القضية الفلسطينية في الدراما العربية: تصفية ممنهجة في واضحة النهار

فهل "موضة داعش" أولى بالتركيز من صفحات مشرقة وأخرى كاحلة السواد من تاريخنا؟ وهل يبدو غياب القضية الفلسطينية التام عن الخريطة الدرامية بهذا الشكل المخزي أمراً عادياً قابلاً للتصديق؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/15 الساعة 05:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/15 الساعة 05:15 بتوقيت غرينتش

يمر عام ويأتي آخر وكل الطرق تؤدي إلى خلاصة وحيدة مريرة يأبى الكثيرون الاعتراف بها خوفاً أو حرصاً على مصالح معينة، كل من يتابع الدراما العربية سيقف على حقيقة "مهولة" بأن القضية الفلسطينية تراجعت، لا بل اختفت بشكل "مريب" يظل من غير المنطقي تقبّله، أو الصمت عنه، تحت حجة واحدة هي الميل "للتفاهة" والتسطيح.

قطعاً لا يمكن أن نقزّم موضوعاً بهذا الحجم تحت وازع "ثانوي"، ذلك أننا أمام "مؤامرة" محبوكة بعناية فائقة، هدفها الرئيسي الخفي والمعلن هو النيل ممن كانت تصنف حتى الأمس القريب بالقضية "المركزية" لكل العرب.

سنعود بكم إلى الوراء قليلاً، وتحديداً إلى مثال حي يكمن في مسلسل "التغريبة الفلسطينية" للكاتب المبدع الدكتور وليد سيف، والمخرج المتميز حاتم علي، الذي كسر القاعدة وفرض على المحطات العربية أن تعرضه، مشكلاً "الاستثناء الوحيد"، وبعده أنتجت أعمال أخرى كان مصيرها الإهمال رغم رسالتها الهادفة النبيلة، ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر طبعاً مسلسل "أنا القدس" للمخرج باسل الخطيب.

كان من الطبيعي، وكما دأبت العادة عند نجاح أي عمل عربي، أن تتناسل بعده أعمال تدور في فلكه ساعية للنهل من صحن الانتشار ذاك، وكسب الود المنتظر، غير أن الأمر لم يتحقق، وظلت القنوات "متوجسة" كعادتها في استقبال أية أفكار أو مسلسلات تخدم القضية، فلماذا في هذه الحالة بالذات لم يبادر أحد لاستنساخ الفكرة؟

وهنا لا بد من استحضار نموذج آخر "فاضح" يكمن في مسلسل "الاجتياح" للكاتب رياض سيف، والمخرج التونسي شوقي الماجري، الذي نجح في الوصول لأبعد نقطة ما عجزت عنه عشرات ومئات المسلسلات العربية، أي الفوز بجائزة "الإيمي" العالمية في سابقة عربية.

غير أن هذا لم يشفع له بأن ينال "الرضا العربي" فعرض في قنوات تعد على رؤوس الأصابع، فلماذا يعترف العالم بأسره بتكامله وتفرده ويقابل بإجحاف عربي؟ أليس الأمر مثيراً للريبة والشك؟ ولمن يعود "قرار" التهميش والإجحاف هذا إذن؟

حين كنا نتوجه بالسؤال للفنانين وصناع الدراما العرب، وبالأخص مَن سبق لهم خوض تجربة طرح أعمال عن القضية الفلسطينية ظل الجواب "المعلوم" إياه والقاضي بأن القنوات لا تحبذ ولا تتحمس لشراء تلك المسلسلات، وبالتالي من المستحيل إيجاد منتج "مجنون" يقبل على خوض مغامرة، أو بالأحرى "مقامرة" من أجل "قناعات" و"شعارات" لا تسمن ولا تغني من جوع.

لكننا الآن وإذا أخذنا بعين الاعتبار تلك الفرضية واستحضرنا معها "إحجام" المحطات و"بأوامر عليا" عن الإقدام على شراء وعرض أعمال بخلفية "سياسية"، ونذكر هنا تجربتين مؤثرتين لمسلسلين هما "الطريق إلى كابول" (كتابة الراحل جمال أبو حمدان وإخراج محمد عزيزية)، وكذلك مسلسل "فارس بلا جواد" لمحمد صبحي، فإن الواقع اليوم يفيد بأن ذلك أضحى من الماضي وبأن "القناعات" تغيرت، والدليل فيما يحظى به مسلسل من قبيل "غرابيب سود" الآن من اهتمام ورعاية.

فهل "موضة داعش" أولى بالتركيز من صفحات مشرقة وأخرى كاحلة السواد من تاريخنا؟ وهل يبدو غياب القضية الفلسطينية التام عن الخريطة الدرامية بهذا الشكل المخزي أمراً عادياً قابلاً للتصديق؟

أسئلة عديدة يفترض طرحها ونحن نعاين هذه "التصفية الممنهجة" في واضحة النهار، ومن حقنا أن نفتح هذا الملف، مطالبين بأجوبة مقنعة؛ لنعرف "خلفيات" هذا القرار المخجل الكارثي.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد