تعرضت مدينة غازي عنتاب، فجر الإثنين 6 فبراير/شباط 2023، لأحد أقوى الزلازل التي ضربت تركيا منذ 1999، إذ تسبب هذا الزلزال في وفاة أكثر من ألفي شخص في تركيا وأكثر من 4 آلاف شخص في سوريا، بلغت قوة الزلزال 7.8 درجة على مقياس ريختر.
تقع محافظة غازي عنتاب جنوب شرق هضبة الأناضول بمنفذ ضيق من ناحية الشمال، فيما تتصل بالشمال بولاية أورفا التي ينسب إليها مولد النبي إبراهيم -عليه السلام-، كما تجاور مدينة عنتاب من ناحية الغرب ولاية أضنة.
تبلغ مساحة المدينة أكثر من 7 آلاف كيلومتر مربع، كما يسودها مناخ البحر الأبيض المتوسط، مع حرارة عالية خلال فصل الصيف، وطقس بارد جاف في الشتاء.
غازي عنتاب تاريخ يمتد إلى ما قبل التاريخ
يرجع تاريخ نشأة مدينة غازي عنتاب إلى عهد الحيثيين، وهم مؤسسو إحدى الإمبراطوريات التي استوطنت بلاد الأناضول قبل أكثر من 3 آلاف وخمسمائة عام، فيما خضعت بعدها لحكم العديد من الإمبراطوريات في بلاد الأناضول مثل "الكلدانيين والبابليين والآشوريين والفرس والمقدونيين والإغريق والرومان والبيزنطيين والأرمن والساسانيين، بالإضافة إلى العرب".
حسب "britannica" توجد العديد من الروايات التي ترجع سبب تسميتها بغازي عنتاب، فالبعض يعيدها إلى اللغة الحيثية "خانتاب"، أي أرض الملوك، فيما تعني الكلمة باللغة الفارسية "الربيع المكتمل"، وبالأصل الآرامي للغة العربية فإن كلمة عين تعني الربيع وكلمة تاب تعني العبير، ما يمنح الكلمة المركبة معنى "عبير الربيع".
كما تقول بعض المصادر التاريخية إنها قد تكون مشتقة من كلمة "غين داب" الآرامية، والتي تعني "ربيع الذئاب"، فيما سماها الصليبيون هنتاب وهمتاب وهتاب.
عنتاب بين الإسلام والبيزنطيين
يعتقد أن مدينة غازي عنتاب هي المكان الذي أقيمت به مدينة هيلنيستك التي بناها قدامى الإغريق، دخل الإسلام إلى المدينة سنة 661 للميلاد على يد العرب الأمويين، لتقع بعد ذلك بأيدي العباسيين سنة 750 للميلاد، وبقيت تحت حكمهم إلى سقوط دولتهم.
توالت السلطة على المدينة بين الطولونيين الإخشيديين والحمدانيين إلى أن سقطت بيد الاحتلال البيزنطي سنة 962 للميلاد.
استعاد الأتراك السلاجقة المسلمون المدينة سنة 1067، لكن لم تستمر كثيراً حتى وقعت بيد الصليبين سنة 1098، ثم استرجعها السلاجقة بعدها بـ52 سنة، ليتعاقب عليها فيما بعد الأرمن وأسرة زنكي والأيوبيون والمماليك.
سنة 1516 بسط العثمانيون سيطرتهم على مدينة غازي عنتاب بعد معركة مرج دابق، وذلك في عهد السلطان العثماني سليم الأول، وبقيت المدينة تحت سيطرتهم إلى قيام الدولة التركية الحديث سنة 1924.
كانت مدينة غازي عنتاب تتبع في البداية لبلاد الشام، إذ لا تبعد عن مدينة حلب السورية سوى 97 كيلومتراً، لكن انضمت نهائياً إلى تركيا بعد معاهدة أنقرة التي وقعتها مع فرنسا سنة 1920، عرفت المدينة قديماً باسم عنتاب، لكن البرلمان التركي أضاف إليها كلمة "غازي"، وذلك بتاريخ 8 فبراير/شباط 1921.
المعالم السياحية لمدينة غازي عنتاب
بمدينة غازي عنتاب العديد من الأماكن السياحية التي تجعل منها مزاراً سياحياً مميزاً شرقي تركيا، كما أنها تشتهر بصناعة حلوى البقلاوة التركية.
ومن بين الأماكن السياحية بالمدينة:
كهف شرقلي
يقع في نهاية وادي قرية دولوك. كهف طبيعي يمتاز بشكل جميل يستحق الزيارة والتأمل. يبلغ عمقه 17 متراً وعرضه 84 متراً وارتفاعه 13 متراً، وباعتبار هذه المقاييس تُلاحظ ضخامة حجم كهف شرقلي.
حمام كيفان بي العثماني
يعكس حمام كيفان بي اهتمام العثمانيين بالنظافة الشخصية. لا يُعرف متى تم إنشاؤه بالضبط، ولكن يُعتقد أنه تم إنشاؤه في القرن الخامس عشر. يتكون حمام كيفان بي من قسم للحمام الساخن وآخر للحمام البارد، وكذلك يحتوي قسماً للتدليك.
كما يوجد بداخله مقهى للجلوس والتأمل في شكله المعماري الفريد. وعلى زائره ألا ينسى تناول الكنافة العنتابية بأنواعها والبقلاوة والفستق وغيرها من الأطعمة التي تشتهر بها غازي عنتاب.
قلعة غازي عنتاب
هي الرمز التعريفي لمدينة غازي عنتاب. لم يستطع المؤرخون التوصل إلى التاريخ الذي شُيدت فيه، وبالتالي لم يستطيعوا التوصل إلى هوية بُناتِها.
تتمتع القلعة بجدران حصينة مع عدة أبراج للمراقبة، وتفتح أبوابها أمام الزائرين مع تقديمها لهم واجب الضيافة من خلال عدد من المقاهي والمطاعم الموجودة بداخلها.
كنيسة فوكاني
أحد أهم الآثار المعمارية بمدينة غازي عنتاب. تقع في حي شيحلار الواقع في ناحية نيزيب. يُتوقع أنه تم إنشاؤها في القرن السادس. وتُستخدم اليوم كمزار سياحي، وأحياناً تقام بها الصلوات والطقوس الدينية المسيحية.
جامع حجي ناصر
اكتمل بناؤه في عام 1570، ويستمد اسمه من أحد سكان غازي عنتاب الذي سعى لإنشائه كصدقة جارية. يحظى الجامع بطراز معماري فريد مقارنة بالجوامع التاريخية الأخرى الموجودة في المدينة.
جامع كورتولوش
أكبر جامع في غازي عنتاب. على الرغم من تشييده ككنيسة عام 1892، تم تحويله إلى سجن عقب تأسيس الجمهورية التركية، وفي مطلع التسعينيات تم تحويله إلى جامع.