يروي فيلم First Man أو "الرجل الأول"، حياة رائد الفضاء الأمريكي نيل آرمسترونج منذ العام 1961، وحتى هبوط مركبة "أبولو 11" على سطح القمر في 20 يوليو/تموز من العام 1969.
وفي ذلك اليوم، أصبح آرمسترونج أول إنسانٍ يضع قدمه على سطح القمر، قبل أن ينضم إليه مواطنه باز ألدرين بعد حوالي 20 دقيقة.
هل كان فيلم First Man دقيقاً في نقل شخصية نيل آرمسترونج؟
تكشف قصة First Man الحقيقية أنه على عكس العديد من رواد الفضاء، لم يكن نيل آرمسترونج من النوع الذي يميل إلى الظهور أو يحب الشهرة.
إذ كان رجلاً قليل الكلام كُلِّف بإنجاز شيء لم يفعله أي إنسان آخر، وكان غامضاً إلى حدٍ كبيرٍ حتى وفاته.
من أين جاء فيلم First Man بمعلوماته عن نيل آرمسترونج؟
يستند الفيلم إلى كتاب صحيفة New York Times الأمريكية الأكثر مبيعاً First Man: The Life of Neil A. Armstrong، للمؤلف جيمس هانسن.
ونُشر الكتاب لأول مرة في العام 2005، وهو الكتاب الرسمي الوحيد عن حياة آرمسترونج.
ويتناول الكتاب مشاركة الرجل في برنامج الفضاء، وينتهي بمهمة "أبولو 11" التي تعد أهم إنجاز في حياته.
كما يحاول جيمس هانسن استكشاف الحياة الشخصية لرائد الفضاء الأمريكي، وقد دعم آرمسترونج هانسن دعماً كاملاً وشجع الآخرين على تقديم أي معلومات ضرورية طلبها المؤلف.
وقد بيعت حقوق الفيلم للكتاب في العام 2003، قبل نشره، لكن الفيلم نيل آرمسترونج استغرق سنوات للظهور.
وفي البداية، كان من المقرر أن يشارك كلينت إيستوود في إخراجه.
فيما يلي، نستعرض عدداً من المشاهد الهامة في الفيلم، ونبيّن مدى دقتها في نقل حقيقة ما عايشه رائد الفضاء الأمريكي:
هل قاد آرمسترونج الطائرة الصاروخية X-15 في طبقة ستراتوسفير؟
نعم، بل واجه آرمسترونج صعوبةً في العودة إلى الأرض، حيث بدأت الطائرة في الارتداد عن الغلاف الجوي بدلاً من الدخول فيه. كان الطيّار على ارتفاع أكثر من 32 كيلومتر فوق سطح الأرض.
الجزء الوحيد غير الواقعي في المشهد هو أننا كنا قادرين على رؤية السحب البيضاء من نافذة الطائرة.
من منظورٍ علمي، كان من المفترض أن تكون السحب أبعد من ذلك بكثير لأن ارتفاعه مسافة 36 كيلومتر عن سطح الأرض يعني أنه كان على ارتفاع يبلغ ضعف ارتفاع أعلى السحب – بحسب مجلة TIME -.
هل فقد رائد الفضاء ابنته جراء إصابتها بسرطان المخ بالفعل؟
هذه المعلومة صحيحة؛ ففي 28 يناير/كانون الثاني 1962، توفيت كارين البالغة من العمر عامين إثر إصابتها بالتهاب رئوي فيما كانت تعاني من ورم خبيث في الدماغ.
وعن ذلك، قال آرمسترونج، "قلت إن أفضل شيء أفعله في هذه الحالة هو مواصلة عملي، والتصرف بشكل عادي قدر الإمكان، وبذل قصارى جهدي لمنع ذلك من التأثير سلباً على قدرتي على القيام بأشياء مفيدة".
وقد أصبح رائد فضاء في العام نفسه.
هل كاد أن يلقي مصرعه أثناء تدريبه على الهبوط على القمر؟
بنت "ناسا NASA" مركبتي أبحاث لدراسة الهبوط على سطح القمر، وكانت كل منهما تعمل بمحرك نفاث واحد يعمل لمحاكاة جاذبية القمر التي تبلغ سدس جاذبية الأرض.
وفي 6 مايو/أيار 1968، كان آرمسترونج يقود إحدى المركبتين على ارتفاع 30 متر تقريباً فوق سطح الأرض. وقد أدى النفاد المفاجيء للهيليوم الذي يُستخدم في الضغط على خزانات الوقود إلى فقدان القدرة بالكامل على التحكم في المركبة وبدأت مركبة الأبحاث في السقوط. لكنه انتزع المظلة وقفز بأمان إلى الأرض.
وخلُص تحليل إلى أنه إذا كان قد تأخر في انتزاع مظلته نصف ثانية فقط فإنه لم يكن ليهبط بها في الوقت المناسب، وبالتالي كان من الممكن أن يموت.
هل صارح أطفاله حول إمكانية عدم عودته من المهمة الفضائية؟
قال ابنا أرمسترونغ، ريك ومارك، لموقع USA Today الأمريكي، إن والدهما تحدث معهما بالفعل قبل السفر إلى الفضاء والهبوط على القمر.
وقال ريك، "أخبرنا المخرج عن هذا المشهد". إذ تعاون هو وأخوه مع المخرج داميان تشازل لمدة عامين ونصف.
هل كان الوقود على وشك النفاد من المركبة لدى الاقتراب من القمر؟
عندما هبطت مركبة "أبولو 11" على سطح القمر، اعتقد أرمسترونج وزميله باز ألدرين أن الوقود كان على وشك النفاد لأن أجهزة الكمبيوتر كانت تخبر المشرفين على المهمة بذلك، ما يعني أنه كانت أمامهما أقل من دقيقة واحدة لاتخاذ قرارٍ بالهبوط أو إحباط المهمة.
وكانت مشاهد القلق حقيقية؛ لكن الرجلين علما في وقت لاحق أن الوقود في المركبة لم يكن على وشك النفاد.
وأخبر تشارلي ديوك مراقب الرحلة أرمسترونج عبر جهاز الاتصال اللاسلكي بعد الهبوط الناجح، "كنا على وشك الموت كمداً. لكننا نتنفس مرة أخرى. شكراً جزيلاً".
هل يعود أثر القدم على سطح القمر في الصورة الشهيرة لآرمسترونج؟
الصورة الشهيرة لأثر القدم على القمر، والتي غالباً ما تصاحب مقولة أرمسترونغ الشهيرة، "إنها خطوة صغيرة لإنسان، لكنها قفزة كبيرة للبشرية".
في الواقع، يعود أثر القدم لرائد الفضاء الأمريكي باز ألدرين، وليس لزميله آرمسترونغ.
لذلك، فهو ليس أثر القدم لأول خطوة على سطح القمر، والتي نراها في فيلم First Man.
وقد طبع ألدرين بحذائه على سطح القمر كجزء من تجربة لاختبار خصائص صخور القمر السطحية – أي الصخور والرمال المبعثرة على السطح الصخري للقمر -.
لماذا لا توجد صور واضحة لنيل أرمسترونغ وهو على القمر؟
عند البحث في قصة أول إنسان صعد على القمر، تجد أنه لا توجد صور واضحة لنيل آرمسترونج وهو على القمر.
أفضل صوره التقطها له رائد الفضاء باز ألدرين، ويظهر آرمسترونج فيها وهو يحضر المعدات من المخزن في المركبة القمرية.
ويرجع سبب قلة الصور على سطح القمر إلى أنه هو من كان يحمل الكاميرا معظم الوقت، وألقى بعض الناس باللوم على ألدرين في عدم وجود عدد كاف من الصور لآرمسترونج، مبررين ذلك بأنه كان يريد جذب الانتباه لنفسه، على اعتبار أن آرمسترونج هو أول من خطا على سطح القمر.
وقد تحدث ألدرين في وقت لاحق عن هذه الانتقادات قائلاً إنه انتابه شعر بالسوء إزاء وجود عدد قليل للغاية من صور آرمسترونج، لكن كان هناك الكثير من الأحداث في ذلك من الوقت ألهته عن إدراك ذلك.
إن اللقطة الشهيرة لرائد الفضاء على القمر هي لباز ألدرين واقفاً أمام الكاميرا. وإذا دققتم النظر في تلك الصورة، فيمكنكم رؤية آرمسترونج وهو يلتقط الصورة في انعكاس الجزء الأمامي من خوذته.
هل ترك سوار ابنته المتوفية كارين على القمر حقاً؟
لا يوجد تسجيل تاريخي يثبت أن آرمسترونج ترك سوار ابنته على القمر، رغم أنه يظهر في فيلم First Man وهو يضعه بجوار فوهة ليتل ويست.
يسافر رواد الفضاء وبحوزتهم مجموعة أدوات شخصية، وهي تضم أي مواد شخصية أو تحمل أهمية عاطفية ويريدون إحضارها معهم.
وعن ذلك، قال آرمسترونج إنه فقد قائمة أدواته، لذلك لا يمكننا التأكد من طبيعة محتوياتها.
لكن من المعروف أنه اصطحب بقايا قطعة قماش، ومروحة من طائرة الأخوين رايت التي حلقوا بها في أول رحلة طيران تعمل بالطاقة في العام 1903.
ولأنه يُعتَقد أن وفاة كارين غيّررت مسار حياته ، فليس من الصعب تخيل أنه جلب معه إلى القمر شيئاً يذكّره بها.
لكن في الحقيقة، لا نعرف على وجه اليقين إذا كان قد فعل، وإذا كان قد فعل، فلا نعرف ما الذي أخذه.
كم من الوقت استغرقت جولة "أبولو 11" في القمر؟
استغرقت جولة "أبولو 11" على القمر ساعتين و 45 دقيقة، مع أنها تظهر أقصر بكثير في فيلم First Man.
وسُمح لرواد الفضاء في مهام "ناسا" الخمس اللاحقة التي أرسلت بشراً إلى القمر بقضاء فترات زمنية أطول في كل مرة لاستكشاف سطح القمر، إذ قضى رواد فضاء مهمة "أبولو 17" 22 ساعة في أنشطة إضافية.
وكان السبب وراء أن أرمسترونغ وألدرين لم يتمكنا من قضاء وقت أطول خارج المركبة القمرية هو الشكوك حول مدى قدرة سترات الفضاء على تحمل درجات الحرارة المرتفعة للغاية على سطح القمر.
هل ظل نيل أرمسترونغ وزوجته جانيت معاً؟
بعد 38 عاماً من الزواج، طلقت جانيت زوجها نيل آرمسترونج يوم 12 أبريل/نيسان 1994 بعد انفصالٍ طويل.
ودخل في علاقة مع كارول هيلد نايت، وهي أرملة كان قد التقاها في إحدى بطولات الغولف في العام 1992.
تزوج آرمسترونج من نايت، التي كانت تصغره بـ 15 عاماً بعد شهرين فقط من طلاقه النهائي من جانيت.