بعدما حققت المسلسلات التركية نجاحاً كبيراً على الشاشات المصرية، ظهرت مؤخراً الدراما الهندية لتزعزع مكانة المسلسلات المصرية والتركية على حدٍ سواء، لعدة أسباب قد يكون أهمها أوجه الشبه بين الرجل الهندي والمصري!
فحتى العام 2008، كان مسلسل "نور" التركي سيد المسلسلات رغم لهجته السورية، إذ حظي بمتابعةٍ كبيرةٍ من قبل المصريين عامةً والفتيات خاصةً، رغم بلوغ عدد حلقاته 154 في وقت لم تتجاوز فيه المسلسلات العربية الـ 30 حلقة.
وظلت الفتيات شغوفات بأخبار بطله الممثل التركي كيفانتش تاتليتوغ الذي أدى دور "مهند"، حتى ظهر مرة أخرى في "العشق الممنوع" في العام 2009 والذي فاقت مشاهداته مسلسل "نور".
وبلغت متابعة المسلسلات التركية ذروتها بعد ظهور مسلسل "حريم السلطان" في العام 2011، والذي استمر حتى العام 2014 بعدما عُرض منه 4 أجزاء.
إلا أن أضواء المسلسلات التركية بدأت تخفت تدريجياً في أعقاب ظهور المسلسلات الهندية في العام 2015، والتي بدأت تحظى باهتمام واسع من قبل المصريين.
"من النظرة الثانية".. "لهيب الحقد".. "الزواج قسمة ونصيب"، هي مسلسلات هندية تسابقت المحطات التلفزيونية على عرضها، حتى ظهرت قنوات متخصصة لعرض المسلسلات الهندية مثل قناة "MBC بوليوود" و"زي تي في".
إحلال المسلسلات الهندية بدلاً من التركية كان له أسبابٌ مادية، وأخرى ثقافية تتعلق بتقارب العادات المصرية والهندية.
تقارب العادات
تقول المصرية سارة عادل إنها تفضل متابعة المسلسلات الهندية عن التركية خاصة مسلسل "جودا"، الذي يحكي قصة ملك متزوج بأكثر من 100 زوجة ويفضل ابنه جودا عن بقية أبنائه.
وتبرر سارة في حديثها لـ "هافينتغون بوست عربي" أسباب تفضيلها للمسلسل الهندي، بأن الرجل الهندي رجلٌ شرقي أقرب للرجل المصري بخلاف التركي الأقرب للأوروبي، إلى جانب أن الواقع الهندي قريب للواقع المصري.
وترى سارة أيضاً أن روح المغامرة موجودة بشكل أكبر في المسلسلات الهندية.
الإثارة والتشويق
من ناحيتها قالت آية طارق إنها تتابع مسلسلي "من النظرة الثانية" و"لهيب الحقد" باستمرار، بالإضافة إلى مسلسلات هندية أخرى دون انتظام. واعتبرت أن تفضيلها للهندي على التركي يعود لعنصر الجذب. فبرأيها تجذب المسلسلات الهندية المشاهد وتشوقه لمعرفة ما سيحصل في الحلقة التالية بعكس التركية.
وتضيف آية أن حلقات المسلسلات الهندية لا تطول مثل التركية، وليست "محشية" بأحداث لا جدوى لها.
العلاقات الأسرية
أما سارة سامي، فاعتبرت أن المسلسلات الهندية تتساوى بالقوة مع التركية، مضيفةً أنها دائمة المتابعة لمسلسل "من النظرة الثانية" حباً في بطله ياش وارتي، ومسلسل "العشق الأسود".
أما السبب فيعود إلى قوة العلاقات الأسرية في المسلسلات الهندية والرومانسية التي تقترب من الروح المصرية، على حد تعبيرها.
تكلفة شراء المسلسلات
من ناحيته، فسر الناقد الفني طارق الشناوي فسر ظاهرة انتشار المسلسلات الهندية في الأوساط المصرية بأن "مذاق الجمهور المصري كان هندياً حتى مطلع التسعينات"، وأوضح أن المزاج المصري كان يميل للأفلام الهندية فترة الستنيات والسبعينيات والثمانينيات، وبعد التسعينيات أصبح مزاجه أميركياً.
ولم ينكر الشناوي نجاح المسلسلات التركية بشكل مثّل خطراً على المسلسلات المصرية أو العربية؛ لأن ثمنها أرخص، فـ "إن كان المسلسل المصري أو العربي ثمنه 10 جنيهات يكون ثمن المسلسلات التركية 2 أو 3 جنيهات فقط، ما تسبب في توجه الفضائيات له بشكل أكبر".
وأنهى الشناوي حديثه لـ "عربي بوست" بالقول إن "توجه القنوات للمسلسلات الهندية زاد بشدة هذه الفترة لرصيد الصناعة الهندية في نفوس المصريين، لكنها ليست بديلةً للمسلسل التركي لأن الأخير أخذ مساحة كبيرة بالفعل".
موضة تنطفئ!
الناقد الفني وليد أبو السعود اعتبر انتشار المسلسلات الهندية مجرد "موضة" ستلمع ثم تنطفىء مثل المسلسلات التركية، مستطرداً "قبل موضة المسلسلات التركية والهندية كانت موضة المسلسلات الإسبانية والكولومبية والمكسيكية".
ودلل أبو السعود على حديثه بانتشار مسلسل "اوشين" الياباني سابقاً في مصر، "لكن كل موضة تنتهي مع الوقت وتظهر أخرى".
وأشار إلى مساهمة الكلفة المالية في انتشار المسلسلات الهندية، إذ "يشتري الموزعون المسلسل التركي بـ 5 آلاف دولار فقط، ويبيعونه للقنوات بـ 50 ألف دولار فكانت المكاسب خيالية، لكن نتيجةً للإقبال وتنافس القنوات وصل سعر الحلقة لـ 2 و3 آلاف دولار، ما أثر على المبيعات، فبدأت القنوات تعود للكولومبي والمكسيكي والهندي لأنها أرخص".
وأوضح أبو السعود أن حاجة كل القنوات الفضائية لملء وقت البث الخاص بها دفعها للبحث عن مسلسلات أرخص كي تتمكن من شراء أكثر من مسلسل واحد.