ترعى الولايات المتحدة توقيع اتفاقيتي سلام بين إسرائيل وكل الإمارات والبحرين، مساء الثلاثاء 15 سبتمبر/أيلول 2020، لتضاف اتفاقيتان جديدتان إلى اتفاقيات السلام العربية مع إسرائيل في "الثلاثاء الأسود" كما وصفه بعض الفلسطينيين.
من المنتظر أن يعلن عن الاتفاقية من البيت الأبيض بحضور كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد ونظيره البحريني عبداللطيف الزياني. لكن الاتفاقيتين لن تدخلا حيز التنفيذ مباشرة، بل ستصوت الحكومة الإسرائيلية والكنيست لإقرار الأولى، فيما ستوقع البحرين اتفاقية إعلان تمهيداً لتوقيع اتفاقية تطبيع بعد صياغة كاملة لكل نصوص الاتفاق، التي ستشمل تعاوناً على أصعدة مختلفة بينها الملفات العسكرية والتجارية الحربية.
رغم الاعتراض والجدل الكبير الدائر حول هذه الاتفاقيات، فهي لم تكن أول اتفاقيات السلام العربية مع إسرائيل، بل سبقتها 3 اتفاقيات تطبيع بين 3 دول عربية وإسرائيل مثلت اعترافاً بها دولةً مستقلة. وهنا سنستعرض هذه الاتفاقيات، وأبرز بنودها ونتائجها:
اتفاقيات السلام العربية مع إسرائيل
1- اتفاقية كامب ديفيد
تاريخ الإعلان والتفعيل: 17 سبتمبر/أيلول 1979
تاريخ التوقيع: 26 مارس/آذار 1979
طرفا الاتفاق: الرئيس المصري أنور السادات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن
مكان التوقيع: منتجع كامب ديفيد، الولايات المتحدة
اتفاقية كامب ديفيد كانت أول خرق للموقف العربي الرافض لكل أنواع التعامل مع إسرائيل باعتبارها دولة، ومثل أول اعتراف عربي بإسرائيل إذ كانت هذه الاتفاقية هي أولى اتفاقيات السلام العربية مع تل أبيب على الإطلاق. أبرمت الاتفاقية بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية من الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، وبموجبها أعلن الطرفان إنهاء الحرب التي استمرت 3 عقود شهدت 3 حروب (العدوان الثلاثي بالعام 1956 شاركت إسرائيل مع المملكة المتحدة وفرنسا في العدوان الثلاثي، وحرب الاستنزاف بين عامي 1967–1970، وحرب أكتوبر 1973)، وإقامة علاقات ودية.
كانت أبرز نتائج هذه الاتفاقية هو انسحاب إسرائيل من سيناء بعد 12 عاماً من احتلالها (احتلت إسرائيل سيناء عام 1967) وعودتها للسيادة المصرية. ونصت المادة الثانية على أن تكون الحدود الدائمة بين مصر وإسرائيل هي الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين إبان الانتداب البريطاني دون المساس بوضع قطاع غزة، كما تلزم الاتفاقية ذات الـ 9 بنود الطرفين بعدم إصدار أي فعل عدواني أو تحريضي ضد الطرف الآخر، مع التنسيق الأمني المشترك في المناطق الحدودية، على أن تكون محدودة التسليح وتخضع لمراقبة دولية من الأمم المتحدة.
كذلك منحت الاتفاقية – التي نشرت بنودها وزارة الخارجية المصرية – السفن الإسرائيلية والشحنات المتجهة من إسرائيل وإليها حق المرور الحر في قناة السويس ومداخلها في كل من خليج السويس والبحر الأبيض المتوسط، وهو ما كفلته اتفاقية القسطنطينية لعام 1888، واعتبار مضيق تيران وخليج العقبة من الممرات المائية الدولية المفتوحة لكافة الدول دون عائق.
نتيجة لهذه الاتفاقية علقت جامعة الدول العربية عضوية مصر بين عامي 1979 و1989، وكان الموقف العربي الشعبي والرسمي مجمعاً على رفض الاتفاقية، لكن هذا حتى عام 1994.
كما كان من نتائج الاتفاقية افتتاح إسرائيل سفارة في القاهرة في عام 1980 وقنصلية في الإسكندرية، كما افتتحت سفارة لمصر في تل أبيب وقنصلية في إيلات، لكن الرئيس المصري أنور السادات لم يعِش طويلاً حتى يشهد اتفاقيات سلام عربية أخرى مع إسرائيل، حيث اغتيل في احتفالات 6 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1981. (تزامن هذا مع احتفالات الانتصار الذي تحقق خلال حرب 1973)
2- اتفاقية أوسلو
تاريخ الإعلان: 13 سبتمبر/أيلول عام 1993
طرفا الاتفاق: الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين
مكان التوقيع: البيت الأبيض بواشنطن في الولايات المتحدة
أعلنت اتفاقية أوسلو من البيت الأبيض بواشنطن، حيث أعلن تقسيم المناطق الفلسطينية التي احتلت عام 1967 إدارياً وأمنياً إلى مناطق "أ" و"ب" و"ج"، لكن القدس وقضايا الحدود واللاجئين والاستيطان لم تدخل في تلك المعادلة، حيث نصت الاتفاقية على تأجيلها كلها إلى مفاوضات الحل النهائي.
نصت اتفاقية إعلان المبادئ على إجراء مفاوضات للانسحاب الإسرائيلي من الضفة الغربية وغزة على مرحلتين الأولى؛ الأولى تنسحب فيها إسرائيل من غزة وأريحا في غضون شهرين لإقامة حكم ذاتي فلسطيني، حيث يجري انتقال سلمي للسلطة من الحكم العسكري والإدارة المدنية الإسرائيلية إلى ممثلين فلسطينيين وتكون القوات الأمنية الداخلية تابعة للسلطة الفلسطينية، أما المرحلة الثانية الانتقالية، فتبدأ بعد الانسحاب من غزة وأريحا وتستمر 5 سنوات، حيث تجرى خلالها انتخابات لاختيار أعضاء المجلس الفلسطيني الذي سيشرف على السلطة الفلسطينية الانتقالية.
أما بالنسبة لمفاوضات الوضع النهائي فنصت الاتفاقية على أن تبدأ بعد 3 سنوات من بدء تنفيذ اتفاقية إعلان المبادئ، وكان تركيز هذه الاتفاقية على بحثٍ للقضايا العالقة مثل القدس، والمستوطنات، واللاجئين، والحدود.
مثلت هذه الاتفاقية اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل التي ضمت 78% من أراضي فلسطين (أي كل الأراضي الفلسطينية باستثناء الضفة الغربية وغزة)، وأيضاً اعتراف إسرائيل بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.
منذ ذلك الحين، وقّعت منظمة التحرير الفلسطينية العديد من الاتفاقيات السياسية والأمنية والاقتصادية مع إسرائيل. منها اتفاقية طابا (أوسلو الثانية) التي وقعت بمدينة طابا المصرية في 28 أيلول/سبتمبر 1995، واعتبرت بمثابة المرحلة الثانية من انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية، إذ تعهدت إسرائيل بالانسحاب من 6 مدن رئيسية و400 قرية بداية 1996، وانتخاب 82 عضواً للمجلس التشريعي، والإفراج عن معتقلين في السجون الإسرائيلية.
وقد توصل الجانبان لاحقاً إلى عدة اتفاقات تفصيلية أخرى مكملة لاتفاق أوسلو، مثل "اتفاق باريس الاقتصادي" (يوليو/تموز 1994) لتحديد العلاقات الاقتصادية والمالية بينهما، و"اتفاق القاهرة التمهيدي" (أغسطس/آب 1994) لنقل الصلاحيات المدنية في الضفة الغربية، وكذلك "اتفاقية المعابر" عام 2005 وهي اتفاقية إسرائيلية فلسطينية تتعلق بالحركة والعبور للفلسطينيين بالأخص في قطاع غزة، وتهدف بالأساس للتركيز على الجوانب الاقتصادية.
3- اتفاقية وادي عربة
تاريخ الإعلان: 26 أكتوبر/تشرين الأول 1994
طرفا الاتفاق: ملك الأردن الحسين بن طلال ووزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز
حالة المعاهدة: لا تزال سارية
مكان التوقيع: وادي عربة على الحدود الأردنية – الإسرائيلية
هدفت المعاهدة التي حضر توقيعها رئيس الولايات المتحدة الأميركية بيل كلينتون إلى تحقيق سلام بين البلدين ضمن حدود معترف بها دولياً، وحددت الاتفاقية حدود البلدين وفق زمن الانتداب البريطاني، باستثناء أراضي الباقورة والغمر التي منحت الاتفاقية إسرائيل حق الانتفاع بهما لمدة 25 عاماً، وقد انتهت هذه المدة بالفعل في أكتوبر/تشرين الأول 2019، وعادت الأراضي للسيادة الأردنية الكاملة.
وهدفت الاتفاقية أيضاً إلى تخطي الحواجز النفسية بين الشعبين الأردني والإسرائيلي وفقاً لديباجة الاتفاقية التي نقلتها شبكة "الجزيرة".
كذلك تضمنت المعاهدة في موادها الـ 14 تطبيعاً كاملاً بين البلدين، يشمل فتح سفارة إسرائيلية في الأردن وأردنية في إسرائيل، ومنح تأشيرات زيارة للسياح، وكذلك فتح خطوط جوية بين البلدين، وعدم استخدام أي منهما دعاية جارحة في حق الدولة الأخرى، بالإضافة إلى التعاون في الملفات الأمنية ضد الإرهاب أو أي عمليات مسلحة على حدود البلدين.
وكذلك ضمنت المعاهدة التعاون الاقتصادي بين البلدين، والانفتاح الثقافي والعلمي، كما منحت المعاهدة الأردن أفضلية الإشراف على الأماكن المقدسة في القدس، كما نظرت هذه المعاهدة في ملف اللاجئين والنازحين للعمل على توطينهم، وكذلك سمحت لمواطني كل طرف بالتنقل بحرية في أراضي الآخر، بالإضافة لمرور سفن كل منهما في المياه الإقليمية للطرف الآخر.