تعدّ معركة برونانبروه إحدى أهم المعارك الحاسمة في تاريخ إنجلترا والتي أنهت خطر غزو الفاينكج للجزر البريطانية.
ففي عام 793 م بدأت غارات الفايكنج على إنجلترا، ومنذ ذلك الوقت شرع ملوك إنجلترا التي كانت تعيش حالة انقسامٍ شديدٍ، في صدّ غزو الفايكنج الذي كان يهددها في كل لحظة، وبالفعل سارع أثيلستان ملك الأنجلو ساكسون الذين كانوا يستوطنون معظم وسط وجنوب إنجلترا إلى هزيمة الفايكنج في معركة يورك التي وقعت سنة 927، وهو الانتصار الذي مهّد لـ معركة برونانبروه إحدى أهم المعارك في تاريخ بريطانيا، والتي كانت سبباًً في توحيد إنجلترا وتشكيل الكيانات السياسية للجزر البريطانية.
بين خطر الفايكنج وانقسام ملوكها.. كيف كانت بريطانيا في وقت حدوث معركة برونانبروه؟
كانت بريطانيا منقسمة جداً في القرن الـ 10 الميلادي بين مجموعة من الملوك الذين كانوا يتقاتلون من أجل السلطة والنفوذ، فقد كان أقصى شمال بريطانيا، مقسماً إلى ممالك ألبا (بشكل رئيسي في اسكتلندا)، بقيادة قسطنطين الثاني، وستراثكلايد (جنوب غرب اسكتلندا)، كمبريا وأجزاء من ويلز، يحكمها أوين أب ديفنوال.
بينما حُكم شمال إنجلترا من قبل الفايكنج إيرلز، الذين حكموا أيضاً جزءاً كبيراً من أيرلندا تحت حكم الملك أولاف جوثفريثسون ملك دبلن، في حين سيطر الأنجلو ساكسون على معظم وسط وجنوب إنجلترا تحت حكم الملك أثيلستان، مع وجود العديد من المقاطعات الفرعية تحت سيطرته.
بعد انتصار أثيلستان في معركة يورك على الفايكنج، قبل الملك قسطنطين ملك اسكتلندا، والملك هيويل ددا من ديهوبارث، وإلدرد الأول ملك بامبورغ، والملك أوين الأول ملك ستراثكلايد، سيادة أثيلسان، وأصبح أثيلستان ملكاً على إنجلترا.
لم يتوقف Aethelstan عند توحيد معظم إنجلترا تحت سيادته، فزحف نحو أسكتلندا بجيشه في عام 934، وهناك رأى قسطنطين الثاني ملك أسكتلندا أنّ طموحات أثيلسان تهدد عرشه، فسارع إلى التحالف مع الممالك المجاورة من أجل لجم طموح ملك إنجلترا.
سارع قسطنطين الثاني إلى الزواج من ابنة أولاف ملك دبلن، وبالتالي التحالف مع الإسكندنافية في كل من أيرلندا ونورثومبريا، وكذلك مع سلتيك أوين ستراثكلايد، ومن خلال هذه التحالفات شكّل قسطنطين جيشاً كبيراً لمواجهة ملك إنجلترا أثيلستان.
في تلك الأثناء، كان خطر فايكنغ لا يزال في أوجه، وكان لابد من وقوع معركة كبيرة لحسم هذه التطورات السياسية في إنجلترا.
معركة برونانبروه.. الموقعة التي قُتل فيها خمسة ملوك
في عام 937م، بدأ جيش قسطنطين المشكل حديثاً في التقدم جنوباً إلى إنجلترا، من أجل إنهاء خطر أثيلستان المهدد لممالك أسكتلندا وأيرلندا وويلز، وفقاً لـ historyextra.
كان هذا الجيش بقيادة كلٍ من أنلاف جوثفريثسون ملك الفايكنج في دبلن، جنباً إلى جنب مع والد زوجته الملك قسطنطين الثاني ملك أسكتلندا.
وفي الوقت نفسه، تمكن أثيلستان من جمع الجيوش الأنجلو سكسونية بسهولة بسبب نجاحه في توحيد إنجلترا، وفي صيف عام 937، التقى الجيشان في قرية برونانبوره، في واحدة من أكثر المعارك دموية على الإطلاق تشهدها الأراضي البريطانية.
وصفت معركة برونانبروه في المصادر التاريخية البريطانية بأنها الحرب العظمى، وأنها إحدى أكثر المعارك دموية في تاريخ بريطانيا، فقد شهدت المعركة مقتل خمسة ملوك وسبعة قادة كبار في جيش الاسكندنافيين والفايكنج، أبرزهم ابن قسطنطين.
وحّدت إنجلترا، وشكّلت كيانات بريطانيا السياسية
من أجل إعطاء صورة قوية على جيشه، أمر الملك أثيلستان بترك قتلى الاسكندنافيين والفايكنج في معركة برونانبروه (Brunanburh) دون دفن في ساحة المعركة لتلتهمه الغربان. تشير بعض التقديرات إلى أن عدد قتلى الفايكنج والملوك أسكتلندا وايرلندا وويلز في هذه المعركة بلغ أكثر من 34 ألف قتيل في يومٍ واحد.
وعلاوة على كونه قاد أول جيش إنجليزي موحد في معركة برونانبروه، فإنّ الملك أثيلسان في الواقع أنشأ دولة جديدة بعد تلك المعركة هي إنكلترا، وذلك بعد توحيده لمملكتي الأنجلو ساكسون الرئيسيتين ويسيكس وميرسيا، وذلك وفقاً لموقع historic-uk.
ونتيجة للمعركة أيضاً، توحدت ممالك ألبا وستراثكلايد لتصبح مملكة اسكتلندا، كما قامت أيرلندا على أنقاض مملكة دبلن، في حين ضمت ويلز أجزاءاً من كمبريا، لتصبح الدول الأربع تعيش في سلام في ما بينها، وذلك بعد أن تزوّج ملك إنجلترا أثيلستان من ابنة الملك قسطنطين الثاني.