هذا هو اللقاء الثاني ضمن سلسلة لقاءات أجراها موقع The Daily Beast الأميركي مع جون خايرو فيلاسكيز والمعروف بـ"باباي"؛ لأنَّه كان في يوم ما بحاراً في الأسطول الكولومبي. والأهم من ذلك أنَّه عمل كقاتل مأجور في كارتل ميديلين تحت إشراف بابلو إسكوبار الذي قُتل منذ 25 عاماً في مثل هذا الشهر ديسمبر/كانون الأول.
يقول باباي إنَّه قتل بنفسه مئات الأشخاص وأمر بقتل آلاف آخرين. في الواقع، منذ إطلاق سراحه من السجن عام 2014، بعد أن قضى عقوبة بالسجن 23 عاماً، كان يستخدم موقع يوتيوب والشبكات الاجتماعية الأخرى لتمجيد شخصه وكذلك شركائه. وقد أثمرت تلك الجهود الرامية إلى أن يجعل من نفسه أسطورة، وأنتجت شبكة نتفليكس مسلسلاً خيالياً عن مآثره وفي انتظار فيلم روائي عنه أيضاً.
أُلقي القبض عليه مرة أخرى عام 2018 في إطار تحقيق جديد، على الرغم من إصراره على أنَّه بريء من التهم الجديدة الموجهة إليه. وعلى الرغم من ماضيه الُملطخ، أو بسببه، يظل باباي مثالاً يحتذى به للكثيرين في عالم الجريمة السفلي المحيط بالكارتل.
في الجزء الأول تحدث باباي بالتفصيل عن محاولة إسكوبار قتل مرشحٍ رئاسي بقنبلة على متن طائرة، الأمر الذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص، لكنها أخطأت الهدف. هنا، في الجزء الثاني، يتحدث باباي عن القوات الجوية التابعة لإسكوبار، وكيف استخدمها في تهريب ما يزيد على 12 طناً من الكوكايين يومياً عبر حدود الولايات المتحدة.
في أوج عز كارتل ميديلين في منتصف الثمانينيات، في قمة تفشي الكوكايين الصخري في الولايات المتحدة، كان إسكوبار يورَّد حوالي 80% من الكوكايين في العالم، ومنها 15 طناً يومياً مخصصة لسوق الولايات المتحدة، ويُنقل معظمها جواً.
The Daily Beast: أتفهم أنَّ إسكوبار كان يفخر بما يُدعى "القوات الجوية"، التي ضمت طائرات للتهريب أو للاستخدام الشخصي. وكان هناك أيضاً بعض الأوقات الجامحة التي تُقام فيها مهرجانات في الجو. هل يمكنك أن تخبرنا كيف استخدم إسكوبار طائراته؟
باباي: كان بابلو إسكوبار يدير أسطولاً مكون من حوالي 140 طائرةً، استخدمها في كل عمليات تهريب المخدرات تقريباً. لكن كان لديه طائرة وحيدة مخصصة للاستمتاع من طراز ليرجيت. وقتها في منتصف الثمانينيات كانت هناك طائرتان فقط من هذا الطراز في كولومبيا كلها. إحداهما ملك بابلو إسكوبار، والأخرى كانت ملكاً لرجل الأعمال خوليو ماريو سانتو دومينغو. كانت طائرة إسكوبار طائرة خارقة حظي بابلو إسكوبار بوقت ممتع أثناء استخدامها. في إحدى المرات، أخذ إسكوبار مليوني دولار أميركي نقداً وركب طائرته إلى مهرجان في ريو دي جانيرو وأنفق كل ما كان بحوزته حتى آخر دولار. وركب الطائرة إلى الولايات المتحدة أيضاً وحظى بوقت جيد هناك.
The Daily Beast: ما "الأوقات الجيدة" الأخرى التي حظى بها إسكوبار على متن هذه الطائرة؟ وما طبيعة عمليات الشحن التي كانت تنجزها هذه الطائرة بالتحليق في أرجاء كولومبيا؟
باباي: لم يكن في إمكان هذه الطائرة السريعة الهبوط في مهبط هاسيندا نابوليز (مجمع إسكوبار السكني). كانت قوتها وحجمها لا يسمحان بتسييرها إلا من مطار أولايا هيريرا، وهو مطار مدينة ميديلين. في إحدى المرات جاءت نساء برازيليات جميلات إلى ميدلين على متن ليرجيت ثم سافرن من هناك إلى مزرعة نابوليس على متن طائرة من طراز كينغ 300. مارست الجميلات الجنس مع بعضهن من أجل إسعاد الزعيم العظيم على ارتفاع 30 ألف قدم (9 آلاف متر تقريباً).
كان روبرتو سترايدينغر هو الطيار. لم يكن من السهل إيجاد شخص مؤهل لقيادة هذه الآلة الفائقة القدرة. وكانت هذه الطائرة لا تستخدم أبداً في تهريب الكوكايين، لكن فقط لإسعاد القائد.
The Daily Beast: إذاً، كان الطيران عنصراً رئيسياً في قدرة كارتل ميديلين على صنع الكوكايين على نطاق صناعي، والذي بدوره سمح لإسكوبار بأن يكون أكبر مورد في العالم. هل يمكنك أن تحدثنا قليلاً عن حجم ونطاق عملية الإنتاج؟ وكيف كانت الطائرات تستخدم في نقل المواد الخام إلى المعمل؟
باباي: في هذا الوقت كان معجون الكوكايين، المكون الأساسي، يأتي من بيرو، وبوليفيا، والإكوادور في طائرات صغيرة إلى البراري الكولومبية، عابرة من مهبط طائرات لآخر في الأدغال. كان مهربٌ ذو نفوذ يستقبل الطائرات مثل تلك من طراز Navajo Caneca وCenturion في مدينة ليتيسيا التي تطل على نهر الأمازون في كولومبيا. ومن هناك تأخذ طائرات صغيرة أخرى معجون الكوكايين إلى معمل فائق تابع لكارتل ميديلين. كان لدى إيفاريستو بوراس مدمن الكوكايين سيطرة كاملة على ليتيسيا. وكان هو من ينسق من هذه النقطة نقل الشحنات إلى معمل ترانكيلانديا فائق القدرة الذي كان يملكه بابلو إسكوبار، خوسيه غونزالو رودريغيز، وخورخي لويس أوتشوا فاسكيز.
The Daily Beast: لقد رأيت صوراً لأطلال معمل ترانكيلانديا، ويبدو حقاً أنَّه كان ضخماً. فماذا كانت سعة هذا المعمل؟ وما الدور الذي أدته القوات الجوية الإسكوبارية في كل هذا؟
باباي: كان يُصنع 30 ألف كيلوغرام من الكوكايين على سهول ياري في الأدغال الكولومبية كل شهر.
كانت العمليات باستخدام هذه الطائرات الصغيرة تجري على نطاق واسع. بعضها كانت تُستخدم لنقل معجون الكوكايين، وأخرى تنقل الأسيتون والأثير لمعالجة المعجون وتحويله إلى كوكايين نقي. كانت هناك طائرات أخرى لنقل العمال، والطعام، والوقود من أجل محطة توليد الكهرباء الكبيرة التي تنير المعمل الضخم.
بُنيت سلسلة محطات المعالجة في قلب الأدغال. لم تكن نفايات المعمل تُشكل أزمة، فالنهر سيبتلع الصرف بالقرب من المعمل، ولم تُمثل الروائح مشكلة أيضاً، فالأدغال كانت تمتصها. روح المعمل كانت في هذه المسارات الممهدة.
The Daily Beast: أتساءل فقط كيف استخدم إسكوبار هذه الطائرات في تصدير البضائع الممنوعة من المعمل. سمعت مثلاً أن هناك خطوات اتخذت لزيادة القدرة على نقل البضائع، وتغيير أوراق كل طائرة والعلامات المميزة لها. كيف نفَّذ هذا؟ وكيف كان شكل طرق التهريب؟
باباي: عند جاهزية الكوكايين المعالج، كان يُنقل جواً إلى مختلف دول العالم في حمولة ضخمة وقدرات طيران آلي جيدة. كانت الطائرة كينغ 300 هي الطائرة المثالية. فقد كان من الممكن تفكيك ما بداخلها، وتُزال الكراسي ويُلقى أي شيء غير ضروري أو ثقيل ويوضع مكانه حاويات. كان الوقود الإضافي يُحمل على الأجنحة. كان من الممكن أن تصل الحمولة إلى 700-900 كيلوغرام من الكوكايين، حسب الوجهة.
كانت الحمولة عبارة عن كوكايين ووقود فقط، وكان الطيار يجلب معه ميكانيكياً. وكانت الطرق دائماً تصل إلى الولايات المتحدة، والمكسيك، وجزر الباهاما، وبنما، وهايتي، ونيكاراغوا. وكانت الطائرة تذهب بالكوكايين وتعود بالأموال والسلاح.
كانت عمليات شراء الطائرات تجري في الولايات المتحدة بواسطة شركات واجهة. كان يجري تغيير سجلات الطائرات وأعلامها القومية حسب وجهتها. وضم الأسطول أيضاً طائرات تُدفع بالتيربو، وكانت كل طائرة تُختار بعناية من أجل مهمتها.