إذا ما طلب منك التفكير في شخصية عالم آثار خيالية، ستتجلى في مخيلتك لا شعوريا صورة شخصية انديانا جونزمن سلسلة الأفلام الشهيرة التي حملت ذات الاسم.
إنها ليست مفاجأة حسب تقرير عن علماء الآثار في السينما نشره موقع Business Insider جاء فيه أن الشخصية الشهيرة التي لعب دورها الممثل الأميركي هاريسون فورد لم تجذب انتباه الجمهور من متابعي الأفلام فقط حسب قناة National Geographic التي أكّدت من قبل قبلُ أن الفيلم ألهم كثيراً من العاملين بمجال الآثار في العالم الحقيقي.
ومن المؤكد أن علم الآثار في الواقع العملي، يتضمن كمية من الفخاخ الصخرية والوجوه المنصهرة والتماثيل الذهبية الضخمة أقل مما جاء بالسلسلة.
وفي الحقيقة، ثمة استعارات وأكليشيهات محددة تميل هوليوود إلى فهمها بطريقة خاطئة على كل المستويات، عندما يتعلق الأمر بعلم الآثار.
موقع Business Insider استعرض رأي 3 علماء آثار عن الصورة النمطية التي تُعرض في الأفلام والمسلسلات التليفزيونية وإليكم ما قالوه:
خرافة: علم الآثار لا يتعلق سوى بالعثور على الكنوز
قال الدكتور بيل كيلسو، مدير البحوث والترجمة في موقع تنقيب جيمستاون التاريخي "بسبب إنديانا جونز، سوف يسأل الناس ما الذي تعثرون عليه؟".
وأضاف "يوجد هنا خط من ثقوب العواميد، ما يعني أنه كان يوجد سياج خشبي هنا من قبل. لكنهم سوف يقولون كلا، كلا. ما الذي تعثرون عليه؟".
كما قال إنه من الطبيعي أن نشعر بالإثارة للاكتشافات الكبيرة أو الأشياء اللامعة، لكن علم الآثار يتعلق في الغالب بمحاولة إعادة صياغة الأسئلة المرتبطة بالماضي والإجابة عنها.
وأوضح أيضاً أن هذا هو الشيء الذي يحاول أن يغرسه في عقلية الطلبة الذين يلتحقون بالكلية لدراسة الآثار.
أردف كيلسو قائلاً "أعتقد أنهم يظنون أن علم الآثار هو العثور على الأشياء التي يمكنك جمعها والإمساك بها ويستغرق الأمر وقتاً قبل أن يستوعبوا شيئاً من قبيل "مهلاً، إن ثقب العمود هذا هو أكثر الأشياء التي رأيتها إثارة، ولا يمكنك أن تحمله في حقيبة وتضعه في متحف".
وقالت تشيلسي روز، عضو هيئة التدريس البحثية بجامعة جنوب ولاية أوريغون وأحد أعضاء العرض التليفزيوني المتعلق بعلم الآثار "Time Team: America"، إن معظم الأفلام تميل إلى فهم الآثار بطريقة خاطئة.
كما أوضحت روز قائلة: "إن معظم الآثار تكون من قبيل الزجاج المكسور أو قطع الصحون المكسورة. ولكن عندما تجمعها معاً، يمكنك أن تحصل على قصة ذات معنى".
خرافة: علماء الآثار يجمعون الأشياء في الأساس من أجل المتاحف
قالت روز إن كثيراً من الأعمال الخيالية تبدو أيضاً أنها تسيء فهم العلاقات بين علماء الآثار والمتاحف.
فمن خلال التركيز الشديد على البحث عن الكنز المفقود أو التماثيل المرصعة بالمجوهرات، تُصوِّر الأفلام أحياناً الأثريين أشخاصاً يخرجون ويحصلون على هذه الأشياء لصالح المتاحف.
وأردفت قائلةً "الهدف الحقيقي من التنقيب هو معرفة من هم الأشخاص الذين صنعوا هذه الأشياء".
خرافة: لا بأس إذا تحطمت قطعة أو قطعتان من الآثار خلال سير مغامرتك
سواء كان انديانا جونز يتسبب في فوضى بسراديب الموتى أسفل مدينة البندقية ويسرق التماثيل الذهبية من معبد بيروفي، أو إن كانت شخصيات نسخة فيلم "المومياء"، التي عُرضت عام 1932، تستولي على القطع الأثرية وتصارع الكاهن الذي بُعث إلى الحياة مرة أخرى، فيمكننا بكل أريحية أن نقول إن كثيراً من الشخصيات الخيالية لعلماء الآثار تتعامل مع تخصصها بدرجة محددة من التهور.
استرجع كيلسو مشهداً من فيلم Indiana Jones and the Last Crusade، حيث استخدم جونز عظم الفخذ لهيكل عظمي، كان محفوظاً تماماً؛ كي يصنع مصباحاً.
غير أن أي عالم آثار حقيقي سيكون أكثر حرصاً مع مثل هذا الاكتشاف.
وأضاف قائلاً "لم يتعرض للّمس قروناً عديدة. وإننا في حاجة لدراسته. فكيف مات هذا الشخص؟ وكم كان عمره؟ ومن هم؟ لذا فإن قابلية الأشياء للتلف هي الحلقة المفقودة هنا؛ إذ إنك لا تمزقها هكذا".
على الرغم من هذا، لا يقتصر أيضاً علم الآثار على إزالة التراب عن قطع فخارية بفرشاة الأسنان وحسب.
فقد قال توني بودرو، أستاذ الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا بجامعة ميسيسيبي ومدير مركز الجامعة للبحوث الأثرية "ليس غريباً على بعض عمليات التنقيب الأثرية أن تبدو كما لو أنها موقع بناء أكثر من كونها عمليات إزالة أتربة دقيقة بفرشاة الدهان".
وأضاف"فمن المحتمل أن يكون لديك معدات ثقيلة تنقل الوحل، بينما يتحرك الناس وهم يرتدون قبعات الحماية الصلبة. ولكن في بعض الحالات، تتطلب عمليات التنقيب التي تفعلها كثيراً، أن تكون شديد البطء عند التعامل مع البقايا الرقيقة الحساسة".
خرافة: التنقيبات الأثرية لا تحدث إلا في المناطق البعيدة
كثيراً ما تتبادر إلى الأذهان والمخيلة الشعبية مواقع؛ مثل ستونهنج بإنكلترا، وجيش تيراكوتا في الصين، وبكل تأكيد الأهرام في مصر. بيد أن بودرو أشار إلى أنه مع ترعرعه في ميسيسيبي، لم يفكر أبداً في احتمالية أنه سيستكمل مسلكه الوظيفي المتعلق بالآثار بالقرب من منزله.
وعن ذلك، قال "لم أفكر حقاً في أنني سأستطيع القيام بالتنقيبات الأثرية من دون السفر إلى مصر أو إسرائيل أو مثل هذه الأماكن".
فيما قالت روز إن الأعمال الأثرية بالولايات المتحدة يمكن أن تحدث في أي مكان.
وأضافت "في كل مرة يحدث تطوير، على سبيل المثال إن كانوا سيبنون طريقاً جديداً، فإنهم يرسلون علماء الآثار للتأكد من عدم وجود أهمية ثقافية لهذا المكان، مثل مواقع السكان الأصليين لأميركا أو أي مواقع سكنية قديمة يمكن أن تكون ذات أهمية. ففي الحقيقة، معظم الأعمال الأثرية في أميركا تحدث على جانبي الطرق".
يمكنك أن تسافر كثيراً بكل تأكيد باعتبارك عالم آثار، ولكن لست مضطراً إلى طيّ أرجاء البسيطة مثلما يحدث في تسلسل الخرائط الموجودة بأفلام إنديانا جونز.
حقيقة: ارتداء قبعة في أثناء العمل بالخارج يعد فكرة جيدة
من المؤكد أن ثمة سبباً صحياً مناسباً يتعلق بقبعة فيدورا الشهيرة التي يرتديها إنديانا جونز.
يقول كيلسو "يرجع سبب ارتدائه القبعة إلى أن جميع الأثريين يعانون مخاطر الإصابة بسرطان الجلد فهم يعملون بالخارج معظم الأوقات. لذا فإنها موجودة لسبب وجيه. والآن، ماذا عن السوط؟ إنني في الحقيقة لا أرى سبباً له".
حقيقة: إنها مهنة مثيرة
مع كل ما يقال، يبدو أن علماء الآثار الثلاثة اتفقوا على وجود كثير من الإثارة مع العمل في هذا التخصص.
قالت روز "إنني قطعاً في جيل إنديانا جونز. وإنني متأكدة من أن ذلك كان جزءاً من الغموض، فكنت أفكر في أنه سيكون مليئاً بالمغامرات. وهذا الجزء يعتبر حقيقياً".
كما يوافق بودرو على ذلك، مضيفاً أن هناك كثيراً من الأوقات الدرامية في أي موقع أثري، سواء كان ذلك معدات معيبة أو اكتشافاً غير متوقع.
وقد قال في حديثه مع الموقع "يوجد حس حقيقي من الاكتشاف. وعندما تذهب إلى هذه المواقع، فأنت لا تعلم ما الذي ستعثر عليه".
فيما قال كليسو إنه لا بأس من تجميل العالم الخيالي الذي يصور الاكتشافات الأثرية، إن كان هذا سيجعل الناس يفكرون في الماضي.
وأضاف"فإن كان محفزاً يساعد الناس على أن يكونوا مهتمين، فأعتقد أنه لا بأس به".
هذا الموضوع مترجم عن موقع Business Insider للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.