قد لا يمتلك تاجر المخدرات أرتورو بيلتران ليفا ذات الشهرة التي يمتلكها أباطرة المخدرات المكسيكيين الآخرين، أمثال إل تشابو وميغيل أنخيل فيلكس غالاردو، لكنه لم يكن يوماً أقل منهم من ناحية الأهمية، فقد كان شخصية محورية في بعضٍ من أكثر حروب النفوذ دموية في عالم المخدرات.
من هو أرتورو بيلتران ليفا، ما الكارتل الذي قاده، لماذا حاول اغتيال نجل إل تشابو، ولماذا أطلق على نفسه لقب "زعيم الزعماء"؟
من هو أرتورو بيلتران ليفا؟
وُلِدَ ماركوس أرتورو بيلتران ليفا، في 27 سبتمبر/أيلول 1961، ونشأ في باديراغواتو، وهي بلدة في ولاية سينالوا المكسيكية، ويطلق عليه العديد من الألقاب منها وأشهرها زعيم الزعماء، وإل فانتامسا التي تعني باللغة العربية (الشبح).
المنطقة التي ترعرع فيها ليفا كانت جبلية شبه معزولة، وبالتالي كانت مليئة بمهربي المخدرات، ولذلك كان انخراطه في هذا المجال سريعاً جداً.
وبما أنه كان الأكبر من بين إخوته كارلوس، وألفريدو، وهيكتور، فقد تولى أرتورو دور القيادة في عصابة تهريب المخدرات التي أنشأتها عائلته، والتي أطلق عليها اسم "بيلتران ليفا BLO" في ثمانينيات القرن الماضي.
في حدود منتصف الثمانينات، وفي الوقت الذي كانت فيه قد بدأت تنهار بدأت عصابة بيلتران ليفا بالتنامي، سيما مع ازدياد الطلب على الكوكايين وفقاً لصحيفة The Guardian البريطانية.
لكن على مدار العقود القليلة التالية، ظلَّ أرتورو ليفا شخصية ثانوية إلى حدٍّ كبير في عالم تهريب المخدرات، إذ بقي خاضعاً للأباطرة الأقوى والأشهر منه، بمن فيهم أنخيل فيليكس غالاردو، "عرَّاب" كارتل غوادالاخارا، وأمادو كاريلو فوينتس، زعيم كارتل خواريز.
ووفقاً لما ذكره موقع All That's Interesting الأمريكي، أصبحت عصابة بيلتران ليفا في إحدى مراحلها بمثابة "مرتزقة" تابعة لأشهر إمبراطور مخدرات مكسيكي، خواكين إل تشابو غوزمان، قبل أن يصبحوا شركاءه التجاريين في صناعة وتهريب المخدرات.
بالإضافة إلى ذلك، تحالف أرتورو مع كارتل سينالوا، الأمر الذي ساعد منظمته على أن تكون واحدة من أقوى كارتالات المخدرات في البلاد.
لم يكتفِ أرتورو بقيادة عصابة بيلتران ليفا، بل أيضاً بدأ بإنشاء جناح عسكري ضارب أطلق عليه اسم "لوس زيتاس"، مؤلف من ضباط القوات الخاصة المكسيكية السابقين، وذلك لمواجهة أصدقائه السابقين، أشهرهم إل تشابو، وفقاً لما ذكره موقع Wilson Center الأمريكي للأبحاث.
هاجم جميع أصدقائه لترهيبهم
رغم أن أرتورو بيلتران-ليفا كان في الأصل جزءاً من كارتل سينالوا، فإنه في عام 2008 قطع العلاقات مع المنظمة، وأنشأ منظمة تهريب مخدرات جديدة، أطلق عليها اسمه "أرتورو بيلتران ليفا".
والتي أصبحت مسؤولة عن شراء الأسلحة والذخائر من الولايات المتحدة لتعزيز أعمال تهريب المخدرات، بما في ذلك الكوكايين والماريغوانا والهيروين والميثامفيتامين.
ووفقاً لما ذكره الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية، فإنّ عصابة أرتورو الجديدة أسهمت في رفع معدلات العنف داخل المكسيك، من خلال القيام بالكثير من عمليات الخطف والتعذيب والقتل وأعمال عنف أخرى مختلفة ضد العديد من الرجال والنساء والأطفال في المكسيك.
كما وصفت وزارة الخارجية الأمريكية هذه المنظمة على أنها كانت واحدة من أكثر منظمات تهريب المخدرات قسوةً ووحشية، من خلال طريقة تعاملها مع أعدائها، لا سيما قوات الشرطة وأعضاء المنظمات المنافسة الأخرى.
كان أرتورو وحشياً للغاية، لدرجة أنَّه أصبح في النهاية ثالث أكثر المطلوبين في المكسيك، وكانت هناك جائزة بقيمة 1.5 مليون دولار لأي شخص يُدلي بمعلومات تقود إلى القبض عليه بنجاح.
زعيم الزعماء الذي جَرُأ على محاولة اغتيال ابن إل تشابو
أطلق أرتورو على نفسه لقب "زعيم الزعماء"، وبدأ في محاولة فرض نفسه على بقية شركائه وعلى زعماء عصابات التهريب الأخرى، فبدأ في مهاجمة الكثير منهم ليُكسب نفسه سمعة سيئة تجعلهم يخافون منه.
وفي عام 2008، اعتقلت الشرطة المكسيكية شقيقه "ألفريدو"، وجميع الشكوك كانت تحوم حول "إل تشابو".
أرتورو أبقى شكوكه هذه لنفسه، ولكن بعد فترة قصيرة تم العثور على أحد أبناء إل تشابو مصاباً برصاصات قاتلة، وعُرف على نطاق واسع أنّ أرتورو هو من فعل ذلك انتقاماً لاعتقال أخيه.
هذه الحادثة كانت بمثابة إعلان انفصال رسمي بين أرتورو وإل تشابو، الذين بدأوا في حرب قصيرة لم تستمر طويلاً، بسبب قيام فريق من القوات الخاصة المكسيكية باغتيال أرتورو بوابل من الرصاص، في ديسمبر/كانون الأول 2009، بعد أن تعقبته وكالات الاستخبارات الأمريكية في مدينة كويرنافاكا.
وقد استخدمت القوات الخاصة المكسيكية في عمليتها 200 جندي من مشاة البحرية، ومروحية تابعة للبحرية، ودبابتين صغيرتين من الجيش.
ما مصير منظمة بيلتران ليفا؟
بعد وفاة القائد الأول بها حاول أشقاء أرتورو الحفاظ على المنظمة قائمة، ولكن الأمر لم ينجح، وبحلول نهاية العقد الماضي كان مُعظم أبرز أعضاء المجموعة إما مقتولين أو معتقلين.
فيما بعد ظهرت منظمة جديدة أطلق عليها اسم "باسيفيكو سو"، يُعتقد على الأرجح أنها مشكّلة من بقايا منظمة أرتورو بيلتران ليفا، برئاسة هيكتور بيلتران ليفا (شقيق أرتورو).
فقد تولى هيكتور أعمال العائلة بعد وفاة شقيقه، وكان يقاتل من أجل السيطرة على المنطقة رفقة "لا باربي"، الرئيس السابق لعمليات المنظمة.
وفي عام 2014، تلاشت المنظمة الجديدة، بعد اعتقال هيكتور في أكتوبر/تشرين الثاني، وفي عام 2018 توفي على إثر إصابته بأزمة قلبية في محبسه ونقل إلى مستشفى، في حين يقضي شقيقان آخران، ألفريدو و كارلوس، عقوبة السجن حتى يومنا هذا.