لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن، من المتوقع أن يتجاوز عدد المهاجرين المغادرين من السويد عدد الوافدين إليها في عام 2024، وفقاً لما أعلنته الحكومة المحافظة المدعومة من اليمين المتطرف يوم الخميس 8 أغسطس/ آب .
وأظهرت الأرقام الأولية من المعهد الوطني للإحصاء أن عدد المغادرين تجاوز عدد الوافدين خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام. وتوقعت وزيرة الهجرة، ماريا مالمر ستينرغارد، استمرار هذا الاتجاه، مشيرةً إلى أن طلبات اللجوء انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1997، كما كان زعيم المحافظين، أولف كريسترسون، الذي تولى السلطة في أكتوبر 2022، قد تعهد بخفض الهجرة بشكل كبير بدعم من حزب "ديمقراطيو السويد" القومي.
وشهدت السويد في السنوات الأخيرة تصاعداً متزايداً لتيار اليمين المتطرف، ما أصبح يشكل تهديداً على الأمن الوطني والنظام الاجتماعي الديمقراطي، ويؤثر سلباً على عملية الاندماج في المجتمع، وهو ما يُثير العديد من التساؤلات حول أهداف اليمين المتطرف العنيف وتداعياته المحتملة.
تصاعد أحزاب اليمين المتطرف في السويد
حقق حزب "ديمقراطيو السويد" اليميني المتطرف تقدماً كبيراً في الانتخابات السويدية الأخيرة، ونشأ الحزب في ثمانينيات القرن الماضي من الحركة النازية الجديدة كما ذكرت لنا موسوعة britannica. نجح الحزب في دخول البرلمان لأول مرة عام 2010 بعد حصوله على 5.7% من الأصوات، ثم زادت شعبيته ليحصد 17.5% من الأصوات في انتخابات 2018.
ورغم حضور الأفكار القومية في السياسة الأوروبية، فإن الدعم المتزايد لأحزاب أقصى اليمين وانتشار أفكارها الشعبوية المتشددة يُعد ظاهرة نسبياً جديدة.
بماذا يؤمن اليمين المُتطرّف في السويد؟
من الصعب تحديد تعريف دقيق لليمين المتطرف، ولكن السمة الرئيسية التي تميز الجماعات والأحزاب المنضوية تحت هذا التيار، سواء كانت تعمل ضمن إطار ديمقراطي أو تعارضه بحسب موقع history هي الخطاب الذي يركز على وجود تهديد عرقي أو ثقافي ضد مجموعة "أصلية" من قبل مجموعات تعتبر دخيلة على المجتمع، يتضمن هذا الخطاب الدعوة للحفاظ على الهوية الوطنية، ما يفسر معارضة اليمين المتطرف للهجرة.
وتتشارك جماعات اليمين المتطرف في بعض السمات الرئيسية، مثل النزعة القومية والشعور بأن بلداً ما وشعبه أرقى من غيره، حيثُ تعتبر هذه الجماعات أن دمج ثقافات أخرى يشكل تهديداً لهويتهم الوطنية والثقافية، وترفض التنوع. كما يستميل زعماء هذه الجماعات الأفراد من خلال تعزيز شعور الانتماء والفخر، وهو ما يكون فعالاً بشكل خاص في المناطق الفقيرة ذات البطالة المرتفعة حيث يشعر السكان بالتهميش.
وغالباً ما تتحيز هذه الجماعات دينياً، حيث يعتبر أعضاؤها أنفسهم حماة للدين المسيحي ويستخدمون ذريعة الحفاظ على القيم المسيحية لإثارة صراعات مع أديان أخرى مثل الإسلام واليهودية.
الإسلاموفوبيا وصعود اليمين المتطرف في أوروبا
وتزامن صعود تيار اليمين المتطرف في أوروبا مع تصاعد العداء للمسلمين، والذي يُعرف بـ"الإسلاموفوبيا". هذه الظاهرة الفكرية تعتمد على تنميط المسلمين المهاجرين، وتروج لفكرة أنهم غير مندمجين في مجتمعاتهم ويشكلون بؤراً للإرهاب.
وتعزز مخاوف الجاليات المسلمة في أوروبا بسبب سعي بعض الحكومات وأحزابها السياسية للمزايدة على خطاب اليمين المتطرف، من خلال تبني سياسات مماثلة بهدف كسب الأصوات الانتخابية. وهذا يؤدي إلى اتخاذ خطوات ضد الجاليات المسلمة لتعزيز موقفها في الشارع الانتخابي.
أعمال اليمين المتطرف ضدّ الإسلام
حرق المصحف
قامت سابقاً حركة اليمين المتطرف (الخط المتشدد) في مدينة مالمو ومدينة لينشوبينغ بحرق نسخة من القرآن الكريم في 21 يناير/كانون الثاني 2023، وقام زعيمها، راسموس بالودان، بحرق نسخة أخرى أمام السفارة التركية بالعاصمة السويدية ستوكهولم، وان مثل هذه الأعمال يصاحبها موجة من الاحتجاجات والغضب الجماهيري من قبل المسلمين في معظم المدن السويدية.
اليمين السويدي الأكثر تطرّفاً
تظهر المقارنة بين العنف المميت في السويد والنرويج وفنلندا والدنمارك أن السويد تسجل أعلى معدل للعنف المميت منذ عام 2015.
كما كشف تقرير للمركز النرويجي حول التطرف أن الجماعات اليمينية المتطرفة في هذا البلد كانت مسؤولة عن 142 حادثة عنف خطير بين عامي 1990 و2023 ، تسببت هذه الأعمال في مقتل 21 شخصاً وإصابة ما لا يقل عن 171 آخرين خلال نفس الفترة، ويذكر أن جهاز الأمن السويدي كان قد صنّف في تقارير خلال السنوات الأخيرة المتطرفين اليمينيين باعتبارهم من أكبر التهاديد لأمن السويد.
وزاد عدد الأشخاص المولودين خارج هذا البلد كنسبة من إجمالي السكان منذ عام 2010. ففي ذلك العام، بلغ عدد السكان المولودين خارج البلاد 1.38 مليون، بينما ارتفع هذا الرقم إلى 2.17 مليون بحلول عام 2023. بمعنى آخر، شكل المواطنون المولودون في الخارج حوالي 20% من إجمالي سكان السويد في عام 2023، وكان أكبر عدد من هؤلاء القادمين من سوريا بحسب هيئة الإحصاء السويدية.