لاشكَّ أنّ الاتجار بالبشر جريمة مروعة، إذ يُجبَر الضحايا على العمل والاستغلال الجنسي والزواج، بل يُجبَرون حتى على التبرع بالأعضاء، إنها صناعة العبودية الحديثة، وهي صناعة آخذة في الازدهار.
العبودية الحديثة والاتجار بالبشر
دعونا نستكشف بعضاً من الحقائق المرعبة حول العبودية الحديثة والاتجار بالبشر في هذا التقرير:
1- يوجد في الوقت الحالي عبيد أكثر من أي وقت سابق
وفقاً لأحدث دراسة لـ"التقديرات العالمية للعبودية المعاصر"، فإن عدداً صاعقاً من الأشخاص يعيشون تحت نير العبودية الحديثة في عام 2021، بلغ 50 مليون شخص، تخيل ذلك!
ووفقاً لما ذكره موقع Listverse الأسترالي، فقد كان 28 مليون شخص عالقين في العمل القسري، وكان هناك 22 مليون شخص من ضحايا الزواج القسري.
بل إن الأشد إثارة للقلق هو أن عدد الأشخاص المتأثرين ارتفع ارتفاعاً كبيراً في السنوات الخمس الماضية، وقع 10 ملايين شخص آخر في شراك العبودية المعاصرة في عام 2021، وذلك عند مقارنتهم بالعدد المشهود في عام 2016.
هل يمكن تصديق ذلك؟ يعني هذا أن المشكلة ما زالت تتوسع، وبسرعة
لا تميز العبودية المعاصرة بين الأشخاص وفقاً للعرق أو الثقافة أو الدين، ولا تعرف حدوداً. إنها مشكلة عالمية تؤثر على الأشخاص والبلاد في كل الأوضاع، من الأفقر إلى الأغنى، ترسم هذه الحقائق صورة قاتمة للعالم الذي نحيا فيه الآن.
2- يدرُّ الاتجار بالبشر 10% من الأعضاء المزروعة
أدى النقص العالمي في الأعضاء المخصصة للزرع إلى ظهور تجارة مربحة، وهي المتاجرة بالأعضاء، أو المتاجرة بالبشر نفسهم بغرض زرع هذه الأعضاء.
وبما أنّ هذه الممارسة محظورة بموجب القانون الدولي كجزء من حظر عام للاتجار بالبشر، فإنّ المنظمات الحكومية وغير الحكومية في العالم، بما في ذلك المنظمات الطبية، أعلنت في إعلان رسمي أنّ الحظر أيضاً يشمل أي شخص يتلقى مكاسب مالية أو مكافآت أو مميزات في المعاملة مقابل تبرعه بعضو ما إلى شخص آخر.
وتشير تقديرات مكتبة البرلمان الكندي إلى أن الاتجار بالأعضاء يمثل ما يصل إلى 10% من عمليات زرع الأعضاء التي يتم إجراؤها حول العالم، مع أرباح تقدر بحوالي 840 مليون دولار أمريكي إلى 1.7 مليار دولار أمريكي سنوياً.
يجري هؤلاء في الأساس عمليات نقل الأعضاء في غرف عمليات مؤقتة داخل المنازل، لكن بعضهم يختبئون على مرأى من الجميع داخل مستشفيات معروفة.
وعلى نحو متزايد، في محاولة لاستغلال الفجوة بين العرض والطلب على الأعضاء، تقوم المنظمات الإجرامية التي تتاجر بالبشر بتوسيع ممارساتها لتشمل الاتجار بالأعضاء.
على مدى العقود العديدة الماضية، أصدرت أكثر من 100 دولة تشريعات تحظر أو تعزز القوانين الحالية التي تحظر الاتجار بالأعضاء.
3- تكلفة العبودية الحديثة 90 دولاراً في المتوسط بجميع أنحاء العالم!
في عام 1850 كان متوسط ما يكلفه الشخص المستعبد في الولايات المتحدة 40 ألف دولار.
وفي يومنا المعاصر، صار متوسط تكلفة الشخص المستعبد منخفضة بدرجة صادمة، صحيحٌ أن هناك عبيداً يباعون بآلاف الدولارات، لكن المتوسط يبلغ 90 دولاراً فقط.
ينظر العاملون في الاتجار بالبشر إلى الأشخاص على اعتبار أنهم مجرد سلع.
مهرب البشر الأوكراني المدان لودفيغ "طرزان" فاينبرغ صرح في إحدى المرات قائلاً: "يمكنك شراء امرأة مقابل 10 آلاف دولار واستعادة المال في غضون أسبوع إذا كانت جميلة وصغيرة، وبعد ذلك يصير أي شيء آخر ربحاً".
4- الاتجار بالبشر يمول الجيوش ويؤسس الجنود
تشير بعض التقديرات إلى أن الحكومة الكورية الشمالية لديها ما يقرب من 100 ألف شخص من العمال القسريين حول العالم، ويدرون أكثر من 500 مليون دولار سنوياً، وهو ما يخفف بنجاح من أثر العقوبات الاقتصادية.
في حين تستخدم الجماعات المسلحة الاتجار بالبشر كاستراتيجية لتمويل الأنشطة أو زيادة قوتها العاملة في النزاعات حول العالم، وفقاً لتقرير صدر في عام 2019 عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC).
وتم توثيق تجنيد الأطفال لاستخدامهم كجنود على نطاق واسع في النزاعات في وسط إفريقيا والشرق الأوسط.
كما تقوم هذه الجماعات بالاتجار بالبالغين والأطفال لاستغلالهم في التعدين والصناعات الاستخراجية الأخرى، وبث الخوف للسيطرة على السكان المحليين.
5- المتاجرون بالبشر ليسوا الأشرار التقليديين دائماً
ليس "الأشرار" التقليديون دائماً هم من يستغلون الضحايا، فحتى بعثات حفظ السلام والمنشآت العسكرية تسهم في انتشار الاتجار بالبشر.
كشفت دراسة تعود إلى عام 2018 نشرتها أكاديمية أوكسفورد، عن ارتباط إيجابي بين وجود قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والإكراه على ممارسة البغاء.
بجانب أن متعاقدي وزارة الدفاع الأمريكية اكتُشف أنهم يستغلون العمال للعمل في القواعد العسكرية.
وكشف تقرير سابق أيضاً نشرته منظمة العفو الدولية في عام 2004، عن أن وجود قوات الأمم المتحدة وقوات منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في كوسوفو، عزز استغلال النساء جنسياً، فقد تورط في ذلك الأشخاص، الذي يُفترض أنهم موجودون لجلب السلام والأمن.
6- ضحايا كثيرون يجري الاتجار بهم عن طريق عائلاتهم
بحسب منظمة الهجرة الدولية (IOM)، فإن 41% من تجارب الاتجار بالأطفال تتضمن أبناء العائلة أو مقدمو الرعاية، ولا يدرك كثير من هؤلاء الضحايا حتى أنهم يجري الاتجار بهم.
وأحياناً يستمر هذا الاستغلال على مر الأجيال، ليصير جزءاً مقبولاً من ديناميكية العائلة، وعندما يلاحظ آخرون هذا الاستغلال، يختارون التجاهل لحماية سمعة العائلة.
7- مزادات بيع العبيد لا تزال تُنظم بشكل علني
في عام 2006، حذّر مدير دائرة الادعاء الملكية في بريطانيا CPS غرب لندن، من أن مجموعة من الأنشطة الإجرامية من بنيها مزادات العبيد وتجارة الجنس تجري بشكل علني في مطارات المملكة المتحدة.
ووفقاً لما ذكر على الموقع الرسمي لدائرة الادعاء الملكية CPS، فإنّ مزادات العبيد تُعقد في الأماكن العامة في المطارات حيث يتنافس رعاة بيوت الدعارة على النساء المخصصات للدعارة.
وفقاً للتقارير، في إحدى الحالات، تم إجراء مزاد للعبيد خارج مقهى في صالة الوصول بمطار غاتويك جنوب لندن.
كما تعتقد السلطات أن مزادات مماثلة قد أجريت في مطارات أخرى مثل مطار هيثرو ومطار لندن ستانستد، ومطارات أخرى في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
وفي تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، فإنّ حتى زمننا الحالي، يتم شراء وبيع المهاجرين من غرب إفريقيا علناً في أسواق العبيد الحديثة في ليبيا، بحسب ما قال ناجون لوكالة تابعة للأمم المتحدة تساعدهم في العودة إلى ديارهم.
أبلغ الأشخاص المُتجر بهم الذين يمرون عبر ليبيا سابقاً عن أعمال عنف وابتزاز وعمل العبيد، لكن الشهادة الجديدة الصادرة عن المنظمة الدولية للهجرة تشير إلى أن التجارة في البشر أصبحت طبيعية لدرجة أنه يتم تداول الناس في الأماكن العامة.
8- الطلب على النساء الحوامل يتزايد بين المتاجرين بالبشر
إنها حقيقة مرعبة حقاً في حاجة إلى التصدي لها، تقول خبيرة الاتجار بالبشر لويز شيلي لموقع Listverse الأسترالي، إن هذا الاتجاه المزعج يأخذ في التزايد، ويُعزى جانبٌ كبيرٌ من هذا إلى ممارسات التبني غير القانونية.
يُقسم أغلب المال بين المتاجرين بالبشر والأطباء والمحامين والمسؤولين الحدوديين والآخرين، ولا تحصل الأمهات عادةً إلا على أقل بكثير مما اتُفق عليه في البداية، ويبرر المتاجرون بالبشر ذلك بأن هناك مصروفات مستحقة خلال العملية.
ما هي علامات العبودية؟
من المؤسف أنه يصعب للغاية اكتشاف علامات العبودية، يحتاج الجمهور إلى تعليمهم حول علامات الخطر التي عليهم أن يحذروا منها.
إليكم بعض السلوكيات المثيرة للريبة، التي قد تشير إلى أن شخصاً ما يجري الاتجار به وفقاً لما أكده موقع Our Watch البريطاني.
- يبدو أنهم يعانون من سوء التغذية والتعب.
- إذا كانوا من الخارج، فهم لا يتحدثون لغة البلد الذي يعيشون فيه كثيراً.
- يرتدون ملابس غير مناسبة للعمل أو للطقس.
- يبدو أنهم تحت سيطرة شخص آخر ويتجنبون التفاعل مع الآخرين.
- يترددون في إجراء اتصال بالعين أو التحدث مع الناس.
- يعملون لساعات طويلة بشكل مفرط ونادراً ما يحصلون على أيام عطلة.
- يبدو عليهم الخوف أو القلق أو القلق وعدم الثقة بالسلطات.
- لديهم إصابات لم يتم علاجها.
- يسمحون للآخرين بالإجابة على الأسئلة المطروحة عليهم.
- إنهم مقيدون في مكان عملهم، وقد تكون هناك علامات على أنهم ينامون هناك أيضاً.
- تبدو ملابسه قذرة وغير مغسولة.
- يفتقرون إلى الممتلكات الشخصية.
- لا يعرفون عنوان منزلهم أو عملهم.
- لديهم اتصال اجتماعي محدود أو اتصال بأسرهم.
- لا يبدو أنهم يمتلكون أي أموال أو الكثير من المال، على الرغم من العمل لساعات طويلة.
- ليس لديهم جواز سفر أو رخصة قيادة أو وثائق هوية أخرى.
- إذا كانت أنثى، لديها حمل غير مرغوب فيه أو حمل دون السن القانونية.
أشكال العبودية الحديثة
تأخذ العبودية الحديثة أشكالاً عديدة، والأكثر شيوعاً هي:
الاتجار بالبشر: استخدام العنف أو التهديد أو الإكراه لنقل أو تجنيد أو إيواء الأشخاص من أجل استغلالهم لأغراض مثل الدعارة القسرية أو العمل أو الإجرام أو الزواج أو نزع الأعضاء.
السخرة: أي عمل أو خدمات يجبر الناس على القيام بها ضد إرادتهم تحت التهديد بالعقاب.
سخرة الشخص المديون بالمال: تعد من أكثر أشكال الرق انتشاراً في العالم، إذ يقترض الأشخاص المحاصرون في الفقر المال ويضطرون إلى العمل لسداد الديون.
عبودية الأطفال: عندما يتم استغلال طفل لتحقيق مكاسب لشخص آخر، يمكن أن يشمل ذلك الاتجار بالأطفال أو تجنيدهم في الحروب أو استغلالهم في أعمال المنزل.
الزواج القسري والمبكر: عندما يتزوج شخص ضد إرادته ولا يمكنه المغادرة يعتبر هذا الزوج نوعاً من أنواع العبودية، كما أنّ معظم زيجات الأطفال هي من العبودية.
ينتهي الأمر بالناس في العبودية الحديثة عندما يكونون عرضة للخداع أو الاستغلال غالباً نتيجة لظروف الفقر التي تدفعهم إلى اتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر بحثًا عن فرص لإعالة أسرهم أو موافقتهم ببساطة في العمل بوظائف استغلالية.
أرقام وإحصائيات عن العبودية الحديثة
لا توجد ضحية نموذجية للرق، فالضحايا هم من الرجال والنساء والأطفال من جميع الأعمار والأعراق والجنسيات ومن جميع الفئات السكانية.
- يُقدر عدد الأشخاص الذين يعيشون في العبودية الحديثة بنحو 40.3 مليون شخص، منهم 24.9 في السخرة و 15.4 مليون في الزواج القسري، إذ إن هناك 5.4 ضحية للرق الحديث لكل 1,000 شخص في العالم.
- 1 من بين كل 4 ضحايا للرق الحديث هم من الأطفال
- ومن بين الـ24.9 مليون شخص المحاصرين في العمل الجبري، يتم استغلال 16 مليون شخص في القطاع الخاص مثل العمل المنزلي أو البناء أو الزراعة، و4.8 مليون شخص في الاستغلال الجنسي القسري، و4 ملايين شخص في السخرة التي تفرضها سلطات الدولة.
- تشكل النساء والفتيات 99% من الضحايا في صناعة الجنس التجاري و 58% من القطاعات الأخرى في قطاعات العمل الجبري.