كثيرةٌ هي الأغاني الجميلة التي تحفظها ألسنتنا عن ظهر غيب، ولكنها قليلة جداً تلك التي تلمس بشكل عفوي أرواحنا، وتقتحم قلوبنا دون استئذان، وأغنية مهريبان التركية هي واحدة من بين تلك الأغاني النادرة، التي بمجرد أن تستمع إليها للمرة الأولى، ستجد نفسك تستمع إليها مراراً وتكراراً، وتطرح على نفسك سؤالاً وهو: "لمن كُتبت هذه الأغنية؟".
فما هي قصة أغنية مهريبان التركية، ومن هما بطلاها الحقيقيان، وما الذي تعنيه كلماتها؟
قصة أغنية مهريبان التركية
على الرغم من أنها من الأغاني التراثية، فإن شهرتها الأوسع اكتسبتها من المسلسل التركي الشهير Çukur "الحفرة"، لدرجة أنّ اسم الأغنية ارتبط بالمسلسل بشكل كبير على محركات البحث في مواقع التواصل الاجتماعي، وبات يطلق عليها اسم "مهريبان الحفرة".
كما تعتبر أغنية مهريبان واحدة من الأغاني المؤثرة، سواء في الماضي أو الحاضر، وقد غناها الكثير من الفنانين القيمين على مر الزمن.
هذه الأغنية المؤثرة، ليست مجرد كلمات من خيال كاتبها، بل إنّ وراءها قصة حقيقية، عاش فيها كاتبها الكثير من المشاعر المختلطة، التي أوصلته لمرحلة كتابة كلمات كهذه الكلمات الحزينة والكئيبة.
بطلا القصة هما الكاتب والصحفي التركي عبد الرحيم كاركوتش وحبيبته "مهريبان" وهو الاسم غير حقيقي الذي أطلقه عليها الكاتب عبد الرحيم، حتى لا يفشي اسمها الحقيقي على الملأ، مراعياً العادات والتقاليد في تركيا في تلك الفترة.
الاسم الحقيقي للفتاة هو "شهريبان"، أما "مهريبان" فيعني الفتاة "الرقيقة والحسناء والمتسامحة" ولهذا أطلق عليها هذا الاسم.
بدأت القصة في خمسينيات القرن الماضي، عندما تعرفا على بعضهما البعض في قرية "Ekinözü" في قضاء كهرمان مرعش في جنوب تركيا.
وعندما بدأ حبهما بالنمو شيئاً فشيئاً، استيقظ كاركوتش، على خبر مغادرة مهريبان القرية مع أسرتها للعيش في مدينة "كهرمان مرعش".
ووفقاً لما ذكرته صحيفة Sabah التركية، فإنّ كاركوتش أضرب عن الطعام والشراب بسبب آلام الحب التي عانى منها، لدرجة أن عائلته حاولت كثيراً البحث عن حبيبته من أجل دفعه لتناول الطعام.
وبعد أيام طويلة من البحث، استطاعت عائلة كاركوتش أن تصل إلى منزل عائلة مهريبان الجديد في مدينة كهرمان مرعش، حتى أنهم طلبوا يدها من عائلتها، التي رفضت تزويجها كونها كانت "قاصراً".
ومع إصرار عائلة كاركوتش على تزويج ابنهم عبد الرحيم منها، ادّعت عائلة مهريبان أن ابنتهم مخطوبة وستتزوج عما قريب.
هذا الخبر السيئ، دفع عبد الرحيم إلى فك إضرابه عن الطعام، واتخاذه قراراً بأن يُنهي هذه القصة للأبد.
تمر السنوات، ويأتي ذات يوم أحد أصدقائه لزيارته، ليؤكد له أنه قابل مهريبان صدفة في الطريق، وأنهما تبادلا الحديث، وقد أكد له أنها تزوّجت.
ولكن حتى لو كان لسان كاركوتش بقي صامتاً حينها، فإنه لم يستطع التحكم في قلبه، فبدأ بكتابة قصيدة مهريبان التي عبّر عن آلام حبه فيها، ونشرها في عام 1960 في إحدى الصحف، ليقرأها المغني الفلكلوري الشهير موسى إيروغلو ويقرر تحويلها إلى أغنية شعبية.
وكان موسى إيروغلو أول مغنٍ يقدم أغنية "مهريبان" قبل أن يغنيها العديد من الفنانين الآخرين، أبرزهم محسون كرميزي جول.
عندما سمعت "مهريبان" الأغنية، عرفت سريعاً أن الأغنية قد كُتبت لها، فأرسلت برسالة إلى عبد الرحيم كاركوتش احتوت على جملة واحدة فقط، قالت له فيها: "ليس من السهل النسيان".
وبما أن مهريبان كانت حينها امرأة متزوجة، فلم يرد عبد الرحيم كاركوتش على رسالتها، واكتفى بكتابة القصائد لها ونشرها في الصحف المحلية، وهي القصائد التي كانت مهريبان تعلم تماماً أنها بمثابة أجوبة لرسائلها، وتعتبر قصائد "انسى مهريبان" ، "عبء الحب على كتفي" من أشهر تلك الرسائل.
فيما بعد تزوج عبد الرحيم كاركوتش من امرأة تدعى "باكيزا"، أنجب منها 3 أبناء، هم "مهريبان و تورك إسلام وإندرهان".
وفي عام 2012، توفي كاركوتش تاركاً وراءه إرثاً كبيراً من القصائد المميزة، والتي غناها أبرز الفنانين الأتراك أمثال: إبراهيم تاتليس، أورهان حقلماز، وسيلدا باغان، جولشين كوتلو، وغيرهم.
كلمات أغنية مهريبان
ربطت شعرها الأشقر بقلبي المجنون
ولا يمكن فكه يا مهريبان
لا تظني أنّ الموت أصعب من الفراق
لو لم تريه لن تستطيعي تخيله يا مهريبان
يقع القلم من يدي عندما أكتب اسمها
عيناي لا ترى، وعقلي يصبح مشوشاً
وفي المصباح يرتجف اللهب ويبرد
العشق لا يُكتب على الورق يا مهريبان
لا يوجد لدى الأطباء علاج لجرحي
عندما يقال العشق لا تبحث وراءه
كل شيء له نهاية ولكن..
لا يمكن رسم حدود لنهاية العشق يا مهريبان..
قد يهمك أيضاً: الانتقام لعائلتك أم العيش لأجل زوجتك؟ وماذا لو اخترت كليهما؟ المسلسل التركي Çukur يجيبك