بعد تعرض إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، فجر الأربعاء 31 يوليو/تموز 2024، للاغتيال رفقة حارسه الشخصي في مقر إقامته بطهران، عقب يوم من تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، وهو الحادث الذي تم اتهام إسرائيل رسمياً به، وبات الحديث الآن من قبل المحللين السياسيين عن من هو خليفته المنتظر.
يأتي ذلك في وقت يتعين فيه على الرئيس المقبل للحركة اتخاذ قرارات مصيرية كبيرة. من بين هذه القرارات، حسم المفاوضات الحالية لوقف إطلاق النار وتسليم الرهائن. كما تشمل القرارات المهمة تحديد دور الحركة في فترة ما بعد الحرب، إعادة الإعمار، وتقييم الوضع السياسي بشكل عام.
وبعد أن كان مجلس الشورى العام لحماس قد أعاد انتخاب هنية رئيساً للمكتب السياسي في آب/ أغسطس 2021 فمن من المنتظر أن يخلفه بعد وفاته؟
خالد مشعل مرشّح لقيادة حماس
ذكرت مصادر من حماس لوكالة رويترز إنه من المتوقع اختيار خالد مشعل ليكون الزعيم الأعلى للمجموعة، خلفًا لإسماعيل هنية.
في سن الخامسة عشرة، انضم مشعل إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي لعبت دوراً أساسياً في تشكيل الحركة في أواخر الثمانينيات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد إسرائيل.
وعندما تولى خالد مشعل، البالغ من العمر 68 عاماً، منصب الزعيم السياسي للحركة في المنفى قبل عام من محاولة إسرائيل اغتياله في عام 1997. هذا المنصب مكّنه من تمثيل الجماعة الإسلامية الفلسطينية في اجتماعات مع حكومات أجنبية في جميع أنحاء العالم، دون تأثر بقيود السفر الإسرائيلية الصارمة التي أثرت على مسؤولين آخرين في حماس.
وعلى الرغم من عمله في الغالب من منفاه، كانت إسرائيل تتآمر لاغتيال شخصيات بارزة أخرى في حماس متمركزة في قطاع غزة. بعد مقتل الشيخ أحمد ياسين في غارة جوية وهو على كرسيه المتحرك في مارس 2004، واغتيال خليفته عبد العزيز الرنتيسي في غزة بعد شهر، تولى مشعل القيادة العامة لحماس.
أعيد انتخاب مشعل لرئاسة المكتب السياسي لحماس عام 2009، واستمر في هذا المنصب حتى عام 2017، حين تم انتخاب إسماعيل هنية خلفاً له. يتبنى مشعل مبدأ المقاومة لتحرير الأرض الفلسطينية، ويشغل حالياً منصب رئيس حركة حماس في الخارج وثاني رئيس للمكتب السياسي.
وقد قال مسؤول في الحركة لوكالة أسوشيتد برس، اشترط عدم الكشف عن هويته بما يتماشى مع اللوائح، عند سؤاله عن عملية استبدال هنية: "نحن لا نناقش هذا الأمر الآن".
خليل الحيّة
وأفادت وكالة "رويترز" في التقرير ذاته بأن خليل الحية، المسؤول الكبير في الحركة والمقيم في قطر، والذي ترأس مفاوضي الحركة في المفاوضات مع إسرائيل، من المحتمل أن يحل محل إسماعيل هنية. ويُعتبر خليل الحية نائب رئيس حركة حماس في غزة والمفضل لدى إيران وحلفائها في المنطقة، وقد تم طرح اسمه كمرشح للقيادة.
تولى الحية عدة مناصب سياسية، من بينها نائب في المجلس التشريعي وممثل الحركة، ثم نائباً لرئيسها في قطاع غزة ورئيسها الإعلامي. أمضى ثلاث سنوات في السجون الإسرائيلية في التسعينيات، وتعرض لعدة محاولات اغتيال من قبل إسرائيل، فقد خلالها أفراداً من عائلته.
في العام 2006، فاز الحية بمقعد في المجلس التشريعي التابع لحماس ليصبح رئيساً لكتلة هذه الحركة في المجلس نفسه. يُقيم الآن في قطر ويترأس وفد المفاوضات غير المباشرة من أجل وقف إطلاق النار في غزة.
بعد اغتيال هنية، أشار الحية في مؤتمر صحفي الأربعاء 31 يوليو/تموز 2024 عُقد بالعاصمة الإيرانية طهران إلى أن " الحركة والمقاومة مستمران، ومن سيخلف القائد هنية سيسير على الدرب نفسه"، وقال إن "غياب قائد أو آخر لا يحرّف بوصلة الحركة عن أهدافها". وأضاف أن عملية الاغتيال هي "رسالة واضحة أن خيارنا مع العدو هو المقاومة"، وأكّد انتظار التحقيقات الكاملة من السلطات الإيرانية بشأن الاغتيال.
يحي السنوار
تصف صحيفة "نيويورك تايمز" يحيى السنوار بأنه من أقوى الشخصيات في حركة حماس. وُلد عام 1962 في مخيم خان يونس، ويُعد أحد مؤسسي الجهاز الأمني للحركة عام 1985. حكمت عليه إسرائيل بأربعة أحكام بالسجن مدى الحياة و25 عاماً أخرى، لكنه أُطلق سراحه في عملية تبادل أسرى عام 2011 مقابل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط.
بعد خروجه من السجن، شارك السنوار في الانتخابات الداخلية للحركة عام 2012 وفاز بعضوية المكتب السياسي للحركة، كما تولى مسؤولية الإشراف على الجهاز العسكري. في مارس 2021، تم انتخابه لولاية ثانية مدتها أربع سنوات رئيساً لفرع الحركة في غزة.
ولا يزال السنوار اليوم رمزاً لفشل حرب إسرائيل، التي رغم تدميرها جزءاً كبيراً من غزة لكنها تركت قيادة الحركة العليا سليمة إلى حد كبير وفشلت في تحرير معظم الأسرى الذين تم أسرهم خلال هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وحتى مع سعي المسؤولين الإسرائيليين إلى قتله، فقد أُجبروا على التفاوض معه، وإن كان بشكل غير مباشر، لتحرير الرهائن المتبقين. ووفقاً للمصدر ذاته لم يظهر السنوار كقائد قوي الإرادة فحسب، بل كمفاوض ماهر نجح في منع إسرائيل من تحقيق نصر في ساحة المعركة أثناء إشراك المبعوثين الإسرائيليين على طاولة المفاوضات.
موسى أبو مرزوق
هو من مؤسسي الحركة وعضو المكتب السياسي، يتمتع بتاريخ طويل في العمل السياسي والتنظيمي. وُلد عام 1951 في رفح وحصل على الدكتوراه في الهندسة من الولايات المتحدة.
رغم أن موسى أبو مرزوق، الرئيس الأول للمكتب السياسي لحماس (1992 – 1996)، يُعتبر أقل بروزاً مقارنةً بالمرشحين الآخرين، إلا أنه يظل ضمن الشخصيات المحتملة لتولي القيادة نظراً لدوره السابق في الحركة وعلاقاته المتنوعة.
من جانبه، أفاد المحلل السياسي الفلسطيني وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، لـ"سكاي نيوز" أن عملية اختيار خليفة لإسماعيل هنية في قيادة حركة حماس تعد معقدة وتخضع لاعتبارات عديدة، خاصة في ظل استمرار الحرب على غزة.
وأضاف الرقب أن القيادة المحتملة للحركة قد تتجه إلى زاهر جبارين، عضو المكتب السياسي ونائب رئيس حركة حماس في الضفة الغربية، والذي يتولى أيضا مسؤولية ملف الأسرى في الحركة.
يُعتبر جبارين من مؤسسي جناح حماس العسكري، وقد لعب دورًا بارزًا في الحركة منذ أيام دراسته، حيث قام بتجنيد الطلاب في صفوفها وكان مسؤولًا عن توزيع المنشورات خلال الانتفاضة الأولى في الضفة الغربية.
وأشار المحلل السياسي الفلسطيني إلى أن قيادة جبارين لحركة حماس ستكون مؤقتة إلى حين إجراء انتخابات لقيادة الحركة خلفاً لهنية.
كيف تتم انتخابات الحركة؟
وحسب النظام الأساسي للحركة، فإن أعضاء مجلس الشورى المركزي، الذي يضم حوالي 50 عضواً من بينهم أعضاء المكتب السياسي المركزي، هم من ينتخبون الرئيس. وتضم تركيبة مجلس الشورى والمكتب السياسي ثلاث حصص متساوية لساحات العمل الثلاث في الحركة: قطاع غزة، الضفة الغربية، والشتات، بمعدل الثلث لكل ساحة.
وقد عاشت حركة حماس قبل عشرين عاماً لحظة مشابهة لتلك التي تعيشها اليوم، حيث تم اختيار خالد مشعل خلفاً لأحمد ياسين بعد اغتياله في عام 2004. جاء هذا الاختيار في ظل ظروف صعبة وبالتوافق بين قيادات الحركة.
وتُجرى الانتخابات عادةً كل أربع سنوات وبشكل سرّي للغاية، وذلك لضمان سلامة العملية وحماية القيادات من الاستهداف وعمليات الاغتيال. إلا أن الظروف الخاصة مثل الحرب قد تعيق هذا الجدول الزمني أو حتى الإجراءات المعتادة.
وغالباً ما تجري ترتيبات خلف الكواليس لاختيار الرئيس قبل التوجه إلى الانتخاب المباشر. وعادة ما تلعب قيادة الحركة في قطاع غزة، التي تمتلك الثقل الأكبر في الحركة، الدور الحاسم في اختيار رئيس المكتب السياسي المركزي من خلال تفاهمات داخلية قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع.