حسب نص تصريحات البطل الأوحد لهذا العمل، فإن الجزء الثاني من فيلم المشخصاتي لم ير النور إلا بعد أن وافقت عليه الأجهزة الأمنية في الدولة والتي سمحت حسب تصريحاته أيضا بتجاوز القانون لتوجيه اتهامات إلي أشخاص لم تصدر بحقهم بعد أحكام نهائية (قيادات الإخوان)، ولكن الفيلم لم يكتف فقط بإدانتهم بل حولهم إلى قرود!!
نسخة جديدة من فيلم "المشخصاتي" تبدو أساسا قرارا غير مفهوم، فالنسخة الأولى من الفيلم التي صدرت في عام 2003 نجحت باكتساح أن تحجز لنفسها قعر القائمة، ولم تحقق حتى مصاريف إنتاجها ولا رواتب من شاركوا فيها.. فلماذا نسخة ثانية وما المصلحة الإنتاجية التي يمكن أن تعود على شركة ماركيز هاوس التي قامت بالإنتاج؟!
على كل يبدو السؤال السابق سخيفا لسببين:
- الأول، أن النسخة الجديدة من فيلم المشخصاتي لم تتكلف كثيرا، فهناك نجم واحد هو "تامر عبد المنعم" يؤدي جميع الشخصيات وهو ليس من نجوم الصف الأول ولا الثاني.
- والثاني، أن شركة "ماركيز هاوس" مملوكة لتامر عبد المنعم نفسه والقاعدة تقول إن من حكم في ماله فما ظلم.
في الفيلم الجديد، يقوم تامر عبد المنعم بأداء شخصيتي الرئيس المصري السابق محمد مرسي والقيادي الإخواني خيرت الشاطر، إضافة لبعض الشخصيات الأخرى، فيما يقدم الفنان أحمد عبد الوارث دور المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، كما تظهر شخصيات تقلد معظم الوجوه الإخوانية المعروفة بأداء يشبه القرود في كل المشاهد تقريبا.
كان للرقابة المصرية اعتراض على مشروع الفيلم، إذ طالبت بتغيير أسماء الشخصيات التي تظهر فيه باعتبار أنه لم تصدر ضدهم بعد أحكام نهائية، ولذلك فإن هناك فرصة أن يقاضوا الدولة بتهم تشويه سمعتهم.
ولكن تامر -صاحب العلاقات النافذة- كشف في الفيديو أدناه أن الفيلم تحرك بعد أن تم رفع الأمر للجهات الأمنية التي انحازت له على حساب الرأي القانوني لجهاز الرقابة وأقرت إطلاق فيلم يصدر أحكاما نهائية على المعارضين من جماعة الإخوان المسلمين وقيادات حزبهم قبل أن تصدر المحكمة أحكامها النهائية.
وعود الإعلان الترويجي
فنيا ربما لا يوجد الكثير لقوله عن الفيلم، ولكن إذا صحت قاعدة أن كل إعلان ترويجي لفيلم جديد هو بمثابة مجموعة وعود يقدمها منتجوه إلى الجمهور، فإن الإعلان الترويجي لفيلم "المشخصاتي 2" يقدم للمشاهدين الوعود التالية:
- أن تشاهد تامر عبد المنعم في نحو 95% من لقطات العرض، وهي بشرى سارة لأولئك الذين يحبون تامر، ولكنها في نفس الوقت تحذير ضروري لمن لا يحبونه لأنه لن تكون أمامهم فرصة للتراجع بعد دخول قاعة العرض
- ألا تعرف معلومة تقريبا عن الإخوان أو فترة حكمهم.. سترى فقط ممثلين متشنجين بعضهم من أرباب المعاشات مثل يوسف شعبان وسمير غانم في أدوار شرفية، وسيسعى كل واحد منهم أن يظهر عاهة في نطقه أو حركاته.
- ستجد سخرية تتجاوز الإخوان، إلى السخرية من فكرة الديمقراطية وتداول السلطة في حد ذاتها، فبعض المشاهد تقدم الإخوان باعتبارهم فقراء أو فلاحين لا يليقون بالقصر الرئاسي..
- أنك ستشاهد إنتاجا هزيلا وفقيرا، فتامر عبد المنعم المنتج كان بخيلا مع تامر عبد المنعم الممثل، ربما تفاديا لمزيد من الخسارة.
سيرة ذاتية مثيرة للاهتمام
السيرة الذاتية لتامر عبد المنعم مثيرة للاهتمام، فهو يقدم نفسه باعتباره كاتبا وممثلا ومع ذلك فليس في تاريخه الذي بلغ 15 عاما إلا الجزء الأول من فيلم "المشخصاتي" الذي قبع في ذيل قائمة الأفلام بغير منافس لعام 2003، ثم مسلسل "المرافعة" في عام 2014 وبخلاف ذلك فقد ظهر دائما في أعمال ثانوية مع كبار النجوم، كما أن أحدا لم يطلب منه كتابة عمل له.
ما فات ليس هو الجزء المثير للاهتمام في سيرته الذاتية؛ فالعديد من صغار الفنانين مروا بتجارب مشابهة، المثير للاهتمام حقا هو من هو أبوه؟ ومن هو حماه؟ وكيف كان لهذين الرجلين أثر على حضوره..
تامر عبد المنعم هو ابن المستشار الصحفي السابق للرئيس مبارك الذي تم خلعه بعد ثورة يناير 2011، أما حماه فهو فريد الديب محامي الرئيس مبارك ومحامي معظم المسؤولين من رجال مبارك الذين حاكموا بقضايا فساد، وقد نجح في استخلاص البراءة لمعظمهم، ولذلك فقد كان تامر رأس حربة تلفزيونية في الفترة من 2011 وحتى الإطاحة بالرئيس المصري الإخواني محمد مرسي في 2013 للتعبير عن دعم النظام السابق والهجوم على الإخوان.
كان مدهشا أيضا أن يكون تامر بهذا القدر من اللاحضور الفني ثم تختاره الدولة المصرية عام 2006 ليكون رئيس قصر ثقافة السينما وهو منصب لم يفقده إلا بعد عام 2011، كما تم اختياره ليقدم عدة برامج تلفزيونية لم ينجح أي منها، ويقولون إن نفوذ والده وحماه كان وراء تلك المناصب وفرص العمل.
يمكنك الآن أن تذهب مطمئنا لمشاهدة الجزء الثاني من فيلم "المشخصاتي" الذي تقول إعلاناته إنه سيكون قريبا في جميع دور العرض، ولكن إن لم تجده فيمكن مشاهدة فيلم "أسد سيناء" الذي تدور أحداثه حول حرب أكتوبر ويقدمه ممثل له ظروف مشابهة، وبدعم أيضا من أجهزة الدولة المصرية.. حظا سعيدا