يعيش عشاق الفن السابع حالة ترقب بانتظار حفل توزيع جائزة "الأوسكار"، الذي سيقام في هوليوود، عاصمة الترفيه الأولى في العالم، بحضور كبار نجوم الفن من الأميركيين والجنسيات الأخرى في 26 من فبراير/شباط 2017.
أهمية المناسبة لا تنبع فقط من قيمة الجائزة، فمجرد الترشح لها في عرف فن السينما يعني الفوز، والجائزة تأتي لتتويج هذا الفوز بالتكريم.
بل هناك عدة أمور أسهمت في أهمية الجائزة الرفيعة، أبرزها حالة الترقب التي يزرعها الانتظار في نفوس المرشحين، وأيضاً مشاهدتنا لنجوم كبار نتمكن من رؤية ملامحهم الخائفة، والمتحمسة، وردات فعلهم عند سماع اسم الفائز، والذي يكاد يطير فرحاً حينها، ليبدأ بعدها في قراءة خطاب الفوز، وغالباً ما يكون مفعماً بالمشاعر الحقيقية، البعيدة تماماً عن التمثيل، وهو أمر نادر لا يستطيع المشاهد الاستمتاع به إلا في مناسبات مشابهة.
في تقريرنا هذا، سنبتعد قليلاً عن هذه المشاهد العظيمة، لنتطرق بشكل خاص للحظات سجلها التاريخ على أنها لحظات محرجة جداً في تاريخ هذه الجائزة العظيمة، وذلك لأسباب سنتعرف عليها معاً.
1- مناداة الشخص الخطأ لاستلام الجائزة
فرانك كابرا
في النسخة السادسة من حفل الأوسكار عام 1934، كان مقدم الحفل هو النجم الأميركي ويل روجرز، وقد مرَّ الحفل على ما يرام، وفي أجواء احتفالية عادية، إلى أن جاءت لحظة الإعلان عن اسم الفائز بجائزة "الأوسكار"، عن فئة أفضل مخرج.
عندها ألقى ويل نظرة على اسم الفائز، وابتسم قائلاً بثقة: "تعال وخذ جائزتك يا فرانك"، دون أن يلاحظ أن هناك مرشحين للجائزة يحملان نفس الاسم، وهما كل من فرانك كابرا، مخرج فيلم Lady For A Day، و فرانك لويد مخرج فيلم Cavalcade، أما ما زاد الطين بلة فهو قيام المخرج كابرا بالاتجاه بسعادة عارمة إلى المنصة.
قبل أن يكتشف أن بقعة الضوء قد سُلطت على المخرج الآخر، وأنه ليس الشخص المقصود، وبالتالي فإن عليه العودة إلى مقعده، ومنح منصة التتويج إلى منافسه فرانك لويد لتسلم الجائزة.
وتسبب هذا الموقف لـ فرانك كابرا في إحراج هائل، وإحساس بالإهانة والذل، بينما امتلأت القاعة بصوت ضحك الحاضرين، وبكاء أصدقائه، وقد وصف طريق العودة إلى مكانه بأنها "أطول، وأقسى خطوات خطاها في حياته"، وأنه تمنى لو أن الأرض تنشق وتبتلعه من فرط الإحراج.
2- ظهور شخص عارٍ على منصة التتويج
لعل أبرز حدث خلال حفل الأوسكار لعام 1974، كان لحظة الإعلان عن الاسم الفائز بجائزة أفضل فيلم للعام، لكن هذا لا يعود لأهمية هذه الجائزة التي يترقبها العالم كل سنة فقط، بل يعود بالأساس لتفاجؤ المشاهدين، والحضور بشخص دخيل يقتحم المنصة خلال أهم لحظة طوال الحفل، ثم قام بالجري خلف مقدمة الحفل، رافعاً إشارة السلام، أما الأهم هنا، فهو هيئة هذا الشخص، إذ كان عارياً تماماً.
ظهر فيما بعد أن هذا الشخص هو المصور المحترف "روبرت أوبل"، المدافع عن حقوق المثليين، وقام بهذه الحركة كنوع من أنواع لفت الانتباه إلى القضية التي يدافع عنها، وقد يظن البعض أن ما حدث تسبب في فضيحة له.
لكن الواقع هو أن ما استهدفه "روبرت"، قد حدث بالفعل، واستطاع كسب التعاطف، والشهرة في وقت قصير تمكن معه حتى من افتتاح معرض يضم الصور التي يلتقطها، إلا أنه سرعان ما فارق الحياة، بعد أن قُتل من طرف مجموعة من السارقين الذين هاجموه عام 1979.
تسببت هذه الحادثة في ارتباك النجمة "إيليزابيث تايلور"، التي أعلنت عن اسم الفيلم الفائز تحت تأثير الصدمة، لتضطر لاحقاً إلى سؤال أصدقائها، عما إذا كانت قد أعلنت عن الاسم بطريقة باردة، أو قالت شيئا غير ملائم دون أن تنتبه.
يمكنكم مشاهدة التوتر الذي كان طاغياً على مقدمة الحفل "إيليزابيث تايلور" في هذا الفيديو، وذلك بعد لحظات قليلة من وقوع الحادثة المذكورة
3- سقوط جينيفر لورنس
كانت فرحة "جينيفر لورنس" هائلة عندما أُعلن عن فوزها بجائزة "الأوسكار" لأفضل ممثلة في دور رئيسي، عن فيلم Silver Linings Playbook، خلال حفل الأوسكار عام 2013، كيف لا وهي بإنجاز عظيم كهذا تشكل ثاني أصغر فائزة في تاريخ الجائزة على الإطلاق، إذ تسلمت جينيفر الجائزة وهي لا تزال في الثانية والعشرين من عمرها.
لكن الفرحة لم تكتمل، فبعد أن توجهت الممثلة الجميلة صوب المنصة تعثرت في فستانها، وسقطت أرضاً تحت مرأى العالم، إلا أنها بدلاً من أن تظهر إحراجها، أو توترها، بقيت أرضاً للحظات، وهي تضحك قبل أن تقف مجدداً، وتتابع طريقها لتسلم أهم جائزة في حياتها.
4-سوء تصرف جيمس كاميرون
قد نتفهم فرحة المخرج العظيم جيمس كاميرون، وثقته الزائدة خلال حفل الأوسكار عام 1998، فهو الذي صنع فيلم Titanic، الذي لا يزال خالداً في أذهان العالم إلى هذه اللحظة، واستطاع أن يكون الفيلم الأكثر استحواذاً على الترشيحات خلال الحفل بمجموع 14 ترشيحاً، أما الأهم فهو قدرته على الاستحواذ على 11 جائزة أوسكار، وهو إنجاز لم يستطع أحد تحقيقه في تاريخ الأوسكار، سوى فيلم "Ben Hur" عام 1959.
لكن الأمر المزعج الذي حدث هو أنه عندما استدعي "كاميرون" لتسلم جائزة أفضل فيلم، وبعد الانتهاء من خطاب شكره كاملاً، طالب الجماهير بدقيقة صمتاً على أرواح القتلى في حادثة غرق السفينة الشهيرة، وهي مبادرة جميلة بكل تأكيد، إلا أنه بعد انتهاء لحظات الصمت صرخ طالباً من الحضور إحياء الحفلات التي عادة ما تلي ختام المهرجان والسهر حتى ساعات الفجر.
وهو الأمر الذي أثار استغراب الحاضرين، والمشاهدين، الذين اعتبروا هذا الانتقال السريع بين الحزن والفرحة وقاحة بالغة، وتمنوا لو أن المخرج قد أغلق فمه بعد انتهاء دقيقة الصمت، وعلى الرغم من أن "كاميرون" حاول لاحقاً تبرير تصرفه، إلا أنه اعترف في أحد اللقاءات أن ما قام به لا يمكن تبريره، وأنه قد جعل نفسه يبدو أحمق بين الحاضرين.
5- جنون روبيرتو بينيني
لعل من بين أهم الصفات التي تُميز الإيطاليين أناقتهم، وكلامهم المعسول، لكن على ما يبدو فإن المخرج الإيطالي "روبيرتو بينيني" شكَّل استثناء للقاعدة، إذ غابت عنه كل معالم اللباقة والأدب خلال حفل الأوسكار عام 1999، بعد أن فاز بجائزتين في نفس الحفل، أولاهما جائزة أفضل فيلم أجنبي عن فيلمه "Life is Beautiful"، وثانيتهما جائزة أفضل ممثل عن نفس الفيلم.
وعلى ما يبدو فإن فرحة الرجل فاقت الحدود، لدرجة أنه مشى على رؤوس الحاضرين، وكراسيهم، دون أدنى احترام للشخصيات الجالسة، والذين كانوا من أكبر الشخصيات في "هوليوود"، قبل أن يرتكب حماقة أكبر بقوله "إنه يتمنى ممارسة الجنس مع جميع الحاضرين".
هذه التصرفات الغريبة لم تؤدِ سوى إلى تشويه سمعة "بينيني"، الذي شكلت هذه السنة بالنسبة له بداية مجده، ونهايته، وذلك لأن جميع أعماله اللاحقة باءت بالفشل.