يعدّ جيسي جيمس أحد أشهر المجرمين واللصوص في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، فعلى الرغم من أنه قُتل في سنّ الـ34 سنة فقط قضى نصفها مطارداً من الحكومة الفيدرالية إلّا أنه شارك في السطو على العديد من البنوك، كما أنه اشتهر بكونه اللص الشريف الذي لا يسرق أموال الفقراء وعامة الناس، وفي بعض الأحيان يقوم بتوزيع غنائم سرقاته على العائلات الفقيرة حتى اشتُهر في وسط ولاية ميسوري باسم روبن هود الفقراء.
من مرتزقٍ في الحرب الأهلية الأمريكية إلى قائد أشهر عصابة لسرقة البنوك
ولد جيسي في مقاطعة كلاي بولاية ميسوري في 5 سبتمبر/أيلول 1847، كان والده روبرت جيمس قسيساً ومزارع قنب ومالك العبيد، كما أنه ساعد في تأسيس كلية ويليام جيويل في ليبرتي بولاية ميسوري، أمّا والدته فكانت زريلدا كول جيمس من ولاية كنتاكي.
سافر روبرت جيمس إلى كاليفورنيا للتبشير في معسكرات التنقيب عن الذهب، ومع ذلك، بعد وقت قصير من وصوله مرض ومات. غرقت زيريلدا وأطفالها -جيسي وأخوه الأكبر وشريكه المستقبلي في الجريمة فرانك وشقيقته الصغرى سوزان- في ضائقة مالية محفوفة بالمخاطر.
بعد زواج فاشل لفترة وجيزة من رجل ثري أكبر سناً، عادت زريلدا إلى مزرعة زوجها الأول مع أطفالها، وتزوجت مرة أخرى في عام 1855، وشرعت في إنجاب أربعة أطفال آخرين. وطيلة تلك الفترة كانت زريلدا الداعم القوي لجيسي وأخيه في بداية خروجهما عن الطريق.
عندما اندلعت الحرب الأهلية، شاهد الشاب جيسي شقيقه الأكبر فرانك يسير للقتال من أجل التمرد، خلال تلك الحرب، كانت ولاية ميسوري الحدودية موطناً للقتال المرير خلال تلك الحرب، فقد قتل الاتحاديون والكونفدراليون بانتظام السجناء والمدنيين على حد سواء في المدينة، ونهبوا الممتلكات والماشية، وأضرموا النيران في البلدات والمنازل.
قاتل فرانك جيمس مع حرس ولاية ميسوري المؤيد للانفصال في بداية الحرب، ثم سرعان ما انضم إلى عصابة من العصابات الكونفدرالية المعروفة باسم "صائدي الأدغال"، الذين نفذوا هجمات ضد المتعاطفين مع الاتحاد على الحدود.
في مايو/أيار 1863، أثناء وجوده في مزرعة عائلته، تعرض جيسي لكمين من قبل جنود الإتحاد الذين كانوا يبحثون عن شقيقه فرانك، فقاموا بتعليق زوج أمه على شجرة وتعذيبه من أجل إفشاء مكان فرانك وزملائه المتمردين.
أثّر ذلك المشهد على جيسي الذي وجد نفسه منضماً إلى شقيقه في الحرب، ففي أغسطس/آب من ذلك العام، وفي سن الـ16، لحق جيسي جيمس بشقيقه فرانك بصفته أحد أعضاء عصابة صائدي الأدغال، حيث انضم كلاهما إلى عصابة عنيفة بلا رحمة بقيادة ويليام "بلودي بيل" أندرسون.
في إحدى الجرائم التي ارتكبتها هذه العصابة في سبتمبر/أيلول 1864 في سينتراليا بولاية ميسوري، حيث كان جيسي لا يزال مراهقاً، تم ذبح 22 جندياً من الاتحاد كانوا غير مسلحين، و100 آخرين تم مطاردتهم وإعدامهم من قبل عصابة صائدي الأدغال. ساعدت هذه التجارب في تحديد الرجل الذي سيصبح عليه جيسي.
في نهاية الحرب، استسلمت معظم العصابات المسلحة، بما فيها عصابة صائدي الأدغال، لكن تعرض جيسي جيمس لإطلاق نار أصيب على إثره بجروح بالغة من قبل الجنود الفيدراليين بينما كانت الهدنة سائرة المفعول، قلبت حياة جيسي رأساً على عقب، وكانت نقطة الانعطاف نحو عالم السطو والجريمة.
جيسي جيمس.. اللص الذي تحوّل إلى روبن هود الفقراء
بعد تلك الحادثة، قرّر جيسي وشقيقه فرانك الاتجاه إلى عالم الجريمة، وبدأ حياته الإجرامية بحادث سطو كان يعتبر فريداً من نوعه آنذاك ويمثل نقلة وجرأة غريبة في عالم الجريمة بعد قيامه بالسطو على بنك أمريكا في 13 فبراير/شباط من عام 1866 وسرقته، فكان ذلك البنك هو أوّل بنك يتمّ سرقته في أمريكا، وذلك وفقاً لـhistory.
وعلى مدار العامين التاليين، أصبح الأخوان جيمس المشتبه بهما الرئيسي في العديد من عمليات السطو على البنوك في جميع أنحاء غرب ميسوري. ومع ذلك، كان السكان المحليون متعاطفين مع الأخوين جيمس، اللذين بدأت شهرتهما في اكتساح جميع أرجاء ولاية ميسوري، وما زاد من شهرة جيسي جيمس هو علاقته الوطيدة بالصحفي جون نيومان إدواردز، الذي كان يشتغل محرراً لصحيفة مؤثرة مؤيدة للكونفدرالية في ميسوري، والذي كتب مقالاتٍ عديدة عن جيسي جيمس يصفه فيها بشخصية روبن هود الذي يسرق أموال الأثرياء لإعطائها للفقراء.
مع ذلك، تم إعلان جيسي جيمس خارجاً عن القانون سنة 1866، وظلّ مطارداً لمدة 16 سنة.
خلال أواخر ستينيات وأوائل السبعينيات القرن الـ19، قامت عصابة جيمس بسرقة اثنين من البنوك فقط في العام، وسرعان ما بدأت في الغياب عن الأنظار.
في عام 1873، دخلت عصابة جيمس في لعبة سرقة القطار، خلال إحدى هذه السرقات، رفضت العصابة أخذ أي أموال أو أشياء ثمينة من الجنوبيين، وهو ما زاد من شهرتها؛ حيث وُصف جيسي جيمس باللص الشريف.
مع الشهرة التي بات يمتلكها، كان جيسي يعتقد أنه بعيد عن الاستهداف من قبل الحكومة، في سبتمبر/أيلول 1876 أراد جيسي جيمس وعصابته سرقة بنك في نورثفيلد، مينيسوتا.
خلال تلك السرقة لم يتسامح سكان المدينة مع عصابة جيمس، فقد قتلوا اثنين من اللصوص في ذلك الوقت، وهناك طاردوا الآخرين. في النهاية نجا جيسي وشقيقه فرنك فقط من المطاردة، لكنهما أُجبرا على العيش بأسماء مستعارة.
قتل على يد أعضاء عصابته من أجل 500 دولار
بعد قضاء بضع سنوات تحت هوية جديدة، أعاد جيسي تنظيم عصابة جديدة، وذلك بعد أن ضمّ كلاً من تشارلي وروبرت فورد إلى عصابته الجديدة، وشرعوا في مرحلةٍ جديدة من السطو على البنوك، ولم تمض سوى أشهر حتى عاد اسم Jesse James وعصابته لتصدر المشهد في أمريكا، إلى درجة أن أعلن حاكم ميسوري توماس كريتندن عن رصد مكافأة قدرها 30 ألف دولار لمن يقبض على جيمس حياً أو ميتاً، وفي نفس الوقت عرض جيمس مكافأة 50 ألف دولار لمن يقتل الحاكم توماس.
كان الوافدان الجديدان على عصابة آل جيمس يُكنان كرهاً وحقداً على قائدهما جيسي جيمس وينتظران الفرصة المناسبة للانقلاب عليه.
كانت تلك الفرصة عندما دعا جيسي أفراد عصابته لوجبة الغذاء في منزله، بينما كان جيسي، الذي كان يعيش في سانت جوزيف تحت الاسم المستعار "توماس هوارد "، غير مسلح ويعدل في صورة على جدار منزله، أطلق بوب فورد النار عليه عدة مرات في ظهره، ليرديه قتيلاً. ويفرّ فرود وتشارلي إلى حاكم ميسوري من أجل المكافأة، لكن الحاكم لم يعط قاتل جيسي جيمس سوى 500 دولار.
رغم ذلك، انتحر تشارلي فورد عام 1884، بينما قتل بوب فورد بالرصاص عام 1894 في صالون كولورادو.
تم استخراج جثته بعد قرن من الزمن للتأكد من وفاته
بعد وفاة جيمس، ظلت التكهنات قائمة بأنه زيّف موته وأن شخصاً آخر دُفن في قبره، وعلى مر السنين، ادعى عدة رجال مختلفين أنهم جيسي جيمس.
في عام 1995، سعى العلماء لحل مسألة من دُفن في قبر جيمس، واستخرجوا رفاته المفترضة من مقبرة جبل أوليفيه في كيرني بولاية ميسوري، حيث تم نقل الرفات في عام 1902 من موقع الدفن الأصلي في مزرعة عائلة جيمس إليها.
بعد إجراء اختبار الحمض النووي، خلص الباحثون إلى أن البقايا المستخرجة من القبر كانت على الأرجح تلك الخاصة بالخارج عن القانون جيسي جيمس.
كتب على شاهد قبره، "جيسي دبليو جيمس، توفي في 3 أبريل/نيسان 1882، يبلغ من العمر 34 عاماً، 6 أشهر، 28 يوماً، قُتل على يد خائن وجبان لا يستحق ذكر اسمه هنا".
ورغم إجرامه إلا أنه ظل أسطورة يتحاكى عنها الجميع لفترات طويلة، وقام الممثل الأمريكي براد بيت بتجسيد شخصية جيسي جيمس في فيلم بعنوان "اغتيال جيسي جيمس" صدر عام 2007.
وتدور أحداث هذا الفيلم حول قصة حقيقية في أواخر القرن الـ19 عن حياة أحد أكثر المجرمين الأمريكيين شهرة واغتياله بواسطة أحد أعضاء عصابته، وفقاً لما حدث مع جيسي جيمس.
منزل جيسي جيمس تحوّل إلى متحف ووجهة سياحية
يقع منزل عائلة آل جيمس في حي 1318 Lafayette Street بولاية ميسوري، على تل مرتفع يطل على Patee House. في عام 1939 تم تحويله إلى منطقة جذب سياحي، وفي 1977، اشترى السيد والسيدة روبرت كيتلي منزل جيمس، وتبرعا به لجمعية بوني إكسبريس التاريخية. تم نقل المنزل إلى حيّه الأصلي وهو اليوم يقع على أراضي متحف Patee House.