– 1-
– أبو التعبيرية.
"لوحاتي لا يشتريها أحد، وأنا لست مسؤولاً عن ذلك. وسيأتي يوم يكتشف الناس أن هذه اللوحات أغلى من حياتي. فأنا أرسم للمستقبل".
هذا ما يقوله فان غوخ عن لوحاته. هذا الفنان الذي أقام معرضاً وحيداً وباع لوحة وحيدة، هي الأولى والأخيرة في حياته البائسة، التي أمضاها في فقر وعوز شديدين.
لقد أبصر النور في زندرت بهولندا في الثلاثين من شهر آذار/مارس عام 1853 لأسرة راهب بروتستانتي، وكان طفلاً مضطرباً وغريب الأطوار. التحق عام 1864 بمدرسة داخلية لدراسة اللغات الفرنسية والإنكليزية والألمانية، كما تلقى تعليماً في الرسم، ليوقف دراسته عام 1868. عمل في فرع لصالة الفن (Goupil et cie) في لاهاي وهي الفرع الهولندي للصالة الباريسية .
في الحقل – 1883 – لاهاي
ثم أُرسل إلى الفرع الموجود في بروكسل ثم لندن التي عرف فيها أول فشل عاطفي كبير، حين رفض من قبل "أورسولا" ابنة المؤجر اللندني، ليرسل أخيراً إلى باريس. ولشغفه بقراءة الكتاب المقدس أهمل عمله لينتهي به المطاف لفقدانه وظيفته. ويصبح مبشراً دينياً في إحدى ضواحي لندن العمالية، وباشر بدراسة اللاهوت مع الاستمرار في الرسم لأوقات طويلة عام 1876.
ليقرر في عام 1878 التبشير بين الأوساط الفقيرة، وقد أبدى تطرفاً دينياً لدرجة أثارت حفيظة السلطة الدينية واستنكارها لتكون حلقة أخرى في سلسلة فشله المستمرة والتي ستسم حياته وأعماله. معانياً ما تبقى من حياته من نوبات شديدة لمرض ظل الأطباء يبحثون عن كنهه حتى عصرنا هذا، إنه المعروف بالفنان الذي قطع أذنه، حيث قام بقطع جزء من أذنه إثر نوبة حادة لمرض شخصه أطباء عصره بداء الصرع. وعولج في مشفى "سان ريمو دو بروفالس" الفرنسي على أنه مصاب بمرض نفسي عام 1888.
ويعتقد الأطباء الآن أنه كان مصاباً بدوار فيير، حيث إنه يؤدي إلى نوبات دوار وطنين ثم يتحول إلى ألم حاد، ثم حالة اكتئاب شديد، ومهما كان المرض وتشخيصه، فنحن يهمنا هنا عدم إعاقة المرض لمسيرته الفنية فرغم الألم والاكتئاب ترك خلفه اكثر من 750 لوحة، و 1600 رسمة. منذ عام 1880 تعتبر تراثاً فنياً لا يعوض، وشاهداً على عظمة فنان لا تقل حياته أهمية عن لوحاته.
هذا الفنان الذي أنهى حياته بيده وهو في السابعة والثلاثين تاركاً خلفه لوحات لم تجف ألوانها بعد. رسمت بين نوبة وأخرى، ويبقى السؤال هل كان المرض سبباً لفقدان الرجل حياته، أم أن المرض نفسه قد جعله يقوم بتصوير حالاته الانفعالية والضربات القوية لريشته الغاضبة، التي جعلته بحق "أبا التعبيرية" تلك الفوضى التي خلفها المرض، حولها الرجل بهوسه الفني إلى لوحات لا يمل المشاهد من النظر إليها. لتصبح منارة للفنانين الذين أتوا بعده.
منزل الرجل الأصم
قبل حوالي مائة عام من ولادة فان غوخ، وللصدفة في نفس اليوم الثلاتين من آذار/مارس عام 1746 في قرية "فونيديتودوس" في سرقسطة بإسبانيا أبصر طفل النور في عصر تسوده الاضطرابات السياسية والاجتماعية ليتحول فيما بعد إلى لغز حير النقاد الفنيين عبر التاريخ الفني. إنه الفنان الإسباني "فيديريكو غويا".
بورتريه شخصي .
إنه فنان القصر، وفنان الشعب، لديه أعمال لطبقة النبلاء الإسبانية وأحداث تاريخية مثل الثالث من مايو 1808.
الثالث من مايو – 1808 –
كان ابناً لفلاحين من البسطاء، وانتقلت أسرته الى سرقسطة سنة 1749 ليتدرب في العام 1760 على يد الرسام "خوسيه لوتان أي ماتينيت".
كان العام 1783 هو عام غويا الذي فتح له أبواب النجاح ليصبح الرسام الأول للملك في العام 1786 بعد سلسلة من النجاحات الاحترافية في رسم البورتريه.
عائلة شارل الرابع – 1800 –
أصيب غويا بمرض شديد ليصاب بالصمم سنة 1795 نتيجة لمرضه، وتم تكليفه برسم لوحات بالحجم الطبيعي لدوق ودوقة ألبا. ليصبح الصديق الشخصي لدوقة ألبا بعد موت الدوق المفاجئ، وقد رسم الدوقة في أوضاع مختلفة من أشهرها لوحة للأرملة المتشحة بالسواد وهي تشير إلى الرمال حيث كتب (solo Goya) أي (فقط غويا).
دوقة ألبا – 1797 –
في عام 1819 اشترى غويا منزلاً سمي فيما بعد "منزل الرجل الأصم" الذي رسم على جدرانه مجموعته الشهيرة -اللوحات السوداء- في ذاك الشتاء الذي عانى فيه المرض الشديد، بالإضافة للصمم الذي رافقه نصف حياته، عانى آخر سنتين من حياته من ضعف البصر، الذي لم يوقفه عن العمل رغم نقص معدات الرسم، منها "الفتاة التي تحلب اللبن" بالأضافة لأختبارات للحفر على الحجر.
من مجموعة اللوحات السوداء – منزل الرجل الاصم –
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.