"المسلسل من وحي الخيال" بهذه الجملة اختصر كاتب السيناريو السعودي ومؤلف المسلسل بندر باجبع الطريق عليه بالرد على الانتقادات التي تلقاها مسلسله حارة الشيخ حول تشويه صورة المجتمع الحجازي والجداوي نسبة إلى جدة، وتزوير التاريخ وثقافة المنطقة، وصلت لدى البعض إلى المطالبة بإيقافه.
وأضاف لـ"عربي بوست" أنه بصدد كتابة جزء ثانٍ يواصل فيه حكايات هذه الحارة.
ردود فعل طبيعية
الحارة الشعبية كما يصفها باجبع لا تمت للواقع بصلة "كان من الممكن أن تكون قصة حارة الشيخ في أي جغرافية أخرى، ولكني اخترت مدينتي جدة لأجعل العالم يشاهدها، ويعلم أن بها قصصاً شعبية ثرية".
وأضاف "رغم أن الأحداث خيالية إلا أنها تلامس بعض جوانب الحياة الاجتماعية في حارة افتراضية من حارات جدة القديمة في فترة زمنية قبل أكثر من 200 سنة هجرية".
المسلسل الذي أحدث ضجة كبيرة طاله وطاقم العمل عاصفة من الانتقادات، تنوعت ما بين تزوير للحقبة التاريخية، وعدم مراعاة للعادات والتقاليد الاجتماعية، بالإضافة إلى عدم مناسبة الأزياء لهذه الفترة من التاريخ الحجازي.
وهو ما اعتبره باجبع رد فعل طبيعي قائلاً "ردة الفعل لعمل بهذه الضخامة وكفكرة جديدة وبيئة غير معهودة الظهور على الشاشات، وبما أنها تصنف من أوائل التجارب الدرامية الشعبية الجداوية تعتبر ردة فعل طبيعية جداً، ولا أستطيع أن ألوم من وجه انتقادات سلبية للمسلسل، فكل شخص له حرية التعبير".
وتابع "لكن كل ما أتمناه أن أرى انتقادات تهدف إلى البناء والتعديل، وليس الإساءة والتجريح، كما أني أستغرب من أشخاص فتحوا سيلاً وابلاً من الانتقادات وهم سمعوا ولم يشاهدوا من المسلسل شيئاً، أو أنهم شاهدوا مشاهد بسيطة بدون أن يفهموا القصة وأهدافها وخيالاتها".
أحداث المسلسل الذي تم تصويره كاملاً بمشاهده الداخلية والخارجية في مدينة أبو ظبي الإماراتية تحمل إسقاطات تحاكي بعض أحداث العصر الحالي، ولكن لا يمكن تصنيفه كمرجع توثيقي وتاريخي للفترة الزمنية القديمة بحسب مؤلف العمل.
هل هو استنساخ للدراما الشعبية المصرية والسورية؟
ومن بين الانتقادات التي وجهت للعمل السعودي استنساخه للمسلسل السوري الشهير باب الحارة، أو تشبهه بالأفلام المصرية الكلاسيكية، والتي تدور أحداثها في الحارات القديمة عن الفتونة والإتاوة مقابل حماية أهل الحارة.
وهو ما يراه البعض بعيداً عن واقع المجتمع الحجازي في ذلك التاريخ، أو كما أشار الباحث التاريخي الحجازي "حسام عبدالعزيز المكاوي" في مقاله إلى أنه "من يتابع مسلسل حارة الشيخ يشعر أنه تائه بين حرافيش نجيب محفوظ، وبركات جمال الغيطاني، وحلمية عكاشة، حيث جاء المسلسل ولم يأخذ من واقع الحجاز إلا ملامح بسيطة أقحمت في العمل، كدليل على أن هذا العمل يمثل واقع مدن الحجاز، والتي تمثل جدة إحدى واجهاتها الكبرى، في صياغة بعيدة كل البعد عن واقع الحجاز عموماً وجدة خصوصاً، في بيئة تخيلها المؤلف، وحاول إسقاطها على تاريخ مدينة ضاربة في عمق التاريخ، بيئة لم تأخذ من الواقع إلا ملامح مشوهة، ليس فيها من الحقيقة شيء".
وفي معرض رده على هذه الانتقادات قال الكاتب السعودي إن المسلسل "لا يعتبر استنساخاً أبداً، فالقصص والحبكة مختلفة، فباب الحارة مثلاً يتحدث عن صراع الشام وأهلها ضد المحتل الفرنسي، أي أنه صراع سياسي، على عكس مسلسلنا الذي يهتم بشؤون النفس البشرية وأطماعها، والصراع مابين الخير والشر".
مضيفاً أن نقطة التقاء عمله مع باب الحارة، وأفلام الفتوات المصرية في جانبين، الجانب الأول أننا قدمنا دراما شعبية، وهم أيضا دراما شعبية، والجانب الآخر فكر وثقافة وجود الفتوة التي كانت سائدة في العالم العربي أجمع في فترة من الفترات، ولذلك وجدنا أُناساً يربطون هذه الفكرة بتلك، وفي كل الأحوال إن كان هناك تشابه فلا أرى فيه مشكلة، فليس عيباً بأن نصنف ونحن في بدايات مسلسل درامي وليد بأننا نشابه تلك الأعمال الجميلة، والتي أثرت في العالم العربي أجمع.
جزء ثان
الجدل الذي أحدثه المسلسل جعل باجبع يفكر جدياً في تقديم جزءٍ ثان من العمل يواصل به تقديم حكايات شعبية تلامس حياة الحجازيين قبل أجيال.
وهو ما أشار إليه بقوله "أتمنى أن يكون هناك جزء ثانٍ من حارة الشيخ، كما أننا نحاول أن نقدم حلقات جديدة من برنامج قروشة اليوتيوبي الشهير".
واختتم المؤلف الشاب حديثه متفائلاً بقدرة الدراما السعودية على المنافسة، وأخذ مكانها في الدراما الخليجية والعربية قائلاً في هذا الصدد "هناك تطور كبير في النواحي الإنتاجية والإخراجية، والإمكانيات والدعم.
ولكن النقص برأيه في احترافية العمل والفكرة والسيناريو الجيد، موضحاً أنه "رغم هذا أرى أننا ننافس بشكل جيد، ويكفينا أننا نستطيع أن نقدم أعمالاً درامية نخطف بها قلوب العالم العربي أجمع، وهذا بحد ذاته نجاح، وأتوقع أن نكون أفضل مع وجود كوادر شبابية، وأفكار جديدة والمستقبل سيقدم لنا ما لا نتوقعه منهم".
ويعد مسلسل حارة الشيخ والذي أنتجته مجموعة MBC ، من أوائل الأعمال التي تتناول الحكايات الشعبية في منطقة الحجاز إبان العصر العثماني، والعمل من تأليف بندر باجبع، وإخراج المثنى صبح، ويضم عدداً من الممثلين من أبرزهم محمد بخش، وخالد الحربي، وجميل علي، ويوسف الجراح، وعبدالمحسن النمر.