يبدو أن نجاح مسلسل "ستات بيت المعادي" حمّس منصة "شاهد" للاستثمار أكثر في تعريب المسلسلات الأجنبية. فبعد نجاحه، وهو النسخة العربية من المسلسل الأمريكي Why Women Kill، بدأت المنصة بعرض مسلسلين معرّبين: "مجنونة بيك" و"ستيليتو".
"مجنونة بيك" هو تعريب للمسلسل الأمريكي الغنائي الاستعراضي الناجح Crazy Ex-girlfriend، الذي عُرض الجزء الأول منه عام 2015 عبر قناة CW، فيما عُرض جزؤه الرابع والأخير عام 2019.
أما النسخة العربية، فقد بدأ عرض الجزء الأول منها عبر "شاهد" مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول 2022 الجاري، وقد عُرض منه حتى الآن 8 حلقاتٍ من أصل 15 حلقة. وهو من بطولة مريم الخشت، بالشراكة مع أمير المصري، وآدم الشرقاوي.
تدور أحداث "مجنونة بيك" في إطارٍ كوميدي، وقد رُوّج له على أنه أول دراما عربية غنائية استعراضية.. ولكن هل هو فعلاً كذلك؟
بدوره، فإن "ستيليتو" هو تعريب للمسلسل التركي "جرائم صغيرة"، الذي كان عُرض للمرة الأولى عام 2017، وقد بدأ عرض النسخة العربية في سبتمبر/أيلول 2022 الماضي.
المسلسل مكوّن من 90 حلقة، وقد عُرض منه حتى الآن 37 حلقة؛ وتدور قصته حول حفلٍ ضخم أُقيم داخل أحد المنازل في مجمّع سكني فخم، تقع خلاله جريمة قتل، لتبدأ رحلة حلّ لغزها ومعرفة هوية الجثة والبحث عن قاتلها.
كل ذلك في إطار مجموعة من علاقات الكراهية والحب والخيانة بين مجموعة أصدقاء، حيث تبدأ الأحداث مع عودة الطبيبة النسائية ألما السيد (كاريس بشار) إلى المكان الذي نشأت فيه بعد غيابها لسنوات طويلة، بسبب حادثة تسببت في طردها من المدرسة.
تلتقي السيد بصديقاتها الثلاث اللواتي تسببن بطردها من المدرسة، بعد تدبيرهن فضيحة لها مع أستاذها، لتبدأ مرحلة جديدة من حياتها، يكون شعارها الأساسي "الانتقام".
"مجنونة بيك" ليس أول عمل استعراضي عربي
قد يكون "مجنونة بيك" أول دراما غنائية استعراضية عربية أُنتجت منذ وقتٍ طويل، لكنه بالتأكيد ليس الأول من نوعه، إلا إن كنا سنغضّ النظر عن المسلسل المصري الشهير "هو وهي"، من تأليف صلاح جاهين وبطولة سعاد حسني وأحمد زكي، وغيره الكثير من أعمال تلك الحقبة الزمنية الذهبية.
لكن منذ بداية عرضه، تلقى المسلسل إشاداتٍ واسعة من الجمهور الذي وصفه بالمُسَلّي والخفيف الذي يخلق حالةً من المزاج الجيد. لكن "مجنونة بيك" و"ستيليتو" يضعانا أمام سؤالين أساسيين:
- إلى أي مدى يُفيد تعريب المسلسلات الأجنبية الدراما العربية؟
- وهل يمكن أن تعود الدراما الغنائية الاستعراضية إلى الساحة؟
لا شكّ أن تحويل المسلسلات الناجحة إلى نسخٍ عالمية بلغاتٍ مختلفة، هو أمر شائع وليس جديداً في عالمنا العربي، ما دام صناع العمل حرصوا على عدم تغيير الأحداث، ووافقوا على تشابه الحوار بشكلٍ كبير. وهذا ما شهدناه في "ستيليتو" و"ستات بيت المعادي".
فهذا شرطٌ أساسي لتحويل أي عملٍ، مسلسل أو فيلم أو برنامج، إلى نسخةٍ ثانية. ومسلسل "مجنونة بيك" قدّم بالفعل القصة نفسها، وفي مشاهد كثيرة حوار Crazy Ex-Girlfriend نفسه، ولكن بصيغة مصرية، كما حوّل الرقصات -التي صمّمها هادي عواضة- والأغنيات إلى الأسلوب المصري.
كذلك الأمر بالنسبة إلى "ستيليتو"، الذي قدّم القصة نفسها مع الأحداث والشخصيات ذاتها -حتى الأغنية الرئيسية كانت على لحن المسلسل التركي- ولكن بصيغة سورية-لبنانية، تتناسب مع هوية مجتمعنا العربي بشكلٍ أو بآخر.
"ستيليتو" و"مجنونة بيك" مقابل الأعمال الأصلية
يُمكن القول إن تعريب المسلسلات العالمية حتى الآن ما زال محدوداً بطريقةٍ أو بأخرى، لكن يبدو أن منصة "شاهد" يُمكن أن تتجه نحوه بشكلٍ أكبر في المرحلة المقبلة، لاسيما بعد نجاح مسلسلات "ستات بيت المعادي"، و"مجنونة بيك"، و"ستيليتو". فمعجبو هذه المسلسلات شكلوا رقماً مضموناً لزيادة عدد المشاهدات.
لكن، هل يمكن أن تؤثر ظاهرة تعريب المسلسلات على إنتاج الأعمال الأصلية، في المستقبل القريب؟
حتى الآن، وفي مقابل مسلسل "ستيليتو"، "ستات بيت المعادي"، و"مجنونة بيك"؛ ما زالت "شاهد" تنتج وتعرض أعداداً ثابتة من الأعمال الأصلية.
فقد شاهدنا مؤخراً مسلسل "الليلة واللي فيها"، الذي لقيَ تفاعلاً لدى الجمهور، كذلك الأمر مع "منعطف خطر" من بطولة باسل خياط؛ وقبلها بشهرين كان مسلسل "وش وغطا"، ويُعرض حالياً "وعد إبليس".
هل يُعيدنا "مجنونة بيك" إلى الأعمال الغنائية؟
وبعيداً من "ستيليتو"؛ لطالما كان الغناء في المسلسلات أو الأفلام أمراً شائعاً في الماضي، سواء مع رقصات استعراضية أو لا، وحتى المسلسلات الدرامية الجادة كانت تتضمن الكثير من الحوارات الغنائية، لعلّ أبرزها مسلسل أسامة أنور عكاشة "أنا وأنت وبابا في المشمش".
ولا يُمكن أن ننسى "هو وهي"، الذي طُبع في ذاكرتنا الجماعية العربية، وما زال يشاهده الجمهور العربي حتى الآن، من دون أن يملّ منه أو من أغنياته. كذلك الأمر بالنسبة إلى المسلسل الاستعراضي الغنائي الشهير "مبروك جالك ولد"، من بطولة نيللي ومحمود عبد العزيز.
وفي السياق نفسه، كثيرةٌ هي المسلسلات غير الغنائية التي قدمت أغنيات مشهورة، مثل: مسلسل "أوراق الورد" بطولة وردة، ومسلسل "غداً تتفتح الزهور" بطولة محمود ياسين وسميرة أحمد بأغنيته الشهيرة "حلوة يا زوبا".
ولا يُمكن نسيان أغنية الطفولة الشهيرة "توت توت" من مسلسل "لا يا ابنتي العزيزة"، بطولة عبد المنعم مدبولي وهدى سلطان، أو حتى السهرة التلفزيونية الأشهر "اثنين على الهوا" من بطولة نيللي وكرم مطاوع، والتي قدّمت أكثر من أغنية واستعراض، أشهرها: "يا عصفورة العصافير"، وأغنية "ودا مين".
وطبعاً، من دون أن نذكر فوازير نيللي وشريهان وفطوطة، تلك الأعمال التي نشأنا عليها. كلها أعمال استقبلها الجمهور المصري والعربي بترحاب كبير، ويبدو أنه افتقدها. وهذا ما تُشير إليه حماسة الجمهور الذي تفاعل مع "مجنونة بيك" منذ عرض حلقته الأولى، وبمجرد الإعلان عنه في شهر يوليو/تموز 2022 الماضي.
ورغم أن "مجنونة بيك" هو نسخة معرّبة، أي إنه لا توجد مساحة كبيرة للابتكار، فإنه حوّل الرقصات والأغنيات الأساسية إلى شكلٍ مصري معاصر، ولو أن الأغنيات -حتى الحلقة الثامنة- تفتقر إلى الكلمات التي ستجعلها ثابتة مع الجمهور، وربما لأنه لم يُعهد بتأليف كلمات الأغاني إلى شعراء متخصّصين كما كان يحدث في الماضي.
"مجنونة بيك" يروي حكاية الفتاة رندة، التي انتقلت ونقلت حياتها من القاهرة إلى الإسكندرية، لملاحقة حبيبها السابق الذي ظهر في حياتها مرة أخرى بالصدفة، في وقتٍ كانت تبحث فيه عن التغيير، فاعتبرتها إشارة للاحتفاظ به.
بطلة المسلسل مريم الخشت تعرّضت لإصابةٍ أدّت إلى كسر ساقها، بعد 12 يوماً فقط من التصوير، مما تسبب في تأجيل التصوير، وبالتالي عرض المسلسل؛ كما تسبب ذلك في الحدّ من مشاركاتها في الرقصات الاستعراضية، لأنها لم تتماثل للشفاء بشكلٍ كامل حتى الآن.
ومقارنةً بالأعداد التي تنتجها المنصات الأجنبية من الأفلام والمسلسلات الاستعراضية، فالعالم العربي لا يزال خارج المنافسة. لكن قد يكون "مجنونة بيك" بمثابة شارة البدء إلى التوجه نحو إنتاج أعمالٍ أصلية استعراضية غنائية في المستقبل القريب.
فقد حصد المسلسل المركز الثاني في قائمة أعلى المشاهدات بمصر حتى الآن، وذلك في الأسبوع الثاني من عرضه. لكن بالنسبة لمنصة "شاهد"، فالمقياس الحقيقي لنجاح أي عمل هو بقاؤه في قائمة أعلى 10 مسلسلات، حتى بعد الانتهاء من عرضه.
وهذا ما حصل مع مسلسل "ستات بيت المعادي"، الذي بقيَ في القائمة لأكثر من 5 أسابيع متتالية، بعد الانتهاء من عرض جزئه الأخير.. فهل ينضمّ "ستيليتو" إلى تلك القائمة؟