امتلأت الروايات الإغريقية بالعديد من القصص والأساطير عن أفروديت، وهي واحدة من آلهة الأوليمب الاثنتي عشرة في اليونان القديمة، وهي ربة الحب والجمال والنشوة، ومن الأساطير اليونانية الكثيرة، حاولنا استعراض حقائق عن أفروديت من أكثر القصص التي يميل إليها بعض المؤرخين.
ميلاد أفروديت، تُروَى له قصتان كلتاهما مرتبطة بشاطئ بافوس، في جزيرة صقلية. ووفقاً لقصيدة ثيوغونيا (بمعنى مولد الآلهة) التي كتبها الشاعر اليوناني هسيود، وُلِدَت أفروديت من البحر حين قتل كرونوس والده قائد التيتانيين أورانوس وألقى بأعضائه في البحر، لكن الشاعر الإغريقي هوميروس يروي في ملحمته "الإلياذة"، أنَّ أفروديت ابنة زيوس وديون.
ومع ذلك، فقد جاءت إلى العالم من خلال الأساطير اليونانية، ولم تشتهر أفروديت، بجمالها الآخاذ فحسب، لذلك سنتحدث عن حقائق عن أفروديت.
حقائق عن أفروديت:
1- حتوى حزامها على قوى خاصة
كانت أفروديت من القوة بحيث إنَّ زينتها حملت قدرات خارقة. إذ تمتع حزامها (الذي أُطلَق عليه أحياناً الطوق السحري) بالقدرة على تحريك الرغبة في الرجال وإيقاعهم في حب جارف لأي شخص يرتديه، وكانت تُغدِق بهذه الحلية على غيرها، فقد أعارته للملكة هيرا حتى تُشتِت انتباه زيوس عن حرب طروادة، كما أشارت الرواية التي نقلها موقع HowStuffWorks الأمريكي.
2- هل تعرفون أنها كانت شرسة؟
لم تنتقم أفروديت فحسب من الذين رفضوا عطاياها، بل لم تتقبل أيضاً عدم الاحترام بأي شكل. ففي إحدى المرات أهانها رجل يُدعى غلاوكوس بونتيوس، لذا انتقمت منه بإطعام خيوله ماءً سحرياً ما جعلها تنقلب ضده في سباق للمركبات. ولم تسحقه الخيول فحسب، بل أكلت جسده. ولم تنزعج أفروديت مما فعلت، ولو قليلاً.
3- كانت متزوجة.. لكن ذلك لم يمنعها من الحصول على أحباء
ارتبطت أفروديت بالروايات الإغريقية والرومانية، حيث إنها لم تختبر مرحلة الطفولة؛ لأنها خُلقت بالغة وحاضرة للزواج، تزوجت "هيفايستوس" إله النار والبراكين الإغريقي، الذي كان معروفاً بقبحه، لكنه أشاع عنها أنها كانت تخونه كثيراً.
قال اليونانيون إن أفروديت أُغرمت بـ"آريس" إله الحرب الذي لم يكن محبوباً بين الإغريق، وأقامت علاقات غرامية مع "هيرمز"؛ إله السفر، و"بوسيدون"؛ إله البحر، و"نيريتس" الذي يقال إنه حبّها الأول.
أنجبت أفروديت من حبيبها آريس عدة أولاد، وهم: "فوبوس" إله الخوف، و"ديموس" إله الرهبة، و"إيروس" وهو كيوبيد إله الحب، و"أنتيروس" إله الحب المضاد، و"هارمونيا" إلهة التناغم.
ولأنها كانت ممتنة لبوسيدون على تخليصها من شباك زوجها، أحبته أفروديت، وأنجبت منه طفلة اسمها "رودوس" وهي حورية في جزيرة رودس. كما أنجبت ابناً من ديونيسوس؛ إله المرح، وهو "بريابوس" إله الخصوبة الصغير.
ديونيسوس إله المرح مع أفروديت وأبنائهما
4- لم تتقبل الرفض بروحٍ رياضية
اشتهرت "أفروديت" بقصة خيانتها بين اليونانيين، الذين صوروها على جدرانهم وفي معابدهم، ولعل القصة الأبرز كانت خيانة "هيفايستوس"، الذي قرر أن ينتقم منها ومن حبيبها "آريس"، وبدأ بصنع شبكة معدنية فائقة الجودة كادت تكون غير مرئية، لا سيما أنه كان ماهراً في الأعمال اليدوية الحرفية، وعلّق الشبكة على فراش أفروديت. وفي زيارة "آريس" لها حرر "هيفايستوس" الشبكة ليحبس العشيقان فيها واستدعى كل الآلهة ليجعل من أفروديت حديثاً لهم.
طلب "بوسيدون" من "هيفايستوس" أن يحرر العاشقين، إلا أنه رفض في بداية الأمر، لكنّه اقتنع بعدها وحررهما، هرب "آريس" إلى منطقة تراس الواقعة بين بلغاريا واليونان، ورحلت أفروديت إلى جزيرة بافوس القبرصية مسقط رأسها كما يشاع.
كما انتقمت أفروديت من إله الشمس فيما بعد وهو الذي كان قد أوشى لزوجها بخيانتها، ويقول المؤرخ مانفريد إن إله الشمس عُرف عند بعض الحضارات العربية والرومانية باسم "بعل سمين"، وحلّت محله "اللات" فيما بعد، ما يدل على وجود ترابط بين الرواية الإغريقية عن أفروديت والعربية عن "اللات".
أفروديت تبكي موت أدونيس
5- لم يكن لها أسلوب مميز
صُوِرَت أفروديت بعدة طرق مختلفة، وكل واحدة من مجموعة الأعمال الفنية الكلاسيكية المخصصة لها، تجسدها بشكل مختلف. وبصرف النظر عن جمالها الساحق، فهي غير معروفة بأي سمات أو صفات مميزة، لكنها غالباً ما تُقدَم في شكل متناسق بمثالية وعارٍ تماماً. وبالإضافة إلى حزامها السحري، غالباً ما تُصوَر ومعها تفاحة أو صدفة أسقلوب أو حمامة أو بجعة.
6- لم تكن أفروديت أماً عادية
لم يكن معروفاً بالتحديد مَن، مِن زيوس وآريس وهيرميس، هو والد إيروس (المعروف أيضاً باسم كيوبيد)، لكن كان لديه أم رائعة. وعلى الرغم من أنَّ كيوبيد يُصوَر عادةً على أنه رجل صغير خبيث، لكن إيروس كان طفلاً شديد الإخلاص لأفروديت، التي اصطحبته معها عادةً في المهام الرومانسية الرسمية التي تولتها. وربما لم يكن كيوبيد نسلها الوحيد؛ إذ تقول المصادر إنها كانت أيضاً أماً لفوبوس وديموس وهارمونيا وأينيس.
7- عرفت لدى العرب قبل الإسلام!
رغم أن أفروديت ارتبطت بالروايات الإغريقية، فإن العرب كانوا يقدسونها من قبلِ انتقال رمزها إلى الإغريق، حتى إنهم عبدوها قبل دخول الإسلام إلى شبه الجزيرة العربية فكانت إحدى أشهر معبوداتهم "اللات"، و"العُزّى" و"مَناة".
ترجع تسمية "اللات" -كما عرّفها بعض المستشرقين- إلى "لاهات"، وهي مؤنث كلمة "إله"، وذُكرت "اللات" في تاريخ المؤرخ اليوناني هيرودوت، فقيل إن العرب كانوا يعبدون "ديونيسوس"، و"أفروديت" و"سميا" عندهم "أوراتالت" و"الليلات".
"اللات" عند العرب هي ذاتها "أفروديت" عند الإغريق و"فينوس" عند الرومان، وعنها حملت رمز الزهرة واسم "نينورتا"، و"عشتار" عند البابليين، و"إنانا" عند السومريين، وكلهن آلهة الخصوبة والحب والجنس.
ومن الدلائل التي ترمز إلى مماثلة "اللات" لـ"أفروديت" الإغريقية و"فينوس" الرومانية، العملة التي استخدمها الملك التدمري وهب اللات (هبة اللات) والتي حملت شعار النجمة أو الشمس كرمز لـ"فينوس" الرومانية التي تقابل "أفروديت" عند الإغريق، وقد ارتبطت الشمس عند العرب آنذاك بالصنم الأنثوي الشهير "اللات" كما روى المستشرقون. وفسّر المؤرخ رنيه دينيسو أن "اللات" ارتبطت بكوكب الزهرة، أي "فينوس" الرومانية وهي ذاتها "أفروديت".
رغم ادعاء الإغريق أن تسمية "أفروديت" تعود إلى أمواج البحر موطن "أفروديت" الذي انبثقت عنه، وعدّوها قبرصية المنشأ؛ لأن أول شاطئ صعدت عليه بعد ولادتها في البحر هو شاطئ Kythera في قبرص. كما اختلفت عن القصة السريانية، حيث اعتبرها الإغريق ابنة "زيوس" إله الرعد.
8- حكم "باريس" وحرب الـ10 أعوام
يقول اليونانيون إن "أفروديت" تسببت في حرب مدتها 10 أعوام، بدأت القصة حين شعرت "إيريس"، إلهة النزاع، بالإهانة لأنها لم تُدعَ إلى زفاف "بيلوس" و"ثيتيس" فقررت أن تنتقم، فرمت تفاحة ذهبية بنقوش تقول "إلى الأعدل"، علماً منها أن ذلك سيسبب جدلاً بين الإلهات الأخريات.
طلبت "أفروديت"، و"هيرا" (إله الزواج)، و"أثينا" (إله الحرب) من "زيوس" (كبير الآلهة) أن يقرر لمن منهن التفاحة.
لكن "زيوس" قرر أن يعطي مهمة الاختيار لـ"باريس" (الإله الخالد)، فوعدت كل واحدة منهن الإله "باريس" بمغريات وهدايا حالما اختارتها، وكانت إحدى الهدايا التي عرضتها "أفروديت"، هي "هيلين"، أجمل امرأة في العالم، وزوجة "مينيلوس" الإسبرطي.
دفعت "أفروديت" بـ"هيلين" لتقع في حب "باريس" وهربت معه بعيداً، فجمع "مينيلوس" حلفاءه في اليونان للقبض على "هيلين"، واستمرت الحرب 10 سنوات.