أخيراً ظهر فيلم رعب مصري، اهتمام كبير ناله فيلم 122 الذي تعلق عليه آمال بأن ينجح في تخطي أزمة أفلام الرعب المزمنة التي عانت منها السينما المصرية لعقود بشكل لا يليق بتاريخها الطويل.
إذ أخفقت أفلام الرعب المصرية في الأغلب في اجتذاب الجمهور، لكن النقاد يرون أن فيلم 122 قد يكون مصيره مختلفاً.
فالفيلم المأخوذ اسمه من رقم شرطة الطوارئ في مصر يحاول تغيير تيمة الرعب التقليدية التي ميزت السينما المصرية والتي تعتمد على حكايات الجن والعفاريت التقليدية.
وكان من المقرر عرض الفيلم في موسم عيد الأضحى الماضي 2018 قبل إعلان المنتج تأجيل عرض الفيلم ليدخل سباق أفلام إجازة نصف العام خلال شهر يناير/كانون الثاني 2019.
Soon #فيلم_122 @AminaKhalil ❤️ pic.twitter.com/U0zTQrtAKp
— مستر(H) (@hesham22_h) November 26, 2018
لماذا حظى فيلم 122 بكل هذا الاهتمام؟ نعم لديه شيء مختلف
الفيلم من بطولة أحمد داوود، وطارق لطفي، وأمينة خليل، ومحمود حجازي.
كما يظهر به عدد من الفنانين كضيوف شرف خلال الأحداث وهم أحمد الفيشاوى، محمد ممدوح، محمد لطفي، جيهان خليل، محمود حجازي، أسماء جلال.
والفيلم من إنتاج المنتج العراقي سيف عريبي، ومن تأليف صلاح الجهيني، وإخراج الإماراتي ياسر الياسري.
الاهتمام الذي حظي به الفيلم ليس لكونه فقط أحد أفلام الرعب المصرية القليلة بعد غياب طويل لهذا اللون عن السينما المصرية.
بل أيضاً لأنه أول فيلم مصري يعرض في دور العرض الأميركية تحت تصنيف "الرعب".
كما أنه الفيلم الأول في الشرق الأوسط الذي يستخدم تقنية DX4 التي تجعلك ترى وتشعر بجميع أحداث الفيلم بواسطة نظارات الـd3 وحركة المقاعد بحيث يشعر المشاهدون أنهم موجودون داخل أحداث الفيلم المرعبة.
ويدور الفيلم حول قصة 3 أبطال رئيسيين يواجهون أحداثاً مرعبة وهم طارق لطفي، وأمينة خليل، وأحمد داوود.
إذ تتمحور الأحداث حول قصة حب بين شاب من الطبقة الشعبية وفتاة من الصم والبكم.
وبسبب ضيق الرزق يلجآن لعدد من العمليات المشبوهة، ولكنهما يصابان بحادث ويتم نقلهما إلى المستشفى، ليبدآ في مواجهة أسوأ كابوس في حياتهما، إذ يحاولان الخروج من المستشفى دون جدوى.
ويراهن عدد من النقاد على أن يغير فيلم "122" الصورة النمطية لأفلام الرعب المصرية التي تنحصر في "العفاريت"، كما تعلق عليه طموحات أيضاً بأن ينعش صناعة أفلام الرعب في مصر.
رصيد شحيح من أفلام الرعب.. وحتى الزعيم لجأ إلى هذه التيمة المكررة
على الرغم من تاريخها الطويل، لم تحظَ السينما المصرية برصيد وافر من الأفلام التي صنفت ضمن فئة "الرعب".
وحتى هذه القلة القليلة من الأفلام انحصرت غالبيتها العظمى في قصص الشياطين والأرواح الشريرة بداية من "سفير جهنم" الذي تم إنتاجه سنة 1945 ليوسف وهبي الذي تقمص دور الشيطان الذي يغوي رجلاً فقيراً معدماً طاعناً في السن، وأسرته ليثبت سيطرته على البشر.
فأفلام الرعب المصرية القليلة سجنت نفسها في تيمة أساسية تكاد تكون واحدة هي دراما الأشباح والكائنات الخارقة، حسبما يقول لـ "عربي بوست" الدكتور نادر الرفاعي أستاذ النقد السينمائي بأكاديمية الفنون.
"التعويذة" كان من أفلام الرعب الشحيحة خلال فترة الثمانينات من بطولة محمود ياسين ويسرا، ودار حول أسرة تتعرض لظواهر وأمور غريبة ومريبة منها حرق أثاث المنزل.
ويظل فيلم الرعب الأشهر في عقد الثمانينات هو "الإنس والجن" لعادل إمام الشهير بلقب الزعيم، ويسرا، الذي جسد فيه عادل إمام دور جني يقع في عشق يسرا ثم يتجسد لها مبدياً رغبته في الزواج منها رغم أنها مخطوبة لشخص آخر تحبه (عزت العلايلي).
وبعد توالي الأحداث يتم حرق الجني في النهاية على يد عزت العلايلي بعد أن تلا في مواجهته آيات قرآنية.
قصة فشل مرعبة حقاً.. إنها دوماً تتذيل قائمة الإيرادات
لم تكن مشاكل أفلام الرعب في قلتها وتكرار موضوعاتها فحسب.
ولكن مع الانفتاح والإقبال على الأفلام الغربية أصبحت أفلام الرعب المصرية غير قادرة على منافسة نظيرتها الأجنبية التي تعتمد على تقنيات أعلى، ما جعل الجمهور المصري لا يحاول متابعة المحاولات المصرية القليلة أصلاً لإنتاج أفلام رعب.
وهذا المأزق ظهر واضحاً عند محاولة استنساخ سلسلة أفلام الرعب الأميركية الناجحة " الصرخة –Scream" في فيلم كامب المصري في 2008.
إذ فشل الفيلم المصري فشلاً ذريعاً ورُفع من السينمات بعدما أخفق في تخطي إيرادات الـ400 ألف جنيه.
وربما ما رسخ الانطباع بانهيار أفلام الرعب المصرية تذيل فيلم "وردة" لقائمة الإيرادات في موسم أفلام 2014 وهو الموسم الذي شهد تخطي إيرادات بعض الأفلام لحاجز الثلاثين مليون جنيه للمرة الأولى حينها، بينما لم يحقق فيلم وردة سوى 865 ألف جنيه.
وتدور أحداث الفيلم حول فتاة تتعرض لمس شيطاني يقلب حياتها رأساً على عقب وتتمحور أحداث الفيلم حول استخراج الجن.
وكان حظ فيلم "عزازيل" الذي أنتج في عام 2015 أسوأ بكثير فقد حقق الفيلم 80 ألف جنيه إيرادات فقط، ولم يخرج الفيلم كباقي أفلام الرعب المصرية عن عباءة عالم الجن والعفاريت حيث تمحور حول تعويذة سحرية تحضر ابن الشيطان عزازيل.
كان هناك استثناء ناجح، ولكنه ليس حتى رعباً خالصاً
ويظل الاستثناء فيلم "الفيل الأزرق" بطولة كريم عبد العزيز، وخالد الصاوي الذى عرض فى يوليو/تموز 2014، وحقق إيرادات فاقت الـ31 مليون جنيه.
ولكن الفيلم لم يصنف كفيلم رعب ولكن اعتبر أنه يغلب عليه الدراما والتشويق والغموض أكثر من الرعب إلى جانب أن الفيلم مأخوذ عن رواية أحمد مراد التي تحمل نفس الاسم والتي كانت من أعلى الروايات مبيعاً لعام 2013، كما وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية.
وأرجع الدكتور نادر الرفاعي أستاذ النقد السينمائي بأكاديمية الفنون نجاح فيلم الفيل الأزرق إلى عدة عناصر تمركزت حول الإخراج ونجاح الرواية في الأصل والاستعانة بنجومية الفنان الكبير كريم عبدالعزيز.
وقال إن ما ينقص أفلام الرعب المصرية صناعة العناصر البصرية والمؤثرات وكيفية استخدام الصورة التي تحقق معادلة النجاح لأفلام الرعب.
لماذا قد يختلف مصير فيلم 122 عن الأعمال الأخرى؟
"المعادلة في فيلم 122 تختلف عن الأفلام السابقة"، حسب الرفاعي.
إذ يقول إن عناصر المعادلة اللازمة لنجاح أفلام الرعب المشار إليها تتوافر بنسبة كبيرة في فيلم 122 الذي سيعرض قريباً، وهذا ما يميزه عن غيره، وفقاً للناقد المصري.
بجانب الإتقان على مستوى الصورة والمؤثرات الذي يميز فيلم "122"، من وجهة نظر الرفاعي.
كما يلفت أيضاً إلى وجود مؤلف العمل صلاح الجهيني الذي لديه رصيد من الأفلام الناجحة أبرزها ولاد رزق والخلية.
وقال أستاذ النقد السينمائي بأكاديمية الفنون: "السينما المصرية تحاول تحسين طريقة إنتاجها لأفلام الرعب والاقتداء بالسينما الأميركية".
وأضاف: "ولكن جزء من هذا النجاح يرجع إلى أن ميزانية فيلم واحد بهوليوود تساوي ميزانية أفلام السينما المصرية كلها".
وأردف قائلاً: "في الغرب لديهم سخاء في الإنتاج السينمائي بينما مصر تعاني مما وصفه بالتعاسة الإنتاجية".
كيف دفع الموروث الثقافي السينما للتركيز على حكايات الجن والعفاريت؟
واتفق الناقد الفني أندرو محسن مع الرفاعي في أن فيلم "الفيل الأزرق" يندرج تحت الدراما النفسية وليس الرعب؛ لأن التيمة الأساسية للرعب لم تظهر إلا في آخر 20 دقيقة من الفيلم.
أما عن فيلم 122، فقال أندرو لـ "عربي بوست" إن ما يميزه هو أن المؤلف هو صلاح الجهيني وهو العنصر الرابح في معظم الأفلام التي شارك بها، بجانب شركات التوزيع التي تعمل على عرض الفيلم في العديد من الأسواق المحلية والعالمية.
ويرجع أندرو محسن انحصار غالبية أفلام الرعب المصرية في حكايات الجن والشياطين إلى الموروث الثقافي لكل مجتمع.
إذ يقول إن المجتمع المصري يخشى الشياطين والجن والمس لذلك تصنع الأفلام مواكبة لما يهابه ويعتقده الجمهور، لذلك لم ينجح فيلم "كامب" الذي حاول تقليد سلسلة أميركية؛ لأنه ابتعد عن هذا الموروث الثقافي.
وتابع أندرو أن فيلم 122 محاولة جادة لإخراج أفلام الرعب من كبوتها وما يعزز ذلك أنه الأول من نوعه الذي يعرض بتقنية الـ4dx في مصر والشرق الأوسط.
واختتم: "يمكننا القول إن فيلم 122 بمثابة بارقة أمل لصناعة المزيد من أفلام الرعب المصرية، كما أنه يشهد عودة طارق لطفي لشاشة السينما مجدداً بعد غياب سنوات".