لا تزال قرية مولاي إبراهيم الواقعة في جنوب وسط المغرب والتابعة لإقليم الحوز الذي يعتبر بؤرة الزلزال، تنعى ضحاياها من بين نحو 2000 قتيل نصفهم تقريباً توفوا في هذا الإقليم.
فما الذي نعرفه عن تاريخ هذه القرية، والطقوس الغريبة المثيرة للجدل التي تتم فيها؟
قرية مولاي إبراهيم في المغرب
مولاي إبراهيم هي قرية أمازيغية جبلية تقع وسط المملكة، وتتبع لإقليم الحوز، تبعد عن مدينة مراكش نحو 59 كيلومتراً ويبلغ عدد سكانها نحو 10.979 نسمة وفقاً لإحصاء العام 2014.
ووفقاً لما ذكره موقع The Seattle Times الأمريكي، فإنّ القرية تعتبر واحدة من أشهر المناطق التي يلجأ إليها السياح سواء المغاربة أو الأجانب لقضاء أوقات ممتعة بعيداً عن مدينة مراكش الصاخبة.
وتجتذب القرية السياح بفضل هوائها الطلق، ومناظرها الخلابة وفضائها الطبيعي المتنوع من أشجار ونباتات وشلالات ووديان وأنهار ومنابع وعيون مائية صافية.
كما أنّ معظم شوارعها مليئة بالفنادق الصغيرة والمقاهي المطلة على الوديان الخضراء.
بالإضافة إلى ذلك كله، فإنّ قرية مولاي إبراهيم تمنح زوارها فرصة لاكتشاف معالم الطبيعة المغربية، من خلال مسارات كثيرة للتجول سواء من خلال المشي على الأقدام أو من خلال استخدام الدراجات الهوائية أو ركوب الإبل أو الأحصنة.
ولا ننسى أيضاً كرم أهالي القرية وابتساماتهم الدائمة التي تعلو وجوههم عند استقبال وفود السياح على مدار العام.
أصل تسمية قرية مولاي إبراهيم وحقيقة الطقوس الغريبة التي تقام فيها
الشرفاء الأمغاريين
يعرف الشرفاء الأمغاريون أنفسهم على موقعهم الرسمي على الإنترنت بأنهم حفدة الولي الصالح مولاي إبراهيم، واسمه الكامل هو: (أبو سالم إبراهيم بن أبي العباس أحمد بن عبد الله الأمغاري).
وأنه تربى منذ صغره على الطريقة الصوفية الغزوانية التباعية الجزولية الأمغارية، وكان يشتهر بلقب "طير الجبال"؛ لأنه كان يعيش في خلوته الاختيارية في جبل كيك، التي ما زالت من أهم المزارات الأثرية إلى الآن داخل المغرب.
والشرفاء الأمغاريون هم جماعة يتواجدون بشكل خاص في المغرب وتحديداً في قرى "مراكش".
ووفقاً لمواقع محلية، فإنه بالقرب من القريبة يوجد ضريح "مولاي إبراهيم" في منطقة تعرف باسم "كيك"، وهي منطقة جبلية تقع في أحد مرتفعات الأطلس الكبير، وتبعد عدة كيلومترات عن قرية "مولاي إبراهيم".
هذه المنطقة كانت خالية تماماً من السكان عدا 7 عائلات عندما قصدها "مولاي إبراهيم" حفيد مؤسس الزاوية المصلوحية أبي محمد بن احساين الأمغاري، قادماً إليها من مراكش من أجل خلوته في القرن السادس عشر ميلادي.
وعندما اشتهر أمره وشاع ذكره في المنطقة بدأ المريدون يقصدونه من مختلف الجهات.
ووفقاً لما ذكرته صحيفة kech24 المغربية الإلكترونية، فإن الكثير من الطقوس الغريبة التي تشهدها هذه المنطقة، وتحديداً بالقرب من ضريح "مولاي إبراهيم"، وفي مقدمتها مهنة "الشعوذة".
وتضيف الصحيفة المغربية أنّ ممتهني هذه المهنة أصبحو يدعون للزوار بأنهم قادرون على شفاء مختلف الأمراض المستعصية وحل مختلف المشاكل التي يتخبط فيها الزوار للمنطقة من خلال ترديد عبارة "غير دير النية واجلس والله تاي حيد منك العكس" والتي تعني "أنوي وأجلس وسأبعد عنك سوء الحظ".
أما وفقاً لما ذكرته موسوعة "المعرفة"، فإنّ هناك العديد من الطقوس الغريبة والمخيفة التي يقوم بها المشعوذون في مولاي إبراهيم مثل نحر الجمال وافتراسها نيئة خلال طقوس روحانية تتم بالقرب من مكان ضريح مولاي إبراهيم.
ولزيارة ضريح "مولاي إبراهيم" يستوجب على كل زائر أن يمر عبر نقطة استراتيجية تصطف فيها وسائل النقل مروراً بالسويقة عبر أدراج إسمنتية التي تستقبله بطابور من العشابة يقدمون كل أصناف الأعشاب والشموع وجلود بعض الزواحف (القنفذ، الثعلب، النيص، الحرباء)، بجوارهم دكاكين لما يطلق عليهنّ "الشوافات" اللواتي يذبن مادة يسمونها "ألدون" فوق النار حيث تتجمع حولهن عشرات النساء ينتظرن ما ستراه الشوافات في ذلك السائل الغريب الذي يحل كل الإشكالات.
قرية مولاي إبراهيم إحدى أكثر المناطق تضرراً في زلزال المغرب 2023
ووفقاً لما ذكره موقع هسبريس المغربي، فإنّّ قرية مولاي إبراهيم هي واحدة من المناطق الأكثر تضرراً بسبب زلزال المغرب في إقليم الحوز والذي غالبية أجزائه عبارة عن بلدات صغيرة وقرى متناثرة في قلب جبال الأطلس الكبير، وهي بمعظمها قرى يصعب الوصول إليها.
بالإضافة إلى أنّ قرية مولاي إبراهيم تقع على بعد نحو 45 كيلومتراً شمال شرق مركز الزلزال في منازل مصنوعة من الطوب الطيني والكتل الحجرية، التي لا علاقة لها بشروط مقاومة الزلازل، ولم يعد الكثير منها قائماً أو آمناً للسكن.
بينما كشفت الجدران المتساقطة عن الأجزاء الداخلية من المنازل المتضررة، وانزلقت أنقاضها إلى أسفل التلال.
ووفقاً لما ذكرته وكالة فرانس برس فإنّ عشرات المنازل انهارت في قرية مولاي إبراهيم عند سفح جبل؛ حيث يحفر السكان قبوراً لدفن الموتى، بينما عمليات البحث عن ناجين محتملين تحت الأنقاض لا تزال مستمرة.
وخففت السلطات في مولاي إبراهيم التوقعات بتحذيرات من أن العديد من المناطق لا تزال هشة للغاية بحيث لا يمكن دخولها، في حين لا تزال هناك مخاطر وقوع هزات ارتدادية قد تؤدي إلى انهيار ما بقي قائماً.
بينما تعرضت مئذنة تلوح في الأفق فوق مولاي إبراهيم لأضرار بالغة، وبدا أنها معرضة لخطر الانهيار إذا تعرضت لهزة أخرى.