مكانها الجديد بسوق صناعة السينما الأميركية، فأصدرت 6 أفلام دفعة واحدة، كان أنجحها الجزء الثاني من X-Men، الذي صدر عام 2003م، والجزء الثاني من فيلمSpiderman، الذي صدر عام 2004، وحقق كلا الفيلمين ما يوازي ملياراً و200 ألف دولار، بينما حققت الأفلام الأربعة الأخرى مجتمعة 610 ملايين دولار.
على الجانب الآخر، بدا أن DC عاجزة تماماً على مواجهة اكتساحMarvel ؛ إذ أنتجت خلال هذين العامين فيلمين فقط هما The League of the Extraordinary Gentlemen و Cat Womanاللذان حققا معاً أرباحاً بلغت 260 مليون دولار.
يبدو أن DC لم تكن عاجزة فقط أمام النجاح الكبير الذي تحققه Marvel في شباك التذاكر؛ بل تعرّض فيلم Catwoman، الذي أدت بطولته الممثلة الأميركية "هالي بيري"، لانتقادات واسعة.
Batman Begins وعودة قوية لـ DC
اختير المخرج البريطاني "كريستوفر نولان" ليكون مخرج وكاتب السيناريو لهذا الفيلم، وشاركه المخرج الأميركي "ديفيد جوير"، وبدأ الثنائي عام 2003 بالعمل على قصة فيلم جديد ومميز لـ Batman Begins
حقق Batman Begins نجاحاً كبيراً بمجرد صدوره، فقد بلغت عائداته في شباك التذاكر نحو 400 مليون دولار، ورغم أن عائداته لم تتساوَ حتى مع نصف العائدات التي حققها الجزء الأول منSpiderman، فإنه حصل على 3 جوائز "بافتا"، كما رُشح لجائزة "أوسكار" عن فئة أفضل تصوير، ويعتبره الكثير من الجماهير واحداً من أفضل أفلام الأبطال الخارقين في القرن الـ21.
الصراع ينتقل لمرحلة أخرى
رغم إصدار شركة Marvel فيلم Fantastic 4 بجزأيه الأول والثاني، إضافة إلى الجزء الثالث من سلسلة Spiderman، والجزء الثالث من سلسلة X- Men، خلال الفترة من 2005 إلى 2007 ، وتحقيقها نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر- فإن DC تفوقت على Marvel خلال تلك الفترة بالعناية التي أولتها شركة Warner Bros التابعة لها لـThe Dark Night، والإشادة الكبيرة بفيلم V for Vendetta.
مع استقالة "أفي أراد" من رئاسةMarvel، في مايو/أيار 2006 م، وتعيين "ديفيد مايسل" بدلاً منه في مارس/آذار 2007- سعى الرئيس الجديد لنقل الصراع معDC وWarner Bros إلى مستوى جديد آخر؛ إذ خططت Marvelتحت قيادته لأن تكون أكثر استقلالية في عملية إنتاج الأفلام.
أنشأ "مايسيل" شركة Marvel للإنتاج السينمائي" عام 2008، والتي أنتجت فيلم Iron Man ، ليكون الفيلم الأول للشركة الجديدة، وحقق الفيلم نجاحاً باهراً ظهر في عائداته التي تجاوزت 600 مليون دولار.
ولم يكن ذلك شيئاً يُذكر إذا ما قورن بالنجاح الذي حققه الجزء الثاني من ثلاثية The Dark Nightلشركة DC ، فقد كان أول فيلم لبطل خارق تتجاوز عائداته حاجز المليار دولار في تاريخ السينما الأميركية، ومن هنا بدأت الحرب بين الشركتين، والتي أطلقت عليها وسائل الإعلام الأميركية "حرب المليار دولار".
حرب المليار دولار
في 31 ديسمبر/كانون الأول 2009، اشترت شركة "والت ديزني" العملاقة شركة "مارفيل" مقابل 4 مليارات دولار، وأكدت أنها ستنتج الأفلام الخاصة بشخصيات Marvel بشكل حصري في استديوهاتها، دون الحاجة للتعاقد مع شركات إنتاج أخرى، وذلك بمجرد الانتهاء من العقود المتفق عليها بالفعل.
سعت Marvel، خلال تلك الفترة، حتى قبل بيعها "والت ديزني"، للتعامل مع صراعها مع DC بشكل ذكي.
فبعد الحصول على حقوق إنتاج شخصياتها بشكل كامل من شركات الإنتاج المختلفة، بدأت تصوير الجزء الثاني من Ironman، ومهدت لتصوير فيلم The Avengers.
تعاقدت شركة Marvel ، في أبريل/ نيسان 2010، مع السيناريست والمخرج الأميركي "جوس ويدون" على إخراج فيلمThe Avengers، الفيلم الأكبر في تاريخ أفلام الأبطال الخارقين، والذي بدأ تصويره في 25 أبريل/نيسان 2011 .
Superman Returns
لكن شركتي DC و Warner Bros لم يَغفلا عما تقوم به Marvel، فاستعانا بالمخرج "كريستوفر نولان" والمخرج "زاك سنايدر" وزوجته "ديبورا سنايدر"؛ لإظهار Superman بشكل جديد بعد الانتقادات الكثيرة التي وُجهت لفيلم Superman Returns الذي صدر عام 2006.
بدأ هذا الفريق المتميز تصوير فيلم Man of Steel، الذي يؤدي فيه الممثل "هنري كافيل" شخصية "سوبر مان"، في أول أغسطس/آب 2011، كبداية لخطة غير معلنة من جانب DCلأن يكون هذا الفيلم هو الأول لشركة إنتاج مستقلة تابعة للشركة الأم.
لكن نجاح فيلم The Avengers ، الذي طُرح في مايو/أيار 2012، غطى على كل أخبار إعادة تجسيد Superman؛ إذ تمكن الفيلم من جمع أكثر من مليار ونصف المليار دولار في شباك التذاكر.
النجاح العملاق لفيلم The Avengers لم يكن محض صدفة، فقد سعت Marvelلفصل كل شخصية من الشخصيات في أفلام منفردة؛ حتى تتمكن من تكوين جمهور خاص لكل شخصية، قبل أن تضعهم جميعاً في فيلم واحد يدفع جمهور كل شخصية لحضوره.
اشتد الصراع بعدها بين الشركتين، خصوصاً بعد إصدار شركةWarner Bros، التابعة لـ DC، الجزء الثالث من ثلاثية أفلام The Dark Knight التاريخية، والذي تمكن من حصد أكثر من مليار دولار في شباك التذاكر، لكن شركة "مارفيل" لم تهدأ فأصدرت الجزء الثالث من Ironman، الذي تفوق وحده على The Dark Night Rises، محققاً ملياراً وربع المليار في شباك التذاكر.
تصحيح المسار
بذل فريق عمل فيلم Man of Steelجهداً كبيراً لإنتاج فيلم يستطيع محو الصورة السيئة التي صنعها فيلم "عودة سوبر مان"، وليكون أيضاً خير تمهيد لبداية سلسلة طويلة من الأفلام التي تنتجها شركة DC Universe، التي أنشأتها شركة Warner Bros، لتستقل بشكل كامل بإنتاج أفلام DC.
حقق فيلم Man of Steel نجاحاً كبيراً بالفعل، بعدما تمكن من جمع أكثر من 900 مليون دولار في شباك التذاكر، لتبدأ DC Universe أولى خطوات إنتاج فيلم Batman Vs Superman :Dawn of Justice "، الذي صدر عام 2016م ليكون جزءاً ثانياً من فيلم Ironman.
إلى أين يتجه الصراع الآن؟
وصل الصراع الآن إلى ذروته، وخلال ما تبقى من العام الحالي (2017)، يبدو أن Marvel تسعى لدمج المزيد من الشخصيات من خلال إنتاج Spiderman Homecoming و Black Panther والجزء الثاني من فيلم Ant man and the Wasp، وDeadpool في 2018، بينما تركز DC Universeجهودها على الفيلم المنتظرJustice League ، خلال العام الجاري، وAquaman، بنهاية عام 2018.
رغم أن الكفة ترجح تفوّق Marvel على DCخلال الفترة الحالية، فإنه من المتوقع ألا ينتهي هذا الصراع قريباً، خاصة مع القوة المالية الكبيرة التي أصبحت تتمتع بها كلتا الشركتين إلى جانب القاعدة الجماهيرية الكبيرة لهما.