بأسلوبه الخاص، متأثراً بروح عبد الحليم حافظ، تمكن الفنان اللبناني سعد رمضان من كسب قاعدة جماهيرية محترمة تتابع جديده الفني، واختياراته الغنائية التي كان آخرها "قصة حب"، وقبلها أغنيته "أنت وأنا" و"شو محسودين"، التي حققت نجاحاً واسعاً وتخطت مشاهداتها في الوطن العربي 25 مليون مشاهدة. الفنان اللبناني، الذي يحافظ على صلة وصله بالجمهور عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، ويغني له بألوان مختلفة عبر هذه النوافذ، كان له هذا الحوار مع "عربي بوست"، الذي دعا عبره العالم والشعب اللبناني خاصة إلى الالتزام بحب الوطن أكثر من محبة الحزب الخاص.
مضى على تواجدك في الساحة الفنية أكثر من عقد من الزمان، على أنت راضٍ على ما حققته؟ وما الذي يغري سعد رمضان بتجريبه فنياً ولم يجربه بعد؟
لا شك أن الإنسان بطبعه طمّاع، ولا شك أن الإنسان الطموح تحديداً يقول إنه يريد أكثر. وشخصياً أقول إنه ثمة أشياء كثيرة ما أزال أرغب في القيام بها وتقديمها إن أطال الله العمر. وهذا لا يمنع أني، ولله الحمد، أن أقر بأني راضٍ بشكلٍ كبير على ما قدمت.
فنياً، ثمة أشياء كثيرة أرغب في القيام بها، ومنها التمثيل، الذي أرغب في خوض غمار تجربته جداً. الفكرة قائمة، والمهم فيها بالنسبة لي أن يكون ما ستحمله قيمة مضافة لي.
أكثر فناني الغناء اليوم يفضلون طرح أغانيهم بصيغة منفردة بدل الألبوم، هل بات صعباً لهذه الدرجة طرح ألبوم كامل في السوق دفعة واحدة؟ كيف تقرأ لنا المشهد من داخله؟
أعتقد أن الأغاني المنفردة اليوم هي ما يختاره جل الفنانين في الوطن العربي اليوم، وفي العالم أجمع كذلك. ويعزى الأمر لأسباب كثيرة، السياق التاريخي مختلف عن زمن الفن سابقاً، وأيضاً السياق الحالي المرتبط بجائحة "كورونا"، الذي أدى إلى انقطاع عدد من الفنانين عن العمل وأوقف وقلص الحفلات.
وشخصياً أعتبر أن الأغاني المنفردة تصل بشكل أسرع، وأكبر للجمهور، مقارنة بالألبوم. ذلك أن الألبوم يتضمن أكثر من اختيار. الألبوم هو أرشيف لأي فنان، ولا شك أن ألبوم يحوي اختيارات أكبر، وتنويع في الأذواق للجمهور وما شابه ذلك، لكن بالنسبة لي تبقى الأغنية المنفردة أنسب حالياً، وعن تجربة أقول ذلك، فأغنيتي "شو محسودين" المنفردة لاقت أصداء واسعة ونجحت أكثر من الألبوم الكامل الذي أصدرته.
يعرف جمهورك أنك من محبي عبد الحليم حافظ وأم كلثوم، وقد غنيت لهما على المسارح. ألم تفكر يوماً في أن تبصم مسيرتك بأغنية كلاسيكية وتؤدي القصيدة بلون طربي؟ وما أقرب قصيدة شعر لقلبك؟
بالفعل، ذلك أني تربيت أساساً على المدارس الفنية العربية، وتحديداً المصرية، وتحديداً أكثر عبد الحليم حافظ وأم كلثوم. وأم كلثوم شغفت بها، أولاً، متأثراً بأمي التي كانت تؤدي كل أغانيها بحب. وحين كبرت قليلاً تعلقت بعبد الحليم حافظ، هذه المدرسة التي تقدم أغانيها بإحساس عالٍ.
ولا شك أني أحب إعادة غناء روائع عبد الحليم حافظ، لكن ليس بتوزيع جديد، لأن قيمة هذه الأغاني في تركيبتها ككل والناس أحبتها بالصيغة التي قدمها بها عبد الحليم حافظ. ولذلك قدمت حفلات غنيت فيها لعبد الحليم مع الأوركسترا، سواء في مصر أو بلدان أخرى.
أما عن القصيدة فأنا أحبها بالتأكيد، ومن خططي القادمة غناء القصيدة، وهنا أعترف بأني أحب جداً قصائد نزار قباني.
إلى أي حد أثرت المرحلة الحالية، والظروف التي يعرفها العالم بفعل الجائحة، وغياب أو ندرة المهرجانات والحفلات الحية في علاقتك بالجمهور؟ هل قربتك منه أكثر بوسائط أخرى أم العكس؟ وكيف تسعى لتوسيع قاعدتك الجماهيرية؟
لا شك أن المرحلة التي عبرناها وما نزال أثرت كثيراً فينا، ليس فقط في لبنان والعالم العربي، إنما أثرت على الكرة الأرضية كاملة.
أما عن تأثيرها على علاقتنا بالجمهور، فالمؤكد أن التواصل المباشر معه لا يعوضه شيء، وله نكهة خاصة. لكن وجود وسائل التواصل الاجتماعي تتيح لنا اليوم أن نظل متصلين ومتواصلين إلى حد ما مع الجمهور. ونرجو الله أن تعود الأيام إلى سابق عهدها. وشخصياً لديّ إيمان قوي بأن ذلك سيحصل وسنقدم حفلات أقوى وأكثر بإذن الله.
"قصة حب" من آخر إبداعاتك الغنائية المصورة، هل تلتقي هذه القصة مع خط حياة سعد رمضان الإنسان؟
"قصة حب" هي آخر أغنية قدمتها، وإذا ركز المنصت فيها بشكل جيد سيصله أنها أغنية حقيقية مئة بالمئة. ويمكننا إسقاطها على حياتنا إجمالاً، اجتماعياً وعاطفياً.. ذلك أن كلمات الأغنية تقول: "كل شيء بنوصل لو بنملو بعد دقيقة". وهذا القول واقع وحقيقة وصلت لها بشكل شخصي كما وصل أو يصل لها آخرون. فكل إنسان بطبيعته طموح وطماع إلى حد ما. وأقصد الطمع بشكل إيجابي هنا. وبالفعل فكل شيء نصله نبحث عن ما بعده. وهذا قيل في الأغنية التي كتبها الشاعر علي المولى. وحتى في قصص الحب، فأشهرها لم تكتمل (روميو وجولييت، قيس وليلى…).
وأخلص للقول إن الأغنية، كما ذكرت، حقيقية ومتطابقة مع الواقع، وتشبهني.
سمعناك وأنت تعيد أداء أغاني أجنبية، وبينها "لم اتغير" التي قدمت كوفر لها أخيراً. هل سنسمع سعد رمضان في توقيعات أجنبية خاصة؟ ومع من الفنانين الأجانب تتمنى ان تتعامل؟
أكيد لا، فهذا لون ليس تخصصي. الأمر يتعلق بدندنة..أحب ترديد بعض الأغاني وأنا بالبيت. والأغنية الفرنسية، التي ذكرت، أحببتها وحفظتها مذ كنت صغيراً، لذلك أحببت تقديمها في هذه الفترة من بيتي لجمهوري.
لكن بالمقابل يمكنني تقديم ديو مع فنان أجنبي، شرط أن أغني أنا ب"العربي" مع خوليو إيغلاسياس الذي أحبه جداً.
ما مدى تأثير الأوضاع السياسية غير المستقرة في لبنان على الإنتاج الفني عموما، وعلى مسار سعد رمضان خصوصا؟ وما النداء الذي تريد أن توجهه للعالم من قلب لبنان؟
تأثرنا كثيراً بالأحداث التي جرت وتجري، والأمر هنا لا يتعلق بـ"كورونا" وحسب، فـ"كورونا" أسهل المشاكل إذا ما قارناها بالمشاكل الكبرى التي يعيشها لبنان، التي أثرت سلباً على عملنا. وحسب ما يقال إنه تلزمنا من 3 إلى 4 سنوات لنعود إلى حياتنا كما قبل، لكني أقول لا وعلي أن أكون متفائلا وأرجو أن تتحسن الحياة قبلاً.
ومن قلب لبنان أقول للعالم، وللشعب اللبناني تحديدا: أحبوا وطنكم قبل أن تحبوا أحزابكم. لأن الأحزاب تذهب وتعود، وعلى امتداد التاريخ أحزاب كثيرة انتهت، وأخرى خلقت وكبرت ولا يتبقى في النهاية إلا الوطن، فلنحب هذا الوطن ولنفكر في هذا الوطن أكثر من ما نفكر في أحزابنا !