كشفت تقارير جديدة تفاصيل تتعلق بعملية اغتيال حاولت إسرائيل تنفيذها لتطال الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في تسعينيات القرن الماضي، ولكن تلك العملية لم تبُؤ بالفشل وحسب، بل أيضاً تسببت بخسائر كبيرة في صفوف الجنود المكلفين بالعملية.
عمليات اغتيال فاشلة نفذتها إسرائيل
صدام حسين ليس الشخصية العربية الوحيدة التي فشلت إسرائيل في اغتيالها، وإنما هناك العديد من الشخصيات والقيادات التي حاولت اغتيالها مرات عديدة، ولكنها باءت بالفشل جميعها.
1- صدام حسين
كشفت صحيفة الشرق الأوسط تفاصيل بقيت سرية طوال 30 عاماً، حول فشل الخطة الإسرائيلية لاغتيال الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وذلك في عام 1992.
وأضافت الصحيفة أنّ العملية فشلت بسبب خطأ بشري وتسببت بمقتل 5 جنود من الكوماندوز المكلف بتنفيذها إضافة إلى إصابة 5 آخرين.
أما سبب الفشل فيعود إلى خطأ ارتكبه المسؤول عن عملية إطلاق صاروخ خلال التدريب؛ إذ ضغط على الزر الذي يطلق الصاروخ الحي بدلاً من الصاروخ الكرتوني المخصص للتدريبات.
كما كُشف أنّ الجنود كانوا يجرون تدريباً واقعياً للعملية، وكان أحد الجنود يمثل دور صدام حسين بحيث يقف في مكان ما ويلوِّح بيديه للجمهور على طريقة الرئيس العراقي، وكان من المفترض أن يطلق عليه صاروخاً كرتونياً، لكنه تفاجأ بصاروخ حقيقي يتجه نحوه، ولكنه استطاع النجاة في الثواني الأخيرة بعد سقوط الصاروخ بالقرب منه.
وبسبب نجاة الجندي الذي مثَّل دور صدام حسين، تقرر أن العملية فشلت مرتين وليس مرة واحدة، الأولى بسبب الحادث الذي وقع، والثانية لأنه حتى لو تم تنفيذ العملية بخطواتها المقررة لكان صدام قد نجا كما نجا الجندي في التدريبات.
هذه التفاصيل تمّ الكشف عنها في مسلسل وثائقي على قناة "13" الإسرائيلية، والمكون من 8 حلقات، مدة الواحدة منها 4 ساعات، وتتحدث حول وحدة الكوماندوز النخبوية في الجيش، وتسمى "دورية رئاسة الأركان"، التي باتت معياراً لتربية قادة عسكريين وحتى سياسيين في إسرائيل.
كما ورد في المسلسل أنّ هذه الخطة تم إعدادها في العام 1991، من قِبل رئيس أركان الجيش حينها إيهود باراك ومن دون معرفة رئيس الوزراء إسحق شمير، وذلك في نية الانتقام من صدام الذي كان قد أطلق صواريخ "سكود" على تل أبيب وحيفا ومحيطهما مطلع العام 1991.
2- محمد الضيف
على مدار ثلاثين عاماً، فشلت إسرائيل في اغتيال القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف في غزة، حيث حاولت التخلص منه في أكثر من طريقة، ولكنها فشلت فيها جميعها، إذ نجا من سبع محاولات اغتيال تراكمية على مر السنين ولا يزال حياً حتى يومنا هذا.
تقارير متعددة أحدها لصحيفة نيويورك تايمز نقل عن جيش الاحتلال الاسرائيلي اعترافهم بأنهم حاولوا اغتيال الضيف عدة مرات كونه على رأس المطلوبين لديها منذ نحو 3 عقود، ولكنها فشلت فيها جميعها.
وأضاف التقرير أنّ الكوماندوز الإسرائيليين اقتربوا من اغتياله عدة مرات على مر السنوات، وأنّ محمد الضيف تعرض لإصابات عديدة من محاولات الاغتيال التي تضمنت بما في ذلك نصب كمين وتفجير منازل آمنة كان يقيم فيها وإطلاق صواريخ على سيارته، لكنه كان ينجو في كل مرة.
وخلال تلك المحاولات، فقد محمد الضيف إحدى عينيه وإحدى يديه، وأصيب بأضرار عصبية بشظايا، وأضرار في سمعه ورجله، حتى إنه فقد زوجته وداد (28 عاماً) وابنهما الرضيع (علي) عندما ألقت الطائرات الحربية الإسرائيلية 5 قنابل على منزل في حي الشيخ رضوان في غزة كانت إسرائيل تعتقد أن محمد الضيف موجود داخله.
ووفقاً لما ذكرته وكالة أنباء الأناضول، فإنّ إسرائيل تطارد "الضيف"، منذ بداية حقبة التسعينيات من القرن الماضي، لكنها لم تنجح في الوصول إليه.
ووُلِد الضيف عام 1965 لأسرة فلسطينية لاجئة، في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة.
وانضم باكراً لحركة "حماس"، التي تأسست نهاية عام 1987، واعتقلته إسرائيل عام 1989، خلال ضربة واسعة وجهتها لحركة حماس، وقضى 16 شهراً في سجونها موقوفاً دون محاكمة، بتهمة العمل في الجهاز العسكري الأول لحماس.
وبعد خروج الضيف من السجن، كانت كتائب الشهيد عز الدين القسام بدأت تظهر كتشكيل عسكري، وكان الضيف من مؤسسيها وفي طليعة العاملين فيها، وبدأت قوات الاحتلال في ملاحقته، عام 1992، ولم تنجح في الوصول إليه حتى الآن.
3- بسام أبو شريف
بسام أبو شريف، أحد المستشارين السابقين للراحل للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وأحد مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وصاحب وثيقة أبو شريف حول السلام، هو أيضاً كان واحداً من الأشخاص الذين فشلت إسرائيل في اغتيالهم.
بما أنّ أبو شريف كان شخصاً شغوفاً بقراءة وتأليف الكتب، وجدت إسرائيل من ذلك وسيلة لاغتياله عن طريق إرسال كتاب ملغوم له، ينفجر بمجرد فتحه.
في 25 يوليو/تموز 1972، أرسل الموساد الإسرائيلي كتاباً، مفحوصاً من أجهزة وزارة الاتصالات اللبنانية، ومختوماً من وزير المواصلات، إلى مكتبه في مجلة الهدف الفلسطينية في العاصمة اللبنانية بيروت.
كان أبو شريف واقفاً أمام طاولة مكتبه، وبمجرد أن فتح الكتاب انفجر بين يديه، ليصاب بجروح بالغة، خسر خلالها 4 من أصابعه وإحدى عينيه، وجزءاً كبيراً من سمعه، ولكنه بقي على قيد الحياة حتى يومنا هذا.
ولبسام أبو شريف العديد من المؤلفات منها: (أوراق أيلول، ياسر عرفات، بنيامين نتنياهو الصعود والهبوط، بيروت مدينتي، عرفات وحلم فلسطين، الموهوب غسان كنفاني، وحصار بيروت).
4- خالد مشعل
تعتبر محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل من أشهر محاولات الموساد الإسرائيلي التي فشل في تنفيذها.
وبدأت القصة في 25 سبتمبر/أيلول 1997، عندما استهدف الموساد الإسرائيلي وبتوجيهات مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشعل من خلال 10 عناصر من جهاز الموساد قاموا بالدخول إلى الأردن بجوازات سفر كندية مزورة، وتم حقنه بمادة سامة أثناء سيره في شارع وصفي التل في عمّان.
واكتشفت السلطات الأردنية محاولة الاغتيال، وقامت بإلقاء القبض على اثنين من عناصر الموساد المتورطين في العملية.
وطلب العاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال من رئيس الوزراء الإسرائيلي المصل المضاد للمادة السامة التي حُقن بها خالد مشعل، وإلا سيتم إلغاء اتفاقية السلام (وادي عربة)، ليتم بعدها تسليم المصل المضاد لعمان على الفور، وتم إنقاذ مشعل.
بالإضافة لذلك، أطلق الأردن سراح عملاء الموساد، مقابل إطلاق سراح الشيخ الراحل أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، والذي كان محكوماً بالسجون الإسرائيلية مدى الحياة.
ويُعتقد أنّ مادة السم التي حقن فيها خالد مشعل كانت من نوع "Levofentanyl" التي تعتبر واحدة من أخطر المواد السامة وأكثرها تطوراً، إذ تجعل من يتلقى جرعة منها يشعر بالإعياء طوال اليوم ومن ثم يبدأ يدخل الغيبوبة وصولاً إلى الوفاة.