ينتمي حجر العقيق (Agate) إلى معادن السيليكا الصلبة، لكنه يتكوّن في الأساس من معدن الكوارتز (المرو)، ويحمل خصائصه الفيزيائية نفسها. تتميّز أنواعه بأشكالها وألوانها المتنوعة، ويُعتبر العقيق اليمني من أشهرها.
اكتُشف الحجر للمرة الأولى في العصور القديمة، ما قبل الميلاد، على أحد شواطئ اليونان القديمة. تُنسج حوله الكثير من الأساطير حتى يومنا هذا، باعتباره فعالاً لزيادة طاقة الإنسان الداخلية، والتخلص من التعب والاكتئاب، وفوائد أخرى مختلفة.
سنتعرّف في هذا التقرير على تاريخ هذا الحجر العجيب، قصة اكتشافه، وعلى كيفية تشكّله. وسنلقي نظرة على أنواعه، وأماكن تواجده.
لكن أولاً، ما هو حجر العقيق؟
تتكون أحجار العقيق في تجاويف الصخور البركانية ومن الحمم القديمة؛ فخلال تبريد الحمم البركانية، يشكّل البخار وبعض الغازات الأخرى فقاعات تتجمد وتصنع تجاويف مختلفة في الحجارة.
وبعد فترةٍ طويلة من تصلّب الصخور، تدخل مياه ثنائي أكسيد السيليكون إلى داخل الفقاعات، وتتخثر إلى هلام السيليكا.
في الوقت نفسه، فإن المكونات القابلة للذوبان من الصخور البركانية تنتشر في هلام السيليكا، وتُنتج طبقات منتظمة من هيدروكسيد الحديد. يؤدي ذلك إلى تصلّب الكتلة المكوّنة تدريجياً، بسبب فقدان الماء، وتبلور جزء كبير من السيليكا على شكل كوارتز.
يُمكن أن يظهر حجر العقيق مجموعة واسعة من الألوان والأشكال، نتيجةً لآثار أكاسيد الحديد والمنغنيز والتيتانيوم والكروم والنيكل، وعناصر أخرى إضافية. لذلك، تتمتع جميع أنواع العقيق بلمعةٍ قوية تجعلها صديقة المصمّمين المفضلة، عبر الاستفادة من أنماطها الكثيرة، لإنشاء قطعٍ فريدة وجذابة.
مجموعة كبيرة من حجر العقيق جوفاء، ذلك أن الترسيب لم يقطع مسافةً كافية لملء التجاويف. ولعلّ أكثر ما يميّز هذا الحجر الكريم أنه مقاومٌ جداً للعوامل البيئية، لذلك يُمكن العثور عليه في التربة (على شكل تكتلات)، أو في الجداول (على شكل حصى)، ويُمكن إيجاده أيضاً على طول الشاطئ.
تاريخ حجر العقيق
تم اكتشاف حجر العقيق للمرة الأولى ما بين القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد، في صقلية حالياً، على طول شاطئ نهر ديريلو (أخاتيس سابقاً). ويعود الفضل بذلك إلى الفيلسوف اليوناني، وعالم النبات، ثيوفراستوس.
وفقاً لموقع Rananjay Exports الهندي، والمتخصص بكل ما يتعلق بالمجوهرات، كان ثيوفراستوس يمشي في أحد الأيام على الشاطئ، عندما رأى حجراً جميلاً أذهلته ألوانه ونقوشه المتنوعة، فالتقطه وأراد معرفة المزيد عنه.
وبالفعل، انصبّ اهتمام ثيوفراستوس (Theophrastus) خلال تلك الفترة على دراسة أصل وفصل الحجر. وبعد بحثٍ شامل، قرر أن يُطلق عليه اسم "العقيق"، وجعَلَهُ متاحاً لكل العالم بعدما صقله جيداً.
أول استخدامٍ فعلي لحجر العقيق في الزينة يعود إلى اليونان القديمة بطبيعة الحال، وقد لقيَ انتشاراً واسعاً وتمّ إدخاله في تصميم المجوهرات على أنواعها، بعدما زيّن أصابع المحاربين اليونانيين الذين ارتدوا الحجر خاتماً.
تُعتبر الهند، وبالتحديد منطقتا ديكان وكامباي، من المصادر القديمة له، كما اشتهر بيع حجر العقيق اليمني ذات الصبغات الحمراء في مصر القديمة. ولكن في الوقت الحاضر، يُمكن إيجاد العقيق في جميع أنحاء العالم.
لا تزال بلدة إيدار-أوبرشتاين الألمانية الصغيرة مصدراً رئيسياً لأفضل أعمال نحت العقيق في العالم، بالإضافة إلى البرازيل، والصين، وروسيا، إلى جانب منغوليا. أما عقيق الطحلب، فيتمّ العثور عليه بشكلٍ رئيسي في الولايات المتحدة والهند.
أنواع حجر العقيق
لحجر العقيق مجموعة متنوعة جداً من الألوان، مثل: الأحمر، والأزرق، والأصفر، والأسود، والوردي. كما يوجد العقيق متعدد الألوان الذي يتشكل بفعل دمج الألوان في صخرة واحدة أو طبقات منفصلة، صفاً بعد صف.
وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أنه، وبسبب الطبيعة المسامية للعقيق، فإن معظم الأنواع التي تُباع غالباً ما تكون مصبوغة، لتعزيز مظهرها ولونها وبريقها.
وعندما يتعلق الأمر بأنواع حجر العقيق، فالحقيقة أنه لا يمكن لأحد أبداً أن يحصي تنوعه. فهو حجر موجود على نطاقٍ واسع، ويمكن العثور عليه في كل ركنٍ من أركان الأرض حرفياً، لذا يمكن القول إن هناك ألف نوع ونوع منه.
لكن هذه أبرز أنواع العقيق، والأكثر شعبية واستخداماً حول العالم:
- عقيق النار (Fire Agate).
- عقيق الدانتيل (Lace Agate).
- عقيق الطحلب (Moss Agate).
- العقيق المريش (Plume Agate).
- عقيق شجيري (Dendritic Agate).
- عقيق التحصين (Fortification Agate).
أبرز الأساطير حول فوائد حجر العقيق
حاله حال عددٍ كبير من الأحجار الكريمة، نُسجت أساطير كثيرة حول فوائد حجر العقيق الروحانية، حتى إن بعض الحضارات تعتبره حجر الطاقة، على اعتبار أنه يمنع الحسد ويسحب الطاقة السلبية من جسم الإنسان.
استُخدم العقيق اليمني مثلاً في الحضارة اليونانية والمصرية القديمة، لعلاج الصداع وتشنجات العضلات، وإبعاد الاكتئاب والإرهاق. كما اعتبروه مساعداً في التعبير والكلام، ومفيداً لزيادة الطاقة وتنظيم الدورة الشهرية.
ذُكر حجر العقيق في ملحمة جلجامش، من خلال عبارة "في بستان الآلهة كانت قطرات الندى من العقيق". ومن جهتهم، استخدمه السومريون في الزينة. وضعوه في أطواقٍ حول الرقبة والمعصم، وآمنوا أنه يستحضر لعنات الشيطانة لاماشتو.
ارتبط العقيق في العالم الإسلامي أيضاً عبر الأساطير الخاصة بالبقاء على قيد الحياة. فقد استخدمه الفرس والعرب، وشعوب الشرق عموماً، في صناعة الخواتم، التي كان ينقش عليها آيات قرآنية مع اسم مالك الحجر، وبعض الرموز التي اعتبروا أنها تحمي من يرتديه.
بدورهم، اعتقد الصينيون قديماً أن حجر العقيق مصدره دماغ حصان متحجر، وبسبب لونه الأحمر، حظيَ الحجر باحترامٍ كبير في عهد أسرة هان بشرق الصين.