ارقص.. يجب أن ترقص.. ما دامت الموسيقى تعزف، يجب أن ترقص، لا تفكر حتى في السبب، إذا شرعت في التفكير فسوف تتوقف قدماك.
هكذا يقول هاروكي في روايته "رقص رقص رقص"، التي اقتبس عنوانها من أغنية فرقة البيتش بويز، كما اقتبس عنوان روايته "غرب الحدود شرق الشمس" من أغنية نات كينغ كول.
وكذلك "الغابة النرويجية" عنوان أغنية البيتلز، وبطلها تورو واتانابي الذي يعمل في محل تسجيلات موسيقية كما عمل هاروكي في سنوات شبابه.
كان هاروكي يقول: اكتب ما دامت الموسيقى تعزف، إذا شرعت في التفكير سوف تتوقف أصابعك.
هاروكي الذي عزفت أنامله على البيانو في طفولته هي اليوم تعزف على لوحة المفاتيح.
روايته "تسوكورو تازاكي الباهت وسنوات الترحال" كانت السبب في إقبال اليابانيين على سماع ألحان موسيقى هنغاري مغمور من القرن التاسع عشر صاحب معزوفة سنوات الحج التي اقتبس منها هاروكي عنوان الرواية.
إنك حين تكتب في اليوتيوب أو جوجل: موسيقى هاروكي موراكامي، تخرج لك عشرات الأغاني والسيمفونيات التي وردت أسماؤها في رواياته وقصصه القصيرة.
هاروكي مغرم بجمع أسطوانات الجاز القديمة؛ لذا يحب السفر إلى بوسطن؛ لأنها أفضل مكان في العالم لجمع التسجيلات الموسيقية المستعملة والنادرة، ويملك هاروكي الآن أكثر من 6000 أسطوانة موسيقية، ولا يعرف عددها؛ لأنه يخاف أن يحسبها.
هاروكي يكتب على إيقاع الموسيقى، ودائماً يحافظ على هذا الإيقاع بينه وبين قرائه، إن حكاياته تقرأ على خلفية موسيقية يسمعها من عرف قصص هاروكي.
حين كان في الخامسة عشرة أهديت إليه في عيد ميلاده تذكرة لحضور حفل لفرقة jazz messengers بقيادة أرت بلاكي، كانت المرة الأولى التي يستمع مباشرة إلى موسيقى جاز حية، ويروي هاوركي كيف دهش واهتز كيانه وهو يطرب لسماع جاز حقيقي وأسطوري.
وبعد سنوات الجامعة في السبعينات اقترض أموالاً وفتح حانة جاز في طوكيو، كان اسمها بيتر كات، وكانت أسطوانات الجاز تعزف باستمرار على مدار اليوم وفي عطلة نهاية الأسبوع يأتي فنانون محترفون ويعزفون أشهر الألحان والمقطوعات، واستمر على هذه الحال مدة سبع سنين وكان سعيداً؛ لأنه يستمع للجاز ليلاً ونهاراً.
قبل أن يبلغ الثلاثين قرر أن يكتب رواية، وكان الأمر عسيراً، كان يبحث عن تقنية وأسلوب مميز، كان رأسه متخماً بالموسيقى، كانت الأنغام تصدح في ثنايا دماغه، لم يستطع تحريرها كمعزوفات موسيقية، قرر أن يحول الأنغام إلى كلمات، مشروع توافقي بين الموسيقى والقصة، يقول إن الإيقاع هو أهم شيء في العزف والسرد، كلاهما ينسج وفق الهرموني.
يقول ناصحاً الكتاب:
(أسلوبك لا بد أن يملك إيقاعاً طبيعياً منسجماً راسخاً، وإلا سيهجر القراء كتاباتك وينفرون من رواياتك، لقد اكتسبت الإيقاع من الموسيقى وخصوصاً الجاز).
إن أدب هاروكي هو تمازج بين السرد والموسيقى؛ حيث تأتي الحكايات على مهل تسبح مع الألحان وتختلط الكلمات مع حروف النوتة المعزوفة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.