عادةً يتكون الكرسي المتحرك من أربع عجلات، عجلتين كبيرتين في الخلف، تستخدمان لدفع الكرسي المتحرك وعجلتين صغيرتين في المقدمة، كما تتعدّد أنواع هذه الكراسي المتحركة، فمنها اليدوية ومنها الكهربائية، ومنها الطبية ومنها الرياضية، وهي الاختراعات التي سهلت حياة الكثير من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، والذين كانت حياتهم لتكون معقدة لولا هذا الاختراع، فما قصته ومتى تم اختراعه؟.
كيف تم اختراع أول كرسي متحرك؟
حتى اللحظة من غير الممكن تحديد أوّل ظهورٍ للكرسي المتحرك في التاريخ، مع ذلك فإنّ النقوش الحجرية في الصين القديمة واليونان تشير إلى أن الهياكل من نوع الكراسي المتحركة قد تم استخدامها على الأقل منذ القرن السادس الميلادي، وذلك وفقاً لـ national geographic.
وربما يكون أحد أفضل الأمثلة المبكرة الموثقة للكراسي المتحركة قد صنعه مخترع مجهول لملك إسبانيا فيليب عام 1595، والذي عانى في سنواته الأخيرة من النقرس الشديد الذي جعله مقعداً، إذ قام المخترع المجهول بتفصيل كرسي بمسند للذراع والساق وأربع عجلات صغيرة، ويحتاج إلى رجل يدفعه.
وانتظر ذوو الإحتياجات الخاصة 60 سنة، حتى ظهر أول كرسي متحرك ذاتي الحركة في عام 1655، إذ ابتكر ستيفان فارفلر، وهو صانع ساعات فقد ساقيه في حادث أثناء طفولته، كرسياً متحركاً ذاتي الحركة حتى يتمكن من دفع نفسه من وإلى الكنيسة في نورمبرغ بألمانيا.
باستخدام خبرته الميكانيكية كصانع للساعات، كان إطار الكرسي المتحرك الخاص بـ Fafler يعتمد على هيكل ثلاثي العجلات يعمل من خلال مقابض الدوران المتصلة بعجلة أمامية مُجهزة باستخدام نظام من السواعد والعجلات المسننة.
كان كرسي فارفلر أشبه بدراجة ثلاثية، وفي وقتٍ لم تخترع فيه الدراجة بعد، كان اختراع فارلفر الحجر الأساس لاختراع هذا النوع من الدراجات بعد قرنين من ذلك.
وفقاً لـ sciencemuseum، دفع تصميم Farffler تقنية الكراسي المتحركة إلى الأمام، وقام عدد من المخترعين بإنشاء أجهزة مماثلة. أنشأ أحدهم، وهو صانع الألعاب البلجيكي جون جوزيف ميرلين، "كرسي النقرس" الذي يعتمد على التروس والسواعد لدفع المستخدمين، لاحقاً أصبح هذا التصميم شائعاً، لدرجة أن الكراسي المتحركة كانت تسمى (كراسي ميرلن – Merlin chairs) لأكثر من قرن بعد ذلك.
ومع ذلك، حتى هذه الكراسي المتحركة المبكرة كانت تستخدم بشكل أساسي من قبل الأثرياء الذين لديهم خدم لدفعها، وهذا الأمر الذي صعّب من عمليات إنتاجها وانتشارها، ناهيك عن بعض العيوب الفنية مثل وزنها الضخم وصعوبة تشغيلها، وعدم فاعليتها في الأماكن الخارجية.
الحروب ساهمت في زيادة إنتاجها
وعلى الرغم من ذلك أصبحت الكراسي المتحركة أكثر انتشاراً مع مرور السنين، خاصة في أعقاب انتشار الحروب خصوصاً الحربين العالميتين الأولى والثانية، والتي تركت مئات الآلاف من المعطوبين والمقعدين، مع ذلك استمر النظر إلى الكراسي المتحركة على أنها أجهزة طبية وليست ملحقات لتسهيل الحياة، ويرجع ذلك جزئياً إلى حجمها وتكلفتها.
في الثلاثينيات من القرن الماضي، اشتكى مهندس التعدين المشلول هربرت إيفرست لمهندس آخر، يدعى هنري جينينغز، من وزن كرسيه المتحرك الثقيل.
وعمل المهندسان معاً في مرآب جينينغز في لوس أنجلوس ليبتكر الرجلان كرسياً متحركاً قابلاً للطي بنصف وزن الكرسي المتحرك الشائع حينه، وبتكلفةٍ أقل.
أصبح هذا الابتكار أول كرسي متحرك يتم إنتاجه بكميات كبيرة، والتصميم الأكثر شعبية في ذلك الوقت، وفجأة، أصبح بإمكان مستخدمي الكراسي المتحركة دفع أنفسهم للخارج، والصعود إلى السيارات والنزول منها، والذهاب إلى حيث يريدون بمساعدة قليلة أو بدون مساعدة.
الرياضة جعلت من الكراسي المتحركة أمراً منتشراً في العالم
مع ذلك، بقي تطور الكراسي المتحركة بشكل بطيء لعقود من الزمن، وذلك بسبب احتكار المخترعين للتصميم القابل للطي، حتى طالب جيل جديد من مستخدمي الكراسي المتحركة بنسخة فريدة من هذا الاختراع، ليفتح ذلك ثورة في استخدام الكراسي المتحركة، إذ لم يكتف البعض بالجلوس على تلك الكراسي، بل صار بإمكانهم ابتداءً من الستينيات ممارسة رياضتهم المفضلة من على الكراسي المتحركة، وذلك بعد دخول الكراسي الرياضية حيّز الاستخدام.
يعد الكرسي المتحرك اليوم أحد أكثر الأجهزة المساعدة شيوعاً في العالم، لتعزيز الحركة الشخصية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، كما تعتبر منظمة الصحة العالمية هذه الكراسي حقاً أساسياً من حقوق الإنسان للأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة، فهي تفتح عالماً من الاستقلال وتمكن من المشاركة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وبدءاً من عام 2008 تم اتخاذ تاريخ الأول من مارس/آذار كيوم عالمي للكرسي المتحرك من أجل الاحتفال بالاختراع ومستخدميه من ذوي الاحتياجات الخاصة.